* في مجتمعنا، يقف العقل حائرًا في أوقات كثيرة؛ نتيجة لسلوكيات غريبة، وعقليات أغرب! من تلك الحالات بطالة الشباب السعودي من الجنسين، التي تزداد أرقامها يومًا بعد آخر. ووجه الغرابة وحيرة العقل أن ثلث سكان المملكة العربية السعودية هم من العمالة الأجنبية، التي تصل إلى قرابة التسعة (9) ملايين نسمة. * هذا الرقم يمتد في وظائف بامتداد أفقي ورأسي لكل أنواع وأشكال المهن والتخصصات المجتمعية، بدءًا من عامل النظافة، وانتهاءً بالباشمهندس، والموظف التنفيذي الكبير (أوي أوي).. ومع ذلك نجد أعدادًا كبيرة من الشباب السعودي المؤهل من الجنسين، ومن الحاصلين على درجات علمية متنوعة بما فيها المهنية، لا يجدون فرصًا، ويتنقلون في شكل دائري ومستمر بين هذه الإدارة وتلك، وهذه المؤسسة وأختها دون جدوى. * إن لم تخنِّي الذاكرة، فإن معالي وزير العمل الراحل الدكتور غازي القصيبي يرحمه الله كان قد قال ذات مرة: «إنه لا بطالة في وطن يبلغ عدد عمالته الأجنبية الثمانية ملايين شخص»، وهو محق في ذلك كل الحق. فأيّ نسبة بسيطة من هذا الرقم يمكن أن تقضي كلية على بطالة الشباب والشابات السعوديين في لحظة. والأمر لا يحتاج في يقيني الجازم سوى إلى قرار وروح صادقة مخلصة. * في لقاءات ومنتديات اجتماعية لرجال من أطياف متنوعة، ومنهم رجال الأعمال كنتُ أكرر وأقول أكثر من مرة، إن القطاع الخاص معنيٌّ في المقام الأول بالقضاء على أرقام البطالة المتزايدة في هذا الوطن، وهو ما دفع بعض أفراده إلى مخالفتي بحجج لا أظن أنها مقنعة، ناهيك عن منطقيتها، فهم يتّهمون الشباب السعودي بعدم الدراية والخبرة والجدية، وهذه فرية لا يسندها واقع، أو حقائق، بل إن الواقع يدحضها منذ الوهلة الأولى. فشركات كبرى مثل أرامكو وسابك، وكل البنوك مليئة بالشباب السعودي العامل بكل كفاءة وقدرة، ويديرون أعمالهم في تلك المؤسسات بمهنية عالية جدًّا. * كما أن اتهام القطاع الخاص للشباب السعودي بالفشخرة، والمظاهرية، وعدم قبولهم بأعمال صغيرة هي أيضًا فرية ينفيها الواقع، فالشباب السعودي من الجنسين يعمل الآن في وظائف صغيرة لا يتحرّج منها، أو يعيبه شيء فيها، مثل: الحراسات الأمنية، والاستقبال، وخدمات الفنادق من طعام وحقائب وغيرها، رغم أن رواتبها ضئيلة، وغير ذات قيمة. * وليسمح لي الأعزاء من رجال الأعمال إلى القول بأن الجشع، وعدم الإخلاص لهذه التربة هو الدافع الأكبر لتنامي أرقام البطالة. فالقطاع الخاص في إجماليه تهمّه العمالة الأجنبية الرخيصة، والتي ليس لها حقوق حتى وإن كان ذلك على حساب نماء وازدهار الوطن. من ذلك كما أكرر دائمًا القطاع التعليمي الأهلي الذي يتحجج مالكوه بعدم وجود الكفاءات السعودية، وأنا مستعد اليوم قبل الغد تزويدهم بما يسد احتياجاتهم من المدرسين والمدرسات السعوديين المؤهلين، والقادرين، والحاملين لشهادات تربوية جامعية، لكن مقابل رواتب في حدّها الأدنى الذي كفلته القرارات الملكية الأخيرة، إضافة إلى مزايا بدلات السكن والتأمين الطبي. * كم أتمنى بحق أن ينظر كل منّا إلى مصلحة الوطن العليا، وإلى مستقبله ليس من منظور مصالحه الذاتية هو، وما يحققه من أموال، أو مناصب، أو فوائد في هذا الوطن، بل من مساهماته هو قبل غيره في تأمين استقرار الوطن، وضمان نمائه وازدهاره كل بحسب تخصصه وعمله، بما فيهم أصحاب القطاع الخاص. فاكس 6718388- جدة [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (10) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 (Stc) 63031 (Mobily) 737221 (Zain)