تداول مجتمع ( البلاك بيري ) رسالة خلوية تقول : فقط في السعودية ، يأخذون إجازة قبل الإجازة ، من أجل الاستعداد للإجازة ، و يأخذون إجازة بعد الإجازة ليرتاحوا من الإجازة . و الرسالة فيها من الواقعية قدر محرج فعلا ، فعلى تأكيدات وزارة التربية و التعليم على أنها ستحاسب أي معلم يوحي أو يحرض التلاميذ على الغياب قبيل الإجازة الرسمية و تنبيه الطلاب على أنه سيتم حسم درجتين عن كل يوم غياب قبل الإجازة و بعدها إلا أن المدارس في آخر يومين دراسيين شهدت تعطيلا كبيرا للدراسة بسبب التغيب الطلابي الفادح غير آبهين بإجراءات الوزارة التحذيرية ، و حب الإجازات و التغيب أمر يستحق التأمل و المناقشة على أصعدة شتى ، فما الذي يجعل الكثيرين يستبشرون بسوء الأحوال الجوية و غزارة الأمطار و ربما تمنوا ألا تحل مشاكل البنية التحتية ليضمنوا استمرار إجازات ( العج و المطر ) ، ولم يجد من يتزعم حملة ( دق التحية أنت في السعودية ) إلا اعتبار قصر هذه الانطباعات على السعوديين غير منصف و مرده للغيرة من الإجازات المتوالية التي حصلوا عليها الأسابيع الماضية حتى ظن البعض أن السبت سيصبح إجازة رسمية ضمن باقة الخميس و الجمعة ، و الحق إن الفرح بالإجازات ليس من اختصاص السعوديين وحدهم ، فالعرب إجمالا يحبون الإجازات و على مر التاريخ ، و قبل التعليم الرسمي ، و لنؤتي العهدة مثلا على كاتب مسلسل المتنبي في نسخته الأحدث الذي تضمن المسلسل مشهد صف دراسي لأبناء أمراء بني حمدان و هم من احتفى بالعلم والعلماء و قربوهم ، حيث يدخل المعلم على تلاميذه و يبشرهم بهروب أبي فراس الحمداني من أسره و أن بإمكانهم مغادرة الدرس في أي وقت للاحتفال ، ولم يقترح أن يحتفل مع تلاميذه في التدرب على مهارة القفز من القلعة مثلا وحسنا فعل لأنه يعلم أن لو تدربوا على القفز و التسلق لكانت قلعة العلم أول قلعة يثبتون فيها اكتسابهم لهذه المهارة لمغادرة أسوارها كما فعل أحفادهم لاحقا ، و على عراقة ثقافة حب الإجازات التي - فيما يبدو – يمكن أن يندرج تحتها كل الرخص و التفويضات الاستثنائية ، إلا أن ثقافة الاحتفال بالإجازة لم تستطع إقناع العرب باعتناقها ، فأغلب ما يحسنه العرب للاحتفال بالإجازة هو النوم حتى الظهيرة ، موعد الانصراف من العمل ، مع أن غالبيتهم يمارسون هذا الطقس المقدس في مكاتبهم و هم على رأس العمل ، فيكاد يكون الفرق بين الإجازة و الدوام الرسمي هو مكان النوم فقط .