كتب أستاذنا الكبير «سمير عطا الله» في عموده اليومي بصحيفة الشرق الأوسط معترضًا على المصير الذي آل إليه الرئيس المصري «حسني مبارك» قائلاً: (أعتقد أنه ليس من الضروري إلحاق الإهانة برئيس مصر، وليس عدلاً، ولا شهامةً أن هذا الرجل الذي كانت تقف له مصر عن قناعة، أو عن مهابة، لم يعدْ يلقى اليوم سوى مَن يريد أن يرجمه، ليست مسألة قانون، بل مسألة قيم، لا فك مصاريع السجون بهذه الطريقة لائق، ولا أن ينكر جميع مصر معرفته بحسني مبارك يليق، رغم أن هذه طبائع البشر في كل مكان). ولن أخوض فيما يرمي إليه الأستاذ الكبير، والذي يتفق مع رأي سابق لي كنتُ قد طرحته في هذا الحيز من هذه الصحيفة، وكان نصيبي منه كثيرًا من الاحتجاج.. لكنني وبعيدًا عن الرئيس مبارك الذي بدا لي أنه لا يحاكم سياسيًّا، بل للكسب غير المشروع، أورد حقيقة يجب أن لا نغفلها، وهي: أن حب المال أصبح متغلغلاً في البشر، وقد جاءت الآية الكريمة مؤكدة على ذلك، قال تعالى: (وتحبون المال حبًّا جمًّا)، ولذلك فإن البشر يتفننون في كيفية جمع الثروات، وتنميتها في عصر لا يؤمن إلاّ بالغنى، يوضع أصحابه في الصفوف الأولى، ويخلع عليهم أرفع الألقاب، كالشيخ، والوجيه، ورجل الأعمال... إلخ، فمن أجل المال تفشت الرشوة في مجتمعنا العربي، وشملت معظم الدوائر، واستسهل الحصول على رسو المناقصات، وضرب الغش التجاري أطنابه في المأكولات، والملبوسات، وأعمال البناء والأدوية و...، و... . ومن أجل المال كثر أصحاب توظيف الأموال، وعرفوا بأن الجميع متلهف للحصول على (الملايين)، فنصبوا شباكهم لأولئك، أغروهم بتوظيف أموالهم، وتحقيق الكسب السريع، وتهافت البشر، يملأون جيوب أولئك، فذاب موظف الأموال، ومن ثم تبخّرت أحلام الضحايا، وقصص الذين هربوا كثيرة، وأسماء الضحايا من المشاهير لا تستوعبها قائمة. ومن أجل المال يسهر كثير من تجارنا للبحث في كيفية تحويل (الريال) إلى (مائة)، يستنبطون الحجج من أجل زيادة الأسعار، وتنمية دخولهم لتصل إلى أرقام فلكية، فلا لجان تراقب أو تحاسب كما ينبغي، ولحقت أسعار الغذاء بالدواء، وركبت شركات التأمين «الموجة»، وأصبحت تأخذ ولا تعطي، وتتعهد ولا تلتزم، هكذا زُين للناس حب المال، وهو شهوة، يضعف من أجلها الرئيس، والمدير، وحتى الغفير، ويتباعد بسببها الشقيق والشقيق، والرفيق والرفيق. اسألوا ضحايا (النيجيريين): لماذا تبددت أموالهم؟! أليس بدافع الجشع؟! واسألوا الذين استغلوا «تعويضات المتضررين من السيول» وأبلغوا -طمعًا- عن فقدان عائلاتهم للفوز ب(المليون).. لماذا لجأوا إلى الكذب؟! أليس بدافع المال؟!. وأخيرًا اسألوا تجار مخططات «شرق الخط السريع»: لماذا عرّضوا حياة سكان تلك المخططات للموت؟ أليس بدافع الغنى؟! فللمال ذلك البريق الذي تنحني له القامات. [email protected]