تصريحات وزير الخارجية المصري نبيل العربي الأخيرة التي أثنى فيها على دور مجلس التعاون الخليجي في التحرك بشكل منسق للحفاظ على الاستقرار في البحرين، في ما اعتبره تطبيقا عمليا لمفهوم الأمن الجماعي في منطقة الخليج، يُظهر موقع دول الخليج العربية في المنظور والاهتمام المصري في سياسة مصر الخارجية الجديدة بعد ثورة 25 يناير 2011. هذا الموقف المصري يمثل عودة وجه مصر العربي المُشرق الذي افتقدناه طويلاً. فقد استبشرت القوى الوطنية المصرية والعربية بثورة «25 يناير» باعتبارها ثورة غير مسبوقة في التاريخ العربي. فالثابت تاريخياً، كما يقول الأستاذ عوني فرسخ، أنه حين تكون مصر فعالة قومياً تستنهض القوى الحية ما بين المحيط والخليج، بحيث توفر للأمة العربية أسباب المنعة والقدرة على أداء دور إقليمي ودولي. في حين أنه كلما وهنت مصر قومياً انكفأت داخل حدودها القُطرية، فتشرذم المشرق العربي وشاعت فيه الصراعات اللامجدية، ثم ارتد الوهن على مصر. ما يعني في التحليل الأخير ارتباط الأمن الوطني والتقدم المصري على مختلف الصعد بالأمن القومي والتقدم العربي العام. وإذا كان الموقف المصري من دول الخليج يُمثل سياسة مصر الجديدة فإنه يعكس أيضاً قوة الارتباط بين مصر من جهة ودول الخليج العربي بوجه عام، والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص. وهو يعكس أهمية المحور المصري السعودي في شكله الإيجابي الذي يدعم القوة العربية ويعزز المقدرات العربية. لذا فإن من الضروري لدول الخليج دعم الجهود المصرية لاستعادة دورها القومي التاريخي التقليدي. وأولى مظاهر الدعم الخليجي لدور مصر القومي الجديد هو مقابلة المبادرة المصرية التي أكدها وزير الخارجية المصري السيد نبيل العربي بأن منطقة الخليج العربي تمثل عمقاً إستراتيجياً أساسياً للأمن القومي المصري، وبأن عروبة الخليج واستقراره وأمنه «خط أحمر، ويمثل التزاما قومياً بالنسبة لمصر»، بمبادرة خليجية مماثلة. لذا أتمنى على دول الخليج العربية التي أعلنت خلال ثورة «25 يناير» عن استعدادها لتقديم دعم للحكومة المصرية بمقدار خمسة بلايين دولار، أن تبادر للوفاء بوعدها بدعم المقدرات المصرية في مرحلة التحول المهمة التي تخوضها مصر. ولا أرى أنسب من هذا الوقت لمقابلة المبادرة المصرية تجاه دول الخليج بمبادرة خليجية لدعم الاقتصاد المصري والوقوف مع مصر الشقيقة كي تعود مجدداً قوية .. فقوة مصر هي قوة للعرب جميعاً. [email protected]