قال الضَمِير المُتَكَلّم : ( رجاء ) طفلة لم يُبقِ لها السرطان من طفولتها إلا جسداً هزيلاً، ووجهاً شاحباً، فهي تُصارع المرض، وتحتضر كلّ يومٍ أمام والديها، لا تجدُ من سبيلٍ إلى الحياة سوى «أنبوب أكسجين» تلتقمه صباح مساء، بانتظار رحمة الله ، وأن يَعطف عليها قلوب الرحماء ! بدأت قصة «رجاء» مع المرض قبل عامين حيث اكتشف الأطباء أنها تعاني من ورم سرطاني خبيث، فأقعدها الألم في بيتها، وانقطعت عن الدراسة !! يا الله منذ عامين وألعاب «رجاء» حبيسة الأدراج، تشتاق لبراءتها، ولعبها الوديع !! منذ عامين ومكتبتها المعطّلة تتوق لجلستها، يوم كانت «رجاء» تركن إلى «خير جليس»، تطالع كتبها ومجلاتها، وتستذكر دروسها، قبل أن يُعيقها المرض عن ممارسة هوايتها، ويُخلدها إلى الفراش. تَسْألَ «رجاء» عن حالها، فتكون إجابتها ابتسامة لا تكاد تظهر، على وجهٍ أذهب المرض بريقه، ثم تُتَمْتِم «الحمد لله» فنصيبها من اسمها ما زال يمنحها «الرجاء» في الله، والأمل في الشفاء!! ويكمل ( الأب ) وصف معاناة ابنته مع الدّاء، فيقول: حين اكتشفنا إصابتها بادرنا إلى علاجها في مستشفى الملك فهد بالمدينة، حيث استأصل الأطباء الورم كاملاً، وقرروا أنها بحاجة لعلاج كيماوي وشعاعي مكمّل للعلاج الجراحي، وهذا النوع ليس متوفراً بمستشفى الملك فهد بالمدينة !! وهنا احتجنا لأمر لعلاجها ، وتمّ ذلك في ( جدة ) لمدة ستة أشهر ؛ حيث تحسنت حالتها كثيراً !! ولكن منذ رمضان الماضي، وبعد انتهاء ( أمر العلاج ) ، انقطعت عن «رجاء» العناية الصحية اللازمة، فانهارت حالتها، ولا نزال حتى اليوم نحاول الحصول على أمر بعلاجها بمستشفى تخصصي الأب يحبس الدموع في عينيه ويغالب البكاء: «آخر ما قرره الأطباء أن ابنتي بحاجة إلى زراعة نُخاع، وهي الآن طريحة الفراش، وتحتاج إلى تنفس اصطناعي دائماً» ، والأمل كبير بكرم المحسنين والقلوب الرحيمة !! هذا كان قبل أسبوعين !! كانت ( رجاء ) تحتضر ؛ أما الآن ف ( رجاء ) ماتت ؛ فنداؤها لم يسمع ؛ ودموع والدها لم تُرَ !! رحمك الله يا رجاء ، وأرجوك سامحيني ، سامحينا !! سامحينا ؛ فالمدينة ورغم انتشار مرض السرطان بين أبنائها ؛ لا تملك مركزاً متخصصاً لعلاجه ؛ و (أهل المدينة كالعادة صامتون ) ، والمسئولون يتجاهلون ، وبجوائز وهمية بمستشفى الملك فهد يحتفلون !! سامحينا لأن حقك في الحياة والعلاج ؛ كان يحتاج لواسطة ! سامحيني ، عَلِمْتُ بحالتك ، حاولتُ المساعدة ، كلمت أحد الصحفيين ، زارك ، كتب نداءك ، ورسَم دموع والدك ، وأرسل التقرير من يومه ومعه قطرات من دمع العين !!ولكن تأخر نشره ربما لكثرة مثل هذه التقارير . رحمك الله يا رجاء !! ألقاكم بخير والضمائر متكلمة .