قرار مجلس الوزراء المتضمن إجازة نشر الأحكام والقرارات القضائية الصادرة عن الجهات القضائية ليس مقررًا لقاعدة جديدة، بل كان كاشفًا لها ومؤكدًا على أنظمة قائمة سابقًا، فنشر الأحكام يساعد الفقهاء والمحامين والمستشارين في الاستئناس بأحكام القضاء، ويخدم حقل العلوم والدراسات القانونية، وله تأثير مستقبلي واسع في تطوير العمل القضائي إجرائيًا وموضوعيًا في إطار إصدار أنظمة جديدة وتحديث الأنظمة القديمة لتتوافق مع متطلبات المتغيرات الإدارية والتنظيمية. فأحكام القضاء في الدول التي تحكم بالشريعة الإسلامية تعد مصدرًا تفسيريًا للنصوص والمواد النظامية بصفتها مصدرًا تفسيريًا، وأن نشر الأحكام إظهار لجانب التطبيق الواقعي للفقه الإسلامي إلى جانب أنه إعانة للقضاء والقضاة على تلمس الأحكام الموافقة للقواعد الشرعية، وسبر لغور الخلاف ومنعه، والقضاة من اضطراب الأحكام في القضايا المتماثلة وصيانة لتفسير النصوص وضمانًا لوحدتها. فنجد المادة (89) من نظام القضاء الصادر سنة 1395 ه فقرة (ب) بشأن إعداد مجموعات الأحكام المختارة للنشر، واستنادًا إلى ما نصت عليه المادة (47) من نظام ديوان المظالم والتي نصت على أن يقوم ديوان المظالم نهاية كل عام بتصنيف الأحكام التي أصدرتها الدوائر الجزائية بالديوان، ومن ثم طباعتها ونشرها في مجموعات. فنشر الأحكام أو وقائع المحاكمات لا يعني المساس بهيبة القضاء والأحكام القضائية، فالعمل بهذه المواد كان مطبقًا منذ عام 1399 ه وحتى عام 1401 ه، والتي تم خلالها نشر الأحكام القضائية والمبادئ الشرعية في مجموعتين صدرت الأخيرة منهما عام 1401 ه عندما قام بطبع ونشر عدد من أحكام ديوان المظالم، وهي مجموعة المبادئ الشرعية والنظامية التي أقرتها لجنة تدقيق القضايا عام 1399 ه ومجموعة القرارات الجزائية الصادرة عن دوائر هيئة الحكم في قضايا الرشوة والتزوير عام 1400 ه، ثم نشر الديوان المجموعة الثانية من الجزء الثاني عام 1401 ه كما تم نشر قرارات لجان الأوراق التجارية في مجموعة المبادئ النظامية في مواد الأوراق التجارية الجزء الأول 1403 ه والجزء الثاني 1405 – 1407 ه. ولعل من أسباب التوقف عن النشر بعد هذين الجزأين عدم توفر بنود مالية للطبع وليس شيئًا آخر. كما أن المادة 89 تنص على أن تشكل وزارة العدل إدارة فنية للبحوث تؤلف بقرار من وزير العدل من عدد كافٍ من الأعضاء لا يقل مؤهل أي منهم عن شهادة كلية الشريعة، ويجوز أن يختاروا عن طريق الندب من القضاة وتتولى هذه الإدارة المسائل الآتية: أ- استخلاص المبادئ التي تقررها محكمة التمييز فيما تصدره من أحكام أو المبادئ التي يقررها مجلس القضاء الأعلى وتبيوبها وفهرستها بحيث يسهل الرجوع إليها. ب-إعداد مجموعات الأحكام المختارة للنشر. ت- إعداد البحوث التي تطلب وزارة العدل القيام بها. ث- الإجابة على استرشادات القضاة. ج- مراجعة الأحكام وإبداء الرأي في القواعد الفقهية التي بنيت عليها من حيث مدى موافقتها للعدل في ضوء الظروف والأحوال المتغيرة، ثم عرضها على المجلس الأعلى للقضاء سابقًا (المحكمة العليا حاليًا) لتقرير مبادئ الأحكام طبقًا لما ورد في الفقرة (1) من المادة (8) لوزارة العدل تجربة رائدة في مجال التصنيف، حيث صدر عن وزارة العدل مجموعة تصنيف الأنظمة والتعاميم والتعليمات طبقا لما نصت عليه المادة 89. وبالله التوفيق.