إن الصراعات الفكرية تبدو في ظاهرها سلمية ومسالمة، فلا ترى فيها إشعال نار، ولا تسمع إطلاق قذائف، ولا تفوح منها رائحة دماء!! إلا أنها في نتائجها وعواقبها أشد فتكًا وأكثر دمارًا من الحروب التقليدية؛ لأن الحروب التقليدية نهايتها خراب ودمار وزوال حكم أو نظام حكومة، وتبقى أحوال الناس ودياناتهم كما هي. وأما الصراعات الفكرية العقدية فهي صراعات من أجل تغيير فكر وتغيير مبدأ وعقيدة بل تغيير دين!! ومن هذه الصراعات التي اشتعل فتيلها تأججت نارها هو الصراع بين السلفية عقيدة ودعوة ومنهجًا؟ وغيرها من التيارات والأحزاب المخالفة لها سواء ما يسمى بالإسلامية منها أو غيرها مثل الرافضية أو العلمانية أو القومية والشيوعية وغيرها ممن ناصب السلفية العداء. إذن فما السلفية؟ ومن هم السلفيون؟ ولماذا هذه الحرب الشعواء على السلفية والسلفيين؟؟ لنبدأ بمن هم السلفيون؟ روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لابنته فاطمة رضي الله عنها وهو على فراش الموت (أنا لك خير سلف) فالسلف هم محمد صلى الله عليه سلم وأصحابه والتابعون، وهم القرون المفضلة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخيرية حيث يقول عليه الصلاة والسلام (خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) وكل من سار على منهجهم واتبع طريقهم بإحسان إلى يوم الدين. وأما السلفية فهي منهج وطريق، وليست كما يصورها كثير من الناس بأنها حركة مذهبية أو تيار فكري أو حزب سياسي أو حسب زعم البعض بأنها فكر دخيل على المسلمين... لا!! ليس الأمر كما يظن البعض!! فالسلفية هي اشتقاق مما كان عليه السلف الصالح، وهي كما قال عليه الصلاة والسلام من حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي رواه أهل السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (افترقت اليهود إلى إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى إلى اثنتين وسبعين فرقة وستفترق هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قيل من هي يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي). فالذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عقيدة وعبادة ومعاملة ودعوة وسلوًكا هو منهج السلف الصالح. ومن أهم ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، الدعوة إلى التوحيد الخالص من شوائب الشرك والبدع والمعاصي، وإقامة دين الله في الأرض، والمعاملة بالرفق واللين والموعظة الحسنة، والاعتدال والتوسط في الأمور كلها وطاعة ولاة أمور المسلمين في المعروف ما لم يأمروا بمنكر فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق حتى وإن طغوا وفجروا فذلك على أنفسهم. إذا لماذا هذه الحرب الشعواء على السلفية والسلفيين؟ أسباب هذه الحرب الشعواء على السلفية والسلفيين لا تعدو كونها صادرة إما عن شخص لا يعرف ما السلفية ومن هم السلفيون اللهم انه سمع أصواتا نشازا تريد اتباع الهوى والانسلاخ من قيم تعاليم الإسلام السمحة تنتقد السلفية وتهاجمها لأنها تخالف أهواءها فصاح كما تصيح الديكة. وإما فئة ثانية وهي الأهم والأخطر وهم كل من خالف منهج السلف الصالح في الدين مثل العلمانية والرافضية والقومية والاشتراكية وغيرها من الملل التي تخالف الدين الإسلامي الصحيح والذين أخذوا على عاتقهم تغريب وتغيير معالم الدين الإسلامي ليكونوا دينًا جديدًا يتوافق مع أهوائهم ورغباتهم، أو ممن خالف منهج السلف الصالح ممن ينتسب إلى الإسلام في باب العقائد أو الدعوة والجهاد أو المنهج أو العبادة والسلوك. إذن السلفية ليست شيئًا غريبًا ولا فكرًا دخيلًا كما ظن البعض انما هي ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعون ومن تبعهم بإحسان. رزقنا الله اتباع الدين القويم والصراط المستقيم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم إبراهيم عمر هوساوي: مكة المكرمة