فئة من العقلاء والذين يغادرون مواقعهم الوظيفية استطاعوا أن يرسموا صورة حسنة لأنفسهم وللناس وللعاملين معهم، وهم مثال يحتذى به، إلاّ أن فئة أخرى تلعب الحالة النفسية دورًا مهمًا في تصرفات بعضهم، وبخاصة الذين يجيدون اللعب بالبيضة والحجر في الإدارات التي يعملون بها، والذين يجدون أنفسهم على رأس الهرم عادة ما يكون مثل هؤلاء قد مرت عليهم حالات نفسية لكل منهم، بل معقدة في طفولتهم وشبابهم أسهمت في تشكيل ظروف خطوات حياتهم، ولم يجدوا عند التربع على مناصبهم إلاّ محاولاتهم الانتقام، وفرض إرادتهم وغطرستهم على من حولهم لاعتقادهم بأنهم سوف يثأرون لأنفسهم من يظنون بأنه تسبب أو ساهم في تعاستهم، وأنهم بهذا التصرف سوف يستطيعون أن يعدلوا حالهم من تلك الظروف التي كانوا يعيشونها، وما زالت تطاردهم كأشباح لا يستطيعون التخلّص منها إلاّ بقيامهم بتلك الأدوار الانتقامية التي يتقمصونها، وذلك من جراء فصول بداية حياتهم والتي لا يعلم تفاصيلها إلاّ الله.. إلاّ أن هؤلاء خصمهم المجتمع بأسره، وليس أحد بعينه، وهم يتلذذون بالانتقام، ويحاولون إشباع غرائزهم والانتقام لأنفسهم لاعتقادهم بأنهم أصبحوا أكثر شأنًا من باقي الناس، ولم يجدوا إلاّ أن يدعموا هذه الوساوس التي تعشعش في ذاكرتهم، ومخيلتهم، وتسيطر عليهم إلاّ أنهم يتظاهرون بالقوة والعنفوان، ولكي يحاولوا أن يبسطوا نفوذهم على الآخرين، يأخذون في الاعتبار ظروفهم التي ألمّت بهم سابقًا وأثرت في تشكيل شخصياتهم، والحقيقة بوسع كل مَن لا يخاف الله أن يستبد في عباد الله بدون حسيب، أو رقيب، وبخاصة مَن يهوي، ويعشق التسلط على الناس أن ينفث سمومه بين الناس، وذلك بالحقد الدفين، والتمييز بين الناس، وينفرد بإدارتهم التي يعمل بها ويكون الأوحد داخلها، ومن يحاول أن يثنيه عن تصرفاته من زملائه، سوف يتم إبعاده أو فصله بالتصرفات التعسفية، وهذا ما شجع أولئك، والذين يعتقدون أنهم سوف يطول بهم المقام في إداراتهم التي يهيمنون عليها، وفي التسلط على الناس والذين جمعوا أموالًا طائلة لا تتناسب، ورواتبهم التي يتقاضونها إلاّ أنهم سرعان ما تنطوي بهم الأرض ويتهاوون ويتوارون عن الأنظار بعد إحالتهم إلى التقاعد وكأنهم لم يولدوا. عويض نفاع الرحيلي - المدينة المنورة