* اختفت كما ظهرت فجأة.. حزَنَ وإن لم يتألم.. تذكركم من مرة سرح يبني فيها خيالات.. ويرسم آمالًا.. فقد ظن مع ظهورها في حياته أنها الحلم الذي انتظره طوال أيامه.. وأنها الأمل الذي سينسيه آلام سنينه.. والحضن الدافئ الذي كان يتوق له. * استرجع اللحظة الأولى عندما رآها وكأنها ضياء شمس.. وإطلالتها وكأنها عنقاء أسطورية.. فقد سلبته لبه.. وهام ببهائها وأناقتها وجمالها.. وتذكر ارتباكه وتلعثمه وتردده وهو لا يدرى كيف يقترب منها. * تذكر اللحظات حينما رآها فجأة في المقهى البيروتي.. ومصادفة المكتبة.. واندهاشة الطائرة.. وظنه أن كل ذلك كان إشارات (قد) للجمع بينهما للأبد.. واسترجع كلماتها التي نقلته إلى عوالم حالمة أعادت له الأمل.. وأحيت فيه الروح من جديد. * كم من مرة كتب لها يصرح في وضح النهار بمشاعره الفياضة.. وأحاسيسه الصادقة.. وكم من مرة رسم له ولها في أحلامه حياة لم يعرفها سوى عشاق الروايات والأساطير.. وبنى لهما في خياله بيتًا بعيدًا عن الأنظار ليعيشا في هدوء لا يراهما إنسان. * عندما كان يروي لأصحابه أحلامه تلك.. ويحكي لهم عن حبيبته وشغفه بها.. كانوا يستغربون.. هم يعرفون رومانسيته.. لكنهم لا يؤمنون أن حبًا كحبه يمكن أن يدوم في عصر تغيّرت فيه المفاهيم ولم يعد فيه للرومانسية مكان..!! * يصر عليهم أن الحب الذي يعيشه أبدي.. وأن حبيبته هي المرأة التي بعثها له القدر لتكون واحة الدفء التي تحتضنه بقية أيامه.. وتنسيه عناء سنينه.. وتعب عمره.. وقسوة زمانه.. ملأت عليه حياته.. يفكر فيها ليله ونهاره.. أشواقه تسبقه إليها.. أحاسيسه الصادقة تدفعه للهيام بها أكثر وأكثر. غدت أيقونته.. وضياء أيامه. * غيابها الفجائي أحزنه وإن لم يحطمه.. تعوّد طوال محطات حياته على الخيبات والانكسارات العاطفية.. وفي كل مرة يخرج منها سليمًا مُعافى.. لكنه في تجربته هذه انهارت آماله.. وتبعثرت أحلامه.. فقد اعتقد أنه وصل محطته الأخيرة.. وأن أيام شقائه ولّت إلى غير رجعة..!! * تساءل مع نفسه هل استعجل فهم اللحظة..؟؟ أم أنه كان يعيش وهمًا..؟؟ أم أن ما كان يقوله له أصدقاؤه هو الصحيح.. فالواقع أقسى مما كان يظن.. مزق أوراقه وحطَّم أقلامه.. لكنه عاد إلى رشده.. وأفاق من غيبوبته.. فلمعت في ذهنه الشرارة التي طالما أبقته قويًا يصارع قسوة الأيام.. ويكابد أزماتها. * الحياة في قناعته الراسخة صحراء قاحلة.. ورمضاء حارقة.. وفناء أبدي بدون حب.. فالحب عنده هو الغيث الذي يُحيي الأرواح.. ويضيء النفوس.. وينعش القلوب.. ويديم الحياة.. أحلامه لا حدود لها.. سيبقى يحلم ويحلم ويحلم.. حتى تتحقق أمانيه ويعيش حلمه الحقيقي. فاكس: 6718388 – جدة [email protected]