كلمات غريبة لشباب لغتهم الأم هي "العربية" عندما يقومون بكتابة بعض الجمل الإملائية، فإننا أصبحنا نرى فضائح كبرى، وكأنه طفل بدأ يتعلم الكتابة والإملاء، أو أنها لشخص يتعلم اللغة العربية ولا يجيد نطقها، بعض هذه الكلمات قد تنم بأن أولئك الشباب لا يفقهون شيئًا عن العربية أو أنهم لم يكملوا دراسة المرحلة المتوسطة. "الرسالة" ناقشت الأمر مع المختصين في هذا الجانب للحد من هذه الظاهرة المنتشرة وبكثرة، فكان التالي: قضية تربوية بداية أوضح الشيخ علي حريصي أن الضعف اللغوي الذي نراه الآن في شبابنا وفتياتنا ممن تجاوزن سن ال 25 يعود في المقام الأول لضعف التربية منذ الصغر، ويقول: كثير من شبابنا الحالي عندما يكلَّف بكتابة قطعة إنشائية، فإننا نجد أخطاء إملائية "فظيعة" يندي لها الجبين، وللأسف فإن تلك الأخطاء تخرج من شباب أصلهم عربي أبًا عن جد، ويقيمون في الدول العربية، ويتعلمون بمدارسها. ومما يؤسف له أن بعض الأجانب الذين لا يتحدثون العربية كلغة أم وإنما عن طريق الاكتساب اكتسبوها وتعلموها ببراعة، بخلاف شبابنا اليوم الذي لا يعرف كيفية كتابة جملة "حيَّ على الصلاة" فنجده يخطئ في هذه الكلمات الثلاث، وهي في جملة واحدة، فقد قرأت بأن أحدهم كتب "حيا علي الصلاه". واستطرد حريصي قائلًا: البعض قد يتساهل في مسألة ضعفه الشديد باللغة، ويجزم بأنها ليست قضية مهمة، وإنما المهم بحد تعبيرهم هو التخصص الدقيق دون مراعاة بأن اللغة العربية هي لغة القرآن، التي يتساهلون في أهميتها ولا يعطونها حتى نصف حقها أو ربعه. وطالب الحريصي بتعليم أبنائنا الكتابة الصحيحة منذ الصغر، وألا يقتصر الأمر على مادة "الإملاء"، وإنما على جميع المعلمين في جميع التخصصات أن ينبهوهم على أخطائهم الإملائية، كما يعلمونهم حسن الخلق والأدب، فهذه رسالة للجميع وليست مقصورة على فرد معين أو مدرس مختص بهذا الجانب، فاللغة يستخدمها الجميع ولا بد من إتقانها على أكمل وجه. منوهًا بأن هناك عدة كلمات منتشرة بين الشباب يكثرون من الخطأ فيها أمثال كلمة "هذا، ذلك، قراءة، المنزل، أنتِ، أنتَ" فنجدهم يكتبونها هكذا " هاذا، ذالك، قرأة، ألمنزل، إنتي، أنتا"، مسترسلًا بأنه يجب علينا توعية الشباب بأهمية اللغة وأن المرء الذي لا يجيدها إن كان أصله عربي فهو قد حكم على نفسه بأنه إنسان بلا هوية، وضعفه في لغته الأم دليل على عدم ثقته في أمته. ضعف عام أما المختص الاجتماعي والتربوي الأستاذ فيصل المالكي فيشير إلى أن ضعف الشباب في اللغة العربية يعود منذ أساسه للصغر، فالأخطاء التي نجدها وسط الشباب تعتبر دليلًا واضحًا وجليًا أمام أعين الناس على أن لغتهم منذ الأساس ضعيفة، وأن تعلميهم لم يكن بتلك الدرجة الجيدة سواء في اللغة العربية أو غيرها، وما يثبت ذلك هو أنهم لو تعلموا بقية المواد بشكل متقن لأتقنوا العربية مباشرة، ولكن ضعفهم في اللغة يبين ضعفهم في جميع المجالات الأخرى. وقال: أهم وسائل التربية للشباب تكون بالنصح المحبب وليس بالتلقين وحفظ القطع الإملائية، وقد يبرر الشباب بأنه لا مشكلة لديهم في الكتابة الخاطئة إذا قامت بإيصال المعلومة، متناسين بأنهم بحكمهم هذا أثبتوا أنهم يصنفون من فئة "الجهلاء" الذين يتفاخرون بعدم معرفتهم لأبسط الأشياء التي لا تحتاج لأي تفكير وأصبحت شيئًا بديهيًا، فالشخص الذي يعتقد بعدم فائدة اللغة هو جاهل لا يرى نفسه إلا على صواب بخلاف المتعلم، الذي كلما زاد علمه عرف أنه جاهل بالكون. وأضاف المالكي بقوله: الشاب الذي يجد صعوبة في كتابة الكلمات العربية عليه الإكثار أولًا من قراءة المجلات الترفيهية والجرائد، ثم التوجه للكتب النافعة والمفيدة وتدريجيًا خلال أقل من 6 أشهر سيجد أنه تغلب على عيبه الذي كان يشعر به وهي أخطاؤه الفادحة في اللغة العربية، وهذا الأمر يجب على الجميع الحذر والانتباه منه لأن هذه الأخطاء سهلة التصحيح، ولكن من يقع فيها يثبت أنه جاهل كبير. وخبير لغوي يؤكد تفشي الظاهرة في الجامعات ومن جانبه يقول عميد كلية اللغة العربية بالجامعة الإسلامية الدكتور عبدالرزاق الصاعدي: إن حال اللغة العربية في زماننا هذا لا يسر، ولا يبشر بخير، فما نراه اليوم ونعيشه ليس ضعفًا لغويًا، بل هو انحدار مخيف للذائقة اللغوية وفساد تام لسليقة المتكلمين من أبناء العربية، فليس للعربية الفصحى وجود على ألسنة المتكلمين في الشارع العربي بعامة، ولكن قد نراها تظهر خجولة على ألسنة بعض المثقفين والإعلاميين في المواقف الرسمية ونشرات الأخبار والبرامج الإعلامية الرصينة، ومن المؤلم أن نرى لغتنا ضعيفة ركيكة على ألسنة المتخصصين فيها من طلاب الجامعات في الأقسام اللغوية، فطالب الجامعة اليوم يتحدث باللغة العامية الركيكة الملحونة، ويحاور ويناقش بها، فإذا كتب حاول أن يتفاصح فيأتي بالعجب العجاب، من عجمة وركاكة ولحن، وبعد ذلك نرى سوء الخط وفساد الإملاء مما كنا في أزمان خلت نعده عيبًا شنيعًا على طالب المرحلة المتوسطة والثانوية، ولكننا اليوم تعودنا على هذا البلاء في المراحل الأعلى ومنها المرحلة الجامعية، فالطالب الجامعي اليوم لا يعرف من العربية الفصحى إلا اسمها، أقول هذا لأني عايشت طلاب الجامعة، ورأيت الضعف اللغوي يمشي على قدمين، فكثير منهم ربما لا يميز الاسم من الفعل، ومن الطرائف أن طالبًا على وشك التخرج من كلية اللغة العربية، طلب منه أستاذ النحو أن يعرب جملة (الصلاةُ جامعةٌ) فأجاب لله دره بأن (الصلاة) فعل مضارع!! و(جامعة) فاعل!!.. ومثل هذا كثير. ويؤكد الصاعدي أن اللغة العربية تعيش في أضعف مراحلها، ويجب أن يكون للمؤسسات الأكاديمية في الجامعات وقفة فاعلة لمعالجة تدهور لغتنا على ألسنتنا، ولعلها تبدأ بإصلاح المناهج، وطرائق التدريس، وتسعى لعقد مؤتمرات ونداوات متخصصة لتقديم دراسات وتوصيات يؤخذ بها، مع تفعيل أسلوب القدوة اللغوية الحسنة في أروقة الجامعات والعودة لأسلوب المشافهة اللغوية، واعتماد أسلوب الحوار في التعليم بين الطالب وأستاذه، والتحفيز على التحدث بالفصحى في أروقة الدروس اللغوية على الأقل، والحث على حفظ النصوص الفصيحة بدءا بالقرآن الكريم والحديث النبوي الشريف والشعر العربي الفصيح، واستحداث مادة (تقويم) وشباب يطالبون بعلاج المشكلة عبر دورات خفيفة ومرحة!! واستوضحت "الرسالة" بعض الشباب عن السبب في تردي مستوى اللغة العربية عند بعضهم فأجابوا بما يلي: قلة الكتابة بداية يوضح الشاب سعد الرحيمي أن المشكلة التي نراها الآن تعتبر كبيرة، ويعود ذلك لأن الشاب لم يعط التعليم حقه سواء في المرحلة الابتدائية إلى المرحلة التي وصل بها، فهؤلاء الذين يقعون في مثل هذه الأخطاء الإملائية في الأساس هم قليلو الكتابة، وإن أرادوا التخلص من مشكلتهم التي يعانون منها فعليهم بالقراءة أولًا ثم الكتابة، وعلى القائمين على التعليم أن يقوموا بعمل دورات وجلب مدرسين مختصين في هذا الجانب. اختلاف القدرات من جانبه أوضح الشاب مؤيد الشميمري أن المسألة هنا تعود لتاريخ قديم والمشكلة لم تأت على غفلة، فقدرات الناس تختلف من شخص لآخر ومعرفتهم لبعض الأمور أيضا تختلف من شخص لآخر، ولكن من المفترض على المعلمين في المدارس مراعاة هذه النقطة عند الطلاب، وليس معلم اللغة العربية فقط، وإنما أي معلم يتم التواصل معه من خلال الإملاء، وعلى الجميع تقديم النصيحة. التعليم بالمرح أما الشاب سعد القرني فقد عبر بأن لكل امرئ تخصصه الذي يفترض أن يجيده ويتقنه، ولكن اللغة العربية ينبغي أن تكون قاسمًا مشتركًا بين الكل، ولكن ما نراه من وقوع البعض في أخطاء ساذجة فهذه "طامة" كبرى وللأسف أصبحنا نراها في كثير من الناس، وعلينا الحذر والانتباه منها بجلب دورات في المدرسة تكون بطريقة جميلة ومحبوبة من قبل الشباب وليست كالحصص العادية.