استرعت تحديات تنمية الموارد البشرية الشابة التي تواجهها المملكة اهتمام عدد من المنظمات العالمية، مثل منظمة العمل الدولية التي أشارت في أحد تقاريرها الصادرة في العام الجاري إلى أنّ معدّل البطالة في منطقة الشرق الأوسط هو الأعلى في العالم. وفي دراستها المعنونة "اتجاهات التوظيف في عام 2011"، قالت: "إنّ تكاليف المعيشة المتزايدة، بما فيها إيجارات المساكن وأسعار الأغذية، تزيد التحديات التي تواجهها الحكومة السعودية تعقيداً، مشيرة الى انه ليس كثيراً على صعيد قدرتها اتخاذ إجراءات مالية ونقدية لتوسيع الاقتصاد، وإنما على صعيد قدرتها على توفير فرص عمل مستدامة لمواطنيها، بالأحرى" وأكد تقرير بنكى انه ينبغي على سوق العمل السعودية أنْ تتحول من سوق تعتمد على العمالة الأجنبية الرخيصة إلى سوق متوازنة تدفع أجوراً عالية نسبياً لتشجيع السعوديين على العمل في القطاع الخاصّ وقال التقرير : إن زيادة فرص العمل المتوافرة للسعوديين معركة صعبة في السنوات المقبلة *الالتزام بالعمل واوضح - فى هذا السياق- عضو مجلس الشورى الدكتور زين العابدين بري أن العمالة الوافدة لها اضافة إلى الاقتصاد السعودي دون ادنى شك ولكن هناك تحويلات عالية تقارب ال 100 مليار ريال سنوياً والمتضرر من هذه التحويلات الاقتصاد السعودي ورجل الاعمال السعودي بالدرجة الاولى . وقال : لو أبقينا على سبيل المثال 50 مليارا داخل دائرة الاقتصاد السعودي هذا يعني ان هذه الاموال لا تنفق مرة واحدة فقط وإنما تدور داخل الاقتصاد أي عندما تتحوّل هذه الاموال لعمالة سعودية سوف يقوم بإنفاقها داخل المملكة وتتضاعف هذه العملية لتصل مابين 200 إلى 250 مليار ريال سعودي وهذا ما يسمى بالاقتصاد المضاعف وهذا الامر سيعود بالنفع على الوطن بشكل عام وعلى رجل الاعمال بشكل خاص . واضاف بأن رجل الاعمال السعودي لو حسبها بالسالب والموجب لوجد ان انفاق هذه الاموال على الشاب السعودي وتدريبه سوف تعود عليه وعلى الاقتصاد السعودي بمنافع اكبر من منافع تشغيل العمالة الوافدة . وطالب بري بأن يلتزم الشاب السعودي بالعمل لاسيما ان منهم من اثبت نفسه في كثير من الاماكن كشركة ارامكو وسابك والبنوك . وحول عدم إمتلاك الشاب السعودي للمهارات المطلوبة اوضح بري أن هذا الكلام غير منطقي فهؤلاء الشباب تعلموا في افضل الجامعات والمعاهد وكل ما يحتاجه الشاب هو التدريب فقط على اسلوب عمل المنشأة مع توفير جميع سبل النجاح له ، عندها سوف يثبت هذا الشاب بأنه جدير بالعمل وبإفساح المجال له ولزملائه لإبداعاتهم . *قضية مستعصية ومن جانبه أوضح عضو مجلس الشورى الدكتور خليل البراهيم أن قضية توظيف أبنائنا وبناتنا في القطاع الخاص أصبحت من القضايا المستعصية والتي مرت بكثير من المنحنيات والطرق المسدودة بسبب عدم جدية القطاع الخاص من جانب وعدم وجود الأنظمة التي تعالج الموضوع إضافة أن الحكومة لا ترغب بفرض هذا الملف على القطاع الخاص رغبة من الحكومة أن يبادر القطاع الخاص بشكل إرادي لمشاركة الحكومة بحل هذا الملف الذي لا بد في النهاية من حلّه بطريقة أو بأخرى . وقال : الحكومة تستطيع أن تسنّ القوانين وتفرض توظيف السعوديين لكنها حتى اللحظة ترغب بحلّ تدرجي يتبنّاه القطاع الخاص إلا أن القطاع الخاص ظل يناور في هذا الملف ويحاول أن يلتف على الاستحقاقات الوطنية ويوظف السعوديين في وظائف ليست حقيقية فقط حتى يتمكن من الحصول على مزيد من تأشيرات العمالة التي تعطي لمن يحقق نسبة معينة من السعودة, بل أن معظم فرص العمل في القطاع الخاص أذا ما أستثنينا القطاع البنكي وبعض الشركات المساهمة الكبيرة هي فرص عمل ضعيفة ورواتبها لا تتعدى 2000 ريال!!. وأكد أنه حان الوقت أن تتدخل الحكومة بشكل مباشر لفرض السعوديين على القطاع الخاص وتحديد حد أدنى لرواتب السعوديين في القطاع الخاص لا يقل عن 4000 ريال ووضع سلّم للرواتب يحدد الرواتب حسب المؤهل. *10% بطالة وفي تقريره عن مشكلة التوظيف قال مدير عام وكبير الخبراء الاقتصاديين – البنك السعودي الفرنسي الدكتور جون اسفيكياناكيس : طبقاً للتقديرات الأخيرة لوزارة العمل السعودية، يبلغ معدّل البطالة العامّ في المملكة نحو 10% بينما تبلغ نسبة البطالة بين الشباب السعودي حوالى أربعة أضعاف مستواها في صفوف بعض الفئات العمرية الأخرى؛ لذا، يُعدُّ إصلاح التعليم وسوق العمل أكبر تحدٍّ تواجهه المملكة في المرحلة الراهنة. وقال : لا بدّ من الاهتمام بضمان تمكين نظام التعليم من تزويد الطلاب بالمهارات التقنية التي تحتاجها سوق العمل، خصوصاً أنّ السعوديين يمثلون حالياً 10% فقط من إجمالي العاملين في شركات القطاع الخاصّ المحلي. لذا، يتعيّن قلب هذا الواقع بأسرع ما يُمكن عبر تمكين القطاع الخاصّ من تحمُّل أعباء توفير فرص عمل جديدة في المستقبل لتلبية احتياجات 66% من السعوديين، الذين تقلّ أعمارهم عن ثلاثين عاماً، وتبلغ نسبة السعوديين الذين لا تزيد أعمارهم عن ثمانية عشر عاماً 47%. ويتزايد حجم شريحة الشباب السعودي، الأمر الذي يؤدي لاتجاه تصاعدي واضح وخطر لنسَب البطالة بين هؤلاء الشباب. وطبقاً للتقديرات الأوّلية لوزارة العمل السعودية، بلغ المعدّل العامّ للبطالة في المملكة 10% في عام 2010، ما يُمثّل انخفاضاً طفيفاً بالمقارنة مع العام السابق حيث بلغ هذا المعدّل 10.5% ولكنه ما زال أعلى من المعدّل الذي سُجّل في عام 2008، وقدره 9.8%. وفي الحقيقة، لم تساهم فرص العمل الجديدة في حلّ مشكلة البطالة المتنامية بين السعوديين الذين تقلّ أعمارهم عن ثلاثين عاماً، كما أنّ سوق العمل عجزت حتى الآن عن توفير ما يكفي من فرص العمل المناسبة للأعداد المتزايدة من خريجات الجامعات. ومن المتوقّع أنْ يُعزز القطاع الخاصّ غير النفطي دوره الاقتصادي بحلول عام 2014، لأنّ الدولة السعودية تهدف إلى رفع متوسط النمو السنوي لإجمالي الناتج المحلي للقطاع الخاصّ المحلي إلى 6.6%. بالتالي، سيكون هذا المتوسط، في حال تحقيقه، الأعلى من نوعه في ثلاثة عقود. وتُعدُّ التوقّعات الرسمية المتعلّقة بفرص العمل الجديدة التي سيوفرها القطاع الخاصّ كبيرة أيضاً. إذ تريد الحكومة السعودية زيادة عدد السعوديين العاملين في هذا القطاع بنحو 30% لكي يرتفع من 3.9 مليون عامل حالياً إلى 5.04 مليون عامل بحلول عام 2014، أيْ إلى أكثر من نصف القوّة العاملة في القطاع الخاصّ التي قد يبلغ حجمها 9.4 مليون عامل. بالتالي، تتوقع الحكومة السعودية من شركات القطاع الخاصّ أنْ تستوعب 73.1% من العاملين الجديد، الأمر الذي يتطلّب أنْ تنمو مواردها البشرية بمتوسّط سنوي قدره 2.5%. ومن المتوقّع أيضاً أنْ تُخصص نسبة 27% من فرص العمل الجديدة للفنيين وكبار المتخصصين في مجالات التقنية والعلوم الهندسية والانسانية. وطبقاً لتوقعات منظمة العمل الدولية، قد ترتفع نسبة السعوديين العاملين إلى إجمالي العاملين في المملكة من 36.7% حالياً إلى 39.3% بحلول عام 2014، علماً أنّ هذه النسبة ستكون أقل من نظيرتيْها في الشرق الأوسط (50.4%) وشمال إفريقيا (51.5%). وفي عام 2009، بلغت نسبة السعوديات العاملات إلى إجمالي العاملين في المملكة 12% فكانت الأدنى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط حيث تجاوزت هذه النسبة العشرين في المائة في بعض الحالات الكويت وقطر وسوريا والإمارات العربية المتحدة والثلاثين في المائة في حالات أخرى، طبقاً لبيانات الأمم المتّحدة. *مسألتان حيويّتان وقال : إنّ امتلاك قطاعٍ خاصّ قوي يوفّر فرص عمل جديدة للمواطنين وبرامج للتعليم العالي قادرة على تلبية احتياجات الاقتصاد مسألتان حيويّتان، لأنهما سيسمحان للدولة السعودية بالتخلّص من الدعم الحكومي المكثّف للماء والكهرباء والوقود، خصوصاً أنّ هذا الدعم يُبدّد الكثير من الموارد المالية للدولة السعودية. لكنْ تحقيق هذه الغاية سيستغرق سنوات عدة لأنّ معدلات النمو الاقتصادي المنخفضة حالياً لا تسمح بإحداث فارق ملموس، في سوق العمل. ولتوفير ما يكفي من فرص العمل الجديدة، يتعيّن على المعدل السنوي لنمو إجمالي الناتج المحلي للقطاع الخاصّ أنْ يتجاوز الستة في المائة (الأمر الذي تحقق في سنة واحدة فقط خلال العقد الماضي). كما يتعيّن على القطاع الخاصّ أنْ يوفّر خلال السنوات العشرين القادمة فرص عمل جديدة للعمالة الماهرة وغير الماهرة وأنْ تُوجَّه إلى المواطنين، بالدرجة الأولى، مع تقديم أجور معقولة إليهم. واشار التقرير الى إنّ اعتماد القطاع الخاصّ المفرط على العمالة الأجنبية الرخيصة معضلة حقيقية. وتُظهر بيانات وزارة العمل السعودية حول مختلف أنواع الوظائف، أنّ متوسطة أجور السعوديين عموماً هو أكبر بكثير من متوسّط أجور الوافدين. ومن شأن تحديد الحدّ الأدنى لأجور القطاع الخاصّ وتحديد يوم العمل بثماني ساعات أنْ يساعدا في زيادة أعداد السعوديين العاملين في القطاع الخاصّ، وقد يساعد في ذلك أيضاً تبنّي برامج للرواتب التقاعدية أسوةً بالقطاع العام. *العمل وراء المكاتب واشار الى انه في الغالب، يفضل السعوديون العمل وراء المكاتب في وظائف إدارية هامشية، بل إنهم يسعون جاهدين للحصول على مثل هذه الوظائف. وطالب التقرير بضرورة ْ تغيير هذا التوجّه بسبب الضرورات الاقتصادية. ويمكن تغيير ثقافة العمل لدى المواطنين من خلال توفير فرص عمل جديدة بأجور مناسبة. ففي مثل هذه الحالة، لن يتردد العمال السعوديون في قبول الوظائف التي لا تتطلب مهارات عالية، وتعترف السلطات السعودية بالحاجة إلى إعادة تدريب معلّمي المرحلتيْن الأساسية والثانوية. إذ تُخطط الدولة السعودية لإطلاق وتمويل عملية توسّع كبير في التدريب المهني، طبقاً للخطة الخمسية الحالية التي تشدّد على ضرورة تعزيز دور القطاع الخاصّ في مجال التعليم. وتقضي الخطط الأوّلية ببناء حوالى خمس وعشرين كلية تقنية وخمسين مركزاً للتدريب الصناعي وثمانية وعشرين معهداً تقنياً. وفي هذه الأثناء، أرسل برنامج الملك عبدالله للمنح الدراسية تسعين ألف طالب سعودي متفوق إلى الخارج لكي يتلقوا تعليمهم الجامعي في دول أجنبية. وستظهر نتيجة الاستثمارات الضخمة في هذا البرنامج عندما يتخرّج هؤلاء الطلاب ويحاولون دخول سوق العمل السعودية.