جاءت زيارة دولة رئيس وزراء مصر الدكتور عصام شرف، التي قام بها مؤخرًا إلى المملكة، والتقى خلالها خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي العهد بمثابة ضربة قاصمة لكلِّ مَن حاول التشكيك في متانة العلاقات السعودية المصرية بعد ثورة 25 يناير، التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك، ذلك أن العلاقات التي تربط بين المملكة ومصر التي وصفها الدكتور شرف بأنها علاقات تاريخية، تأسست جذورها منذ القدم، ظلت تتّسم دومًا بالثبات والاستمرارية، والتفرّد عندما شكّلت منذ وصية القائد المؤسس الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- أبناءه البررة بالمحافظة على الصداقة مع مصر، لتصبح تلك الوصية أحد ثوابت السياسة الخارجية السعودية، إيمانًا من قادة المملكة بأنه لا غنى للعرب عن مصر، ولا غنى لمصر عن العرب. تصريحات الدكتور شرف «للمدينة» عشية الزيارة التي شدد فيها على عمق العلاقات الإستراتيجية بين بلاده والمملكة، وأن زيارته تأتي لتوثيق الشراكة الإستراتيجية على المستويين السياسي والاقتصادي، وتصريحاته بعد لقائه خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي العهد بأن أمن دول مجلس التعاون الخليجي جزء من أمن مصر، أعطت الدليل على أن هذه العلاقات لا تمضي قدمًا في طريقها المعتاد وحسب، وإنما تدشن لمرحلة جديدة في العلاقات الأخوية بين البلدين، تتسع فيها آفاق الشراكة والتعاون والتنسيق إلى أعلى المستويات. الرسالة التي حملتها الزيارة في الظروف الراهنة التي تواجهها الأمة تضمنت العديد من المعاني، يأتي في مقدمتها أن الانفتاح المصري على دول العالم، ومنها إيران، لن يكون على حساب أمن الخليج الذي يعد خطًّا أحمرَ بالنسبة لمصر، وأن قضايا الأمة تشكّل همًّا واحدًا، ومسؤولية مشتركة بين المملكة ومصر، وهو ما يقتضي المزيد من التشاور والتنسيق من أجل التوصل إلى حلول واقعية وعملية لتلك القضايا، وفي مقدمتها قضية السلام في الشرق الأوسط. الزيارة حملت إلى جانب ما سبق رسالة تطمين إلى المستثمر السعودي، لا سيما في ظل الرغبة المشتركة لكل من القاهرة والرياض على دفع وتعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بينهما إلى المستوى الذي يعكس طموحات وتطلعات القيادتين، والبلدين، والشعبين الشقيقين.