كان المؤمل أن يسدل الستار أمس الأول عن فصل مؤسف من فصول الأزمة اليمنية، وأن يضع توقيع الرئيس اليمني علي عبدالله صالح على المبادرة الخليجية حدًا لتلك الأزمة بما نصت عليه من آلية متوازنة للانتقال السلمي للسلطة في البلاد، وهو ما كان من شأنه أن يتيح للشعب اليمني الشقيق الاحتفال بالتوقيع على المبادرة وأيضًا الاحتفال بذكرى الوحدة التي تصادف تزامنها مع موعد الاحتفال بالتوقيع الذي كان ينتظر العالم أن يتم في غضون ذلك، قد يعني إضاعة فرصة لتجنيب اليمن المزيد من حالة الغليان والفوضى وإراقة الدماء. تراجع الرئيس اليمني عن التوقيع على المبادرة بعد أن وقعت عليها أحزاب المعارضة وحزبه والأحزاب الصغيرة الموالية له، يبقي على الأزمة ويقلص فرص التسوية ويفتح الباب أمام احتمالات لا يريدها من يحبون اليمن وشعبه ويتطلعون إلى استقراره ورفاهيته وهو ما يعني احتمال استمرار الأزمة وحالة الفوضى وعدم الاستقرار إلى أجل غير مسمى، مع إمكانية تفاقمها بكل ما يحمله ذلك من مخاطر المزيد من تدهور الوضع الأمني والاقتصادي، ووضع اليمن أمام المجهول، إذ يضع هذا الرفض الرئيس اليمني في مواجهة مباشرة مع المجتمع الدولي الذي دعم المبادرة الخليجية واعتبرها الإطار الأمثل لإخراج اليمن من أزمته، خاصة بعدما هددت المعارضة اليمنية بتصعيد الضغط على الرئيس كي يتنحى بعد رفضه التوقيع واتهامها له في الوقت نفسه بمحاولة إفشال المبادرة. إبداء دول مجلس التعاون خلال اجتماع وزراء خارجيتها الأحد التزامها بمساعدة اليمن للخروج من الأزمة رغم رفض الرئيس صالح التوقيع على الاتفاقية، يؤكد على تمسك المجلس بالمبادرة، وتطلعه نحو إنهاء تلك الأزمة، والعمل على إزالة العوائق التي تقف ضد التوقيع النهائي على الاتفاق الذي يعتبر الخطوة الأولى نحو إعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع اليمن. فما يعني دول مجلس التعاون هو التوصل إلى تسوية تكفل استقرار اليمن وتلبي طموحات شعبه وتتجاوب مع تطلعات المنطقة بأسرها إلى تعزيز عوامل الاستقرار، من أجل التفرغ للتنمية والبناء، فكل يوم يمر دون تسوية يجعل استعادة الاستقرار أملا أبعد مدى و أعلى كلفة.