أكد علماء ومثقفون أن حظر النقاب قضية ليست وليدة اليوم فقد تمت إثارتها منذ أكثر من سبع سنوات في أوروبا، وهو الأمر الذي يستوجب علينا أن نضعها في سياقها الزمني، مع الإشارة إلى أن الجديد فيها هو بدء سريان تطبيق القانون المتعلق بهذه القضية في فرنسا، وهى بذلك تعد أول دولة أوروبية تطبق هذا القانون الذي يتضمن فرض غرامات تصل إلى 150 يورو، لكن المثير للتساؤل حسب الدكتور محمد أبو ليلة أستاذ اللغة الانجليزية بجامعة الأزهر هو بدء تطبيق القانون في هذا التوقيت والعالم العربي مليء بالثورات في مصر وليبيا واليمن وسورية. إثارة المخاوف ويشير أبو ليلة إلى أن ما يجري في العالم العربي يمثل تهديدًا لإسرائيل ناهيك عن القلق والاستياء الذي تستشعر به بعض الدول الغربية مما أثار تحفظها ومنها فرنسا وهو الأمر الذي دفعها للإسراع في هذا الإجراء استشعارا للخطر الذي يحيق بها ولذلك حرصت على صرف أنظار المسلمين عما يجرى بداخل أوطانهم، لأن الثورات أصبحت أمرًا غير مستبعد عن أي دولة بالعالم حتى في أمريكا وأوروبا وهى الدول التي تتباهى بالديمقراطية رغم أن مشكلاتها أكثر قسوة من مشكلاتنا وبالتالي كان لا بد من بدء سريان قانون حظر النقاب في هذا التوقيت صرفًا للأنظار حتى لا يتأثر الفرنسيون ولقطع الطريق على العرب المقيمين في الدول الغربية من القيام بأي ثورات لها مطالب. وأخيرا يوضح أن مسألة النقاب في بلاد المسلمين ما زالت محل جدل ودراسة بين الفريضة والفضيلة وإذا كان هذا حاله في بلادنا فما بالنا بوضعه في البلاد العلمانية ولهذا لا بد أن توضع هذه القضية في سياقها حتى لا يتم تشويه العلاقات بين المسلمين والغرب، مشيرًا إلى أن فرنسا من أكبر المؤيدين لوجود إسرائيل في المنطقة العربية كما أنها تنكر عربية القدس ولم توضح موقفها إزاء الجرائم التي ترتكب في غزة وهي القضايا التي يجب أن تثار على الساحة العربية بعيدًا عن أي قضايا ما زالت محل خلاف بين المسلمين. ولا ترى الدكتورة آمنة نصير أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر أي علاقة بين تطبيق بين تطبيق القانون وما يجرى على الساحة العربية وتقول: النقاب شريعة يهودية ويمكن التأكد من ذلك من سفر التكوين في العهد القديم إصحاح 38، والنقاب استمر في القبائل العربية نتيجة اختلاطها باليهود وقد يجد ترحيبًا لدى الرجال والنساء وبالتالي إذا كان لنا نحن المسلمين أن نحتكم فليكن إلى القرآن الكريم فقد قال الله عز وجل (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن) فهذا الأمر الإلهي معناه أن غض البصر يكون على شيء مرئي والنقاب معناه عدم وجود شيء مرئي حتى نغض عنه البصر وبالتالي فالنقاب تعطيل لهذه الآية الكريمة. وأكدت نصير أنه لا علاقة بين توقيت بدء سريان حظر النقاب في فرنسا وما يجرى على الساحة العربية حيث إن هذه القضية مثارة منذ أكثر من سبع سنوات في أوروبا. ويتفق الأستاذ بكلية أصول الدين الدكتور سعد جاويش مع ذهبت إليه الدكتورة آمنة من عدم وجود علاقة بين التوقيت وما يجرى في العالم العربي، حيث تتم محاربة النقاب منذ أكثر من عامين تقريبًا، إلا أن انتشاره في الدول الأوروبية أثار حفيظة الغربيين وعندما بدأوا في مناقشة حظره قامت المنقبات في تلك البلاد بمظاهرات أثارت تخوف الفرنسيين ولذلك حرصوا على تطبيقه في هذا التوقيت والبلاد العربية منشغلة بما لديها من أحداث جسيمة تحول دون القيام بأي مظاهرات لبدء سريان قانون حظر النقاب. من ناحية أخرى ناشد مثقفون المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التدخل الحاسم لوقف القانون الفرنسي الذي يحظر ارتداء المسلمات للنقاب، ووصفت هذا القانون بالعنصري والشاذ، وأنه يتناقض مع جميع مواثيق حقوق الإنسان في العالم ويحرض على الكراهية للدين الإسلامي. وأشار بيان للجنة إلى أن تفعيل قانون حظر ارتداء المسلمات للنقاب في الأماكن العامة وفرض غرامة 150 يورو مخالفة للقانون، ويأتي في إطار حملة الكراهية العنصرية ضد الإسلام، ويعتبر تطورًا لافتًا للعنصرية ضد المسلمين، موضحًا أن القانون يتنافى مع شعار الحرية الذي ترفعه فرنسا وتتغنى به. وأضاف البيان أن مجلس الدولة الفرنسي حذر الحكومة الفرنسية من فرض هذا القانون وأكد أن حظر ارتداء النقاب يتعارض مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، ويتناقض مع دستور الجمهورية الفرنسية، كما حذرت منظمة العفو الدولية فرنسا مرارًا من فرض الحظر على النقاب واعتبرته انتهاكًا للقانون الأوروبي لحقوق الإنسان.