عبارة مؤثرة لفتت انتباهي وأنا أهبطُ داخل مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز بالمدينة المنورة، وأنا أقفُ أمام كاونتر خدمة ذوى الاحتياجات الخاصة. نعم كانت اللافتة مكتوبًا عليها بالخط العريض خدمة (ذوي القدرات الخاصة)، ولمَن لا يعرف المعنى الحقيقي لهذه العبارة، فهي تتحدّث عن أشخاص ابتلاهم الله تعالى بإعاقة معينة، سواء كانت سمعية، أو بصرية، أو حركية، لكنّه -عز وجل- عوّضهم بقدرات خاصة تمكّنهم من صناعة المستحيل. بطبيعتي لا أحب النظريات، ولا أميل إلى الفلسفة، لأنني أؤمن بالواقع الذي أراه ملموسًا أمامي، وهذا ما شاهدته فعلاً وأنا أعيش في هذا العالم، عالم الإرادة، عالم العزيمة، عالم الإصرار، عالم التحدي، إنه باختصار عالم مبدعين حذفوا من قاموس حياتهم كلمة (مستحيل). هل شاهدت يومًا مصوّرًا أعمى؟! هل سمعت يومًا عن سبّاح بلا يدين، أو رجلين؟! هل تصدق أن هناك معاقًا ذهنيًّا يعجز عن حساب 1+1، لكنه يحفظ كتاب الله تعالى كاملاً برقم الآية والسورة والحزب؟! أخي القارئ: صدّق أو لا تصدّق، فقد شاهدتُ كل ذلك بأم عيني، وعجز لساني عن وصفه، أو حتى التعبير عنه، قبل أن تعجز عيناي عن تصديقه، أتدري لماذا؟! لأننا تعوّدنا على أن نصدّق فقط ما نريد تصديقه، ونبتعد خوفًا عمّا تعجز عقولنا القاصرة عن إدراكه، حتى لا نظهر أمام أنفسنا بصورة الجاهل المتخلّف. نراهم كل يوم، وفي كل مكان، ولكن هل سألنا أنفسنا يومًا: من هم؟! وماذا يريدون؟! وهل حاولنا تغيير نظرتنا السلبية تجاههم بعيدًا عن العطف، والشفقة، ولغة الإحسان والصدقة؟! للأسف الشديد لم نكلّف أنفسنا عناء محاولة فهمهم، أو حتى التواصل معهم، فاكتفينا بحملات توعوية، وشعارات برّاقة، ومؤتمرات بعضها عقيم تنتج عنها عبارة تقول: (نوصي بتنفيذ التوصيات). لن أبالغ في الحديث، ولن أستعرض قصصهم وإنجازاتهم؛ لأنها واضحة لكل مَن يملك البصيرة قبل البصر، أخيرًا.. حرّروا عقولكم، وأطلقوا العنان لأنفسكم لدخول هذا العالم العجيب، عالم ذوي القدرات الخاصة، من خلال كتاب صديقي المبدع عبدالعزيز الغانمي، المعنون ب: (عندما تتحدث الصور).