تراهم.. تتحدث إليهم.. تستمع لقصصهم أولئك الأشخاص الذين يتذمرون بأن الحياة التي يعيشونها ليست الحياة التي يريدونها كالطالب الجامعي الذي يلتحق بقسم معين تنفيذا لرغبة والده لعدم رغبته في إكمال الدراسة، أو لأجل أن يحقق ابنه حلمه الذي لم يحققه لنفسه دون أن يكون لرغبة ابنه أي قيمة لديه. هل عرفتم من أقصد؟ أقصد اولئك الأشخاص الذين يحيون حياتهم وفقًا لرغبات الآخرين وليس وفقًا لرغباتهم. فإذا كان الأمر كذلك فمن الطبيعي جدًا أن يتذمروا كثيرًا بشأن حياتهم وخياراتهم لأنها لم تكن يومًا وفق ما يريدون بل قضوها وفقًا لنظرة الآخرين للحياة وحين يستيقظون من غفلتهم يجدون أن الآخرين متحكمون في حياتهم حتى يصل بهم الأمر إلى إلقاء اللوم عليهم ولكن في حقيقة الأمر الذي يجب أن يلام هم أولئك الأشخاص الذين سمحوا للآخرين بالتحكم في حياتهم وأن يسيروهم كيفما يريدون وفقًا لنظرتهم هم للحياة ووفقًا لخبراتهم وتجاربهم الحياتية حيث أنهم تلك الخبرات والتجارب خاضوها في زمنهم، ولكن بالنسبة للأشخاص الذين يتحكمون بهم فهو أمر مختلف تماما حيث انه قد يكون هؤلاء الأشخاص هم أبناؤهم أو بناتهم أو أخواتهم أو قريب لهم. وكما سُمح لهم بخوض تجاربهم الخاصة فعليهم أيضا أن يتركوا الآخرين أن يخوضوا تجاربهم الشخصية بأنفسهم بالطريقة التي يرونها مناسبة ليكونوا خبراتهم الخاصة وأن يتحملوا مسؤولية خياراتهم مسؤولية تامة وأن يكتشفوا ماهية الحياة التي يحيونها حتى يستطيعوا خوض غمارها وما على المقربين منهم سوى أن يساندوهم وأن يمدوا لهم يد العون إذا ما احتاجوا إلى ذلك، ويُشعروهم بأنهم يثقون بهم وعلى الأشخاص الذين استيقظوا متأخرًا أن يعوا ويعملوا أيضا على وعي الآخرين بأن الحياة التي يحياها كل شخص منهم هي حياتهم هم لا حياة الآخرين، وأنهم هم الذين يرسمونها ويخططون لها وليس الآخرين وأنها ليست سيناريو مكتوبا من قبل أن يولدوا حتى يأتوا إلى هذه الحياة ويسيروا عليه. إنما لكل منهم رغبات وأحلام يريدون أن يحققوها وفقًا لما يؤمنون به ووفقًا لمبادئهم وقناعتهم الشخصية؛ لأنهم حين يفعلون ذلك فإنهم سيشعرون بالطعم الحقيقي للحياة، حيث إنهم سيعيشون لما يريدون تحقيقه وبالطريقة التي يريدونها فبهذه الطريقة لا يلام أحد آخر على الطريقة التي اختارها بكامل إرادته ليحيا بها حياته ولافي معتوق العصيمي - مكة المكرمة