بعد أكثر من سنة من رفع نتائج التحقيق في كارثة سيول جدة الأولى تقرر أن يحاكم أكثر من (330) شخصية حقيقية واعتبارية لعلاقتهم بأعمال ربما تكون أدت إلى الكارثة. قبل الإحالة للتحقيق جاءت الكارثة الثانية ولا أحد يعلم إن كان هناك ملف آخر لها، أم يقتصر الأمر على الكارثة الأولى وتغدو المسؤولية بذلك عن الكارثتين أم عن واحدة. هذه هي المرة الأولى التي يحال فيها إلى المحاسبة شخصيات لعلاقتها بأوجه فساد: من حيث العدد وحجم الكارثة وطبيعة التحقيقات السابقة للإحالة، وتحديد المسؤولية والمحاسبة. هناك أسئلة لا يجيب عنها إلا ما يتحقق من شفافية التحقيق وعلانيته وشموليته إن كانت هناك أطراف لا تزال غائبة عن القائمة تطبيقاً للنص الملكي «كائناً من كان» وعلاقة هؤلاء بقضايا أخرى إما في الكارثة الثانية أو في أماكن أو أعمال أخرى، أو كوارث أخرى لم تفتح لها ملفات. من الشفافية ألا يترك الأمر للشائعات والأخبار التي يسرّبها لوسائل الإعلام المتهمون أو المتضررون أو محاموهم، والأولى أن يكون هناك متحدث رسمي مسؤول شكلاً وموضوعاً يوضح مجريات التحقيق على غرار الإعلان الذي صدر بتشكيل اللجنة أو بالإحالة للمحاكمة. الكارثة وليدة تراكمات وإدارات وتصرفات فيها الكثير من الاجتهادات وفيها الكثير من التجاوزات المقصودة وهو ما يقتضي العلانية والشمولية، حتى لا تسجل القضية ضد مجهول، وتطوى واحدة من صفحات مكافحة الفساد في بدايات المشروع الكبير الذي يجب أن تكون الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أول المستفيدين منه وهي أمام وضع أنظمة ولوائح للمستقبل.