أرجع نائب رئيس جمعية التشكيليين الفنان والناقد محمد المنيف أسباب فشل الجمعية في الدورة السابقة بشكل أساسي للقصور المادي الناتج من عدم اعتماد وزارة الثقافة والإعلام لميزانية ثابتة للجمعية، مضافًا إلى ذلك جهل المنتمين للجمعية بثقافة التصويت والترشيح، بما أوقعها فيما عانته من انتخابات المجالس البلدية من ميول شخصي أو قبلي.. عازيًا قلة نشاط الجمعية إلى الازدواجية في التعامل مع الفن التشكيلي بين ثلاثة قطاعات أو مؤسسات: جمعية التشكيليين وجمعية الثقافة ووكالة وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية.. نافيًا أن تكون بينه وبين زملائه في المجلس أو فناني الرياض أي خلافات شخصية، وإنما هي اختلافات في وجهات النظر فقط.. عمر قصير * برغم استبشار الفنانين خيرًا بتأسيس جمعية التشكيليين فإنها لم تحقق أحلامهم وأمنياتهم.. فما السبب؟ - في سؤالك حبكة مهنية لا تخلو من الذكاء، سأتجاوزها بالوقوف عند عبارتك (لم تحقق أحلامهم وأمنياتهم) لأكمل بأن تحقيق مثل هذه المطالب لا يمكن أن يتم بين ليلة وضحاها، خصوصًا أن المجتمع التشكيلي - كما تعلم وترصد خلال خبرتك الصحافية - مجتمعًا متفرق المواقع، ومتعدد الرغبات، ويطمع بقدر طموحه بالكثير لتحقيق النجاح لهذا الفن، ولهذا ومقارنة بعمر الساحة التشكيلية التي لم تصل إلى مرحلة تسميتها بالحركة أو التاريخ الطويل إلا أنها خطت وتخطت مراحل البدايات إلى إثبات الذات، فكيف للجمعية وبهذا العمر الصغير الذي لم تتجاوز فيه الحبو إلى السير على قدميها وفي ظل عدم فهم الجميع لكيفية تمويلها مع ما يحلم به البعض في وقت لم تعتمد فيه وزارة الثقافة والإعلام ميزانية ثابتة للجمعية، وأن بالإمكان الاعتماد على القطاع الخاص الذي يبحث بدوره عن مقابل قد لا يجده في الجمعية أو لم يعد في حاجة للإعلام عنه أو التشهير به، ومع ذلك فإن الأيام القادمة وبما تحمله من آمال أن تعقد الجمعية العمومية ويتم التصويت على الأسماء الجديدة تدفعنا إلى أن نستشرف المستقبل ونزيد من مساحة الحلم ومساحة الأمل في تحقيقه. جهل بثقافة التصويت * في ضوء ما تقول.. وما أبرز العقبات التي واجهت أعضاء مجلس إدارة الجمعية؟ - مع أنني لا أرغب في الحديث عن الجمعية تاركًا الحديث عنها للمجلس الجديد، ولوكالة الشؤون الثقافية؛ إلا أن هناك بعضًا من القضايا التي اختلف في فهم كيفية التعامل معها، وكما أشرنا سابقًا أن الجانب المادي مهم جدًّا أمام هذا الكم الكبير من التشكيليين على مستوى المملكة، إضافة إلى أننا وبشكل عام وفي مختلف الجمعيات الخمس ما زال المنتمون إلى تخصصاتها يجهلون ثقافة التصويت والترشيح، ووقعنا فيما تحاول تفاديه المجالس البلدية من ميول شخصي أو قبلي يمثله الميول إلى الجماعات التشكيلية أكثر منه اختيار للأفضل ولمن لديه القدرة على إدارة المجلس والجمعية، وقد يكون هذا التعامل وقصور ذلك الفهم أحد ابرز أسباب فشل المجلس السابق. هجوم وضبط نفس * قدمت استقالتك أكثر من مرة ويتم رفضها فلماذا الإصرار عليها.. وما أسباب الخلاف بينك وإدارة الجمعية؟ - تقدمت باستقالتي لأفسح المجال لآخرين كانوا متحفزين ومستميتين للدخول إلى المجلس، شنوا حملات كبيرة في مجالسهم ومنتدياتهم وفي الصحف على المجلس أو الهيئة الإدارية بأنهم غير صالحين ومشكوك في قدراتهم التي كبّلت بكثير من الظروف، وتوقعي أن في انضمامهم إلى الهيئة وللمجلس ما قد يفيد الجمعية، معتبرًا ما جاء منهم عن حسن نية واندفاع مبعثه حب الجمعية وخدمة التشكيليين، لعلنا نرى منهم أعضاء في المجلس الجديد، ونسعد بقدراتهم، وبما يتوقعون من امتلاكهم (الكاريزما) التي ستجمع كل التشكيليين حول الجمعية. أما عن وجود خلافات في المجلس فلا أعتقد أن لهذا الخبر أي مصداقية، وأرجو أن تتحققوا لئلا تصيبوا البقية بجهالة، لقد كانت اجتماعاتنا مفتوحة للحوار والاختلاف الذي لم يكن يفسد القضية أو العلاقات، وما زالت علاقاتنا جيدة مهما فرقتنا المسافات، وتجربة المشاركة في المجلس زادت وقربت من علاقاتنا التي أجزم أنها لن تتغير، فالجميع فنانون مبدعون قدموا خلال مسيرتهم الطويلة الكثير من التفعيل للساحة وما زالوا كذلك في خدمة الفن عامة والجمعية على وجه الخصوص كلٌّ في موقعه، وما بدر من بعض الأعضاء تجاه المجلس فهو رأي يحتمل القبول أو الرفض ولهم الحق بإبدائه، مع أن المفترض أن تبقى مثل هذه الأمور العادية والتي تحدث بين مختلف المجالس في حدود أبناء الأسرة الواحدة مع أن ما قيل ويقال لن يغير نظرة الود بينهم ولهذا لم تقم الهيئة بأي رد أو تصعيد حفظًا للعشرة والعلاقة التي اشترك الجميع فيها بقيادة تأسيس الجمعية التي لا يختلف عليها عاقل.. جمعية معلّقة * إلى أي سبب ترجع قلة نشاط الجمعية؟ - هذا السؤال تجد إجابته في سياق الإجابات السابقة، مضيفًا أن هناك ازدواجية في التعامل مع الفن التشكيلي بين ثلاثة قطاعات أو مؤسسات جمعية التشكيليين وجمعية الثقافة ووكالة وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية، فجمعية الثقافة لديها ميزانية، والشؤون الثقافية كذلك، وتبقى جمعية التشكيليين معلقة لا هي مع هذه أو تلك، والفنانون يتلقون الدعوات من كل حدب وصوب دون تفعيل وجمع للجهود في جمعية التشكيليين المتخصصة، وهذا جزء من المشكلة إذ كان المفترض تسليم كل هذه المناشط والمهام للجمعية وبذلك سترى نشاطًا مختلفًا واهتمامًا أكبر من قبل التشكيليين. اتهام مردود * هناك من يتهم الرئيس ونائبه بالانفراد بالقرارات في الجمعية.. فما ردك؟ - أشهد الله على ما أقول إننا في الهيئة الإدارية مع قلة النشاط وعدم إقرار ميزانية للفعاليات التي اتفق عليها من قبل أعضاء المجلس لم نكن نقر أي أمر دون رأي الجميع في الاجتماعات الدورية التي كنا نقيمها كل شهر تجاوزت الاثني عشر اجتماعًا توقفت بعد أن قلّت الموارد والدعم مع أن اغلبها كان بدعم من الوكالة وقت وجود الدكتور عبدالعزيز السبيل ومن هنا بدأت الأمور تأخذ منحًى آخر، ولم يعد لدى الهيئة الإدارية غير أنشطة تقيمها إدارة النشاطات بالوكالة بالتعاون مع الجمعية كموقع للفعاليات وليس دعمًا، وهذا ما كانت الهيئة تقره دون الرجوع للمجلس باعتبارها موافقات للتعاون وليس إقرارًا لمشروع، أما عن التفرد فلك أن تسأل البقية من أعضاء الهيئة التي تحملت كل الصدمات فقد كنا ندفع فواتير اتصالاتنا المطولة بين بعضنا البعض عند التشاور حول موضوع أو فعالية أو محاولة إيجاد حلول. وللأسف إن البعض كان يعتقد أن أعضاء الهيئة آتون من كوكب آخر ليسوا زملاء أو أصدقاء مجال واحد سعوا وساهموا وأسسوا الساحة التشكيلية في وقت لم تكن فيه الفنون التشكيلية كما هي الآن. بحث عن الأخطاء * برأيك ماذا ينقص الجمعية حتى تقوم بدورها على أكمل وجه؟ - القادم بيد الله؛ ولكن إن كان البعض ممن همهم البحث عن الأخطاء مهما كانت صغيرة كما يعرف عنهم سيستمر مع أعضاء المجلس الجديد بوضعه تحت المجهر بشكل مرهق ومؤذٍ بتصاريح وتعليقات واتهامات دون منحهم الفرصة الأطول لتقديم العمل الذي يطمح ويطمع إليه الجميع ودعمهم بالتشجيع والتحفيز فستعود الجمعية إلى الصفر وقد تلجأ الوزارة إلى تعيين مجلس لا يعلم إلا الله متى يحل أو يستبدل.. تجاهل التجريح * رغم مساهماتك في مجال الصحافة التشكيلية والنقد الفني منذ حوالى 30 عامًا إلا أنك لم تسلم من النقد والهجوم.. فما الأسباب؟ - لقد تجاوزت الثلاثين عامًا من العمل الصحافي، ولي الشرف أن أواصل هذا الركض معك ومع من فرغوا أنفسهم لخدمة الساحة على حساب حضورهم التشكيلي كإبداع ومشاركات ومعارض، مع ما أسعد به في المشاركة في تأسيس الساحة بمعارضي الشخصية ومشاركات محلية ودولية، وأعتقد أن هذا المحصول المشرف بدعم من كبار المسؤولين ومن التشكيليين ومن الصحافة التي لا أنسى هنا أن أقدم الشكر لأستاذي ومعلمي في هذا المجال الأستاذ خالد المالك محب وعاشق الفن التشكيلي الذي منحني هذا الشرف، هذا كله جدير بأن يكون ردًّا على أي نقد غير هادف أريد منه التقليل من حق الأشخاص أو سعيًا للتسلق على الأكتاف، فلولا قيمة من يوجه له النقد لما كان النقد، وثق أنني أقرأ وأتابع ما يقال مكتشفًا أن ما أراه من نقد (بمفهوم التجريح) لا يشكّل رقمًا أمام ما تحظى به جهودي المتواضعة محليًا وعربيًّا سعدت فيها بدعوات رسمية في كثير من المناسبات والفعاليات التشكيلية العربية جمعتني بقامات النقد والفن العربي. ميل للإبداع الحقيقي * هل تحابي في كتاباتك ونقدك بعض الأسماء على حساب أسماء أخرى؟ هناك فرق بين الميول الشخصي وبين القناعة بالإبداع؛ ولهذا فأنا أميل إلى من أرى ويرى فيهم المتابعون والنقاد سمات الإبداع الحقيقي وليس الحضور العابر المبني على الهواية أو حب التشكيل فقط، والفنان الحقيقي يفرض نفسه ويفرض عليك الاهتمام به. جفوة أخيرة * وما أسباب خلافك مع بعض فناني الرياض؟ - لا أعلم من تعني؛ فعلاقتي بمن بدأنا معًا في الانطلاقة الأولى للفن التشكيلي في الرياض ما زالت متميزة حفاظًا على ما تشاركنا فيه من تحمل لرسم خط هذا الابداع والتعريف به، وإن كان هناك اختلاف في وجهات النظر فالأمر ينتهي بانتهاء ما اختلف عليه، ولا أختلف معك في أن هناك بعض الجفوة من البعض حدثت مؤخّرًا قد تكون لها أسباب أو مسببات أو (متسببين)، والكيس من دان نفسه. قضية أزلية * بعامة.. لم يضيق صدر الفنانين من النقد؟ - تعلم أن قضية الفجوة بين النقاد والمبدعين كبيرة وأزلية، لم يكن فيها هذان الطرفان متلاقين أو متفقين في مختلف أقطار الأرض؛ فالمبدع يرى أن الناقد يقلّل من قيمته، ولهذا يحاول مهاجمته واتهامه بالجهل وأن ما يقوله الناقد خلاف ما يظهر به العمل، إلى آخر المنظومة.. ولهذا فما يمارس من كتابات تشكيلية على المستوى العربي كما أتابع والتقي بنقاد روّاد قليل ما يلامس أبعاد العمل الفني الموصلة للتحليل التقني في بناء اللوحة أو المنحوتة خوفًا من رد الفعل الذي قد يصيب الفنان بالإحباط ولهذا يلجأ الكاتب أو المحلل إلى الوصف أو الانطباع مع ما يمكن أن يضيفه من تلميح لجوانب فيها قصور. أما عن ساحتنا المحلية فهناك مدللون تعودوا على المديح ولم يعد لديهم القدرة على تحمل النقد وهناك غير الفنانين وجدوا في الساحة مساحة للحضور الاجتماعي والوجاهة الثقافية يعلمون أن النقد يكشف حقيقتهم، وكلتا الفئتين تحارب النقد أو الكُتّاب التشكيليين.. سيادة شبابية * من واقع متابعتك كيف ترى الساحة التشكيلية السعودية؟ - الساحة التشكيلية الآن (شبابية) مئة بالمائة، وعلى التشكيليين السابقين وأنا منهم الاحتفاظ بدورهم والحضور ولو قدر المستطاع للحفاظ على تاريخهم الذي بدأ يخبو في ظل الحضور الكبير من الأجيال الجديدة، ففي حضورهم ربط بين التجارب والخبرات، وعليهم أيضًا إيجاد قواسم مشتركة بين مختزلهم وخبراتهم وبين ما يحدث من نزعات غريبة وجديدة لإبقاء الكثير منها، وبهذا يمكن أن يكون حضور التشكيليين المخضرمين نوعًا من تهدئة ذلك الاندفاع الشبابي الذي نأمل أن يكون له نهاية تؤكد خصوصيتنا وهويتنا فكرًا وتقنيات، شكلًا ومضمونًا.. وتأتي أبرز الأسباب في وجود الثورة المعلوماتية وسبل التواصل لاكتشاف ومعرفة جديد الساحة.