في موضوعية ومنهجية عالمية يكشف الدكتور فهد السماري أمين دارة الملك عبدالعزيز كثيراً من جهود الدارة ويلقي الضوء على بعض المواقف التاريخية للملك عبدالعزيز مع من كان يختلف معه أو يرون ما يقوم به غير صحيح .. حيث أكد الدكتور السماري أن الملك عبدالعزيز لم يبد معارضيه أو يرفض ما لديهم بل قام يتعيينهم في مناصب قيادية. وفي الحوار أوضح أن وجود الدارة في مشروع مسح المصادر التاريخية الوطنية يمثّل ضمانة أساسية في عدم تحوّل المراكز المقترحة لتوثيق التاريخ الشفهي إلى كيانات إقليمية، مؤكدًا أن الهدف الرئيس لهذه المراكز هو التوثيق للتاريخ الشفاهي بكل ما فيه حتى وإن كان ما سيرصد سيحتوي على أمور غير مقبولة، من واقع أن الدارة جهة توثيقية وليست معنية بالحكم على محتوى الرصد، تاركًا تقييم ذلك للدراسات التي سيقوم بها الباحثون لاحقًا، مبينًا أن هذه المراكز ستخدم كافة مناطق المملكة، وستولي اهتمامًا كبيرًا بالتاريخ الاجتماعي لهذه المناطق، مؤكدًا أننا بحاجة لأن نقدم الدرعية على أنها عاصمة للدولة السعودية الأولى، لافتًا إلى أن غياب المؤسسية وراء القصور في توثيق تاريخ الدرعية، مبينًا أن الدارة أعدت مشروعًا شاملاً لتلافي ذلك. مشيرًا إلى أن الدارة تتعامل فقط مع المخطوطات السعودية المحلية ولا تتعرض لأي مخطوطة منسوخة في أي مكان آخر.. * نبدأ بآخر مشاريع الدارة حيث افتتحتم أكثر من مركز في المناطق منها مركز تاريخ مكةوالمدينة والآن مركز تاريخ المنطقة الشرقية.. لا شك أنكم قمتم بهذه الخطوات على ضوء خطة واضحة، نتمنى أن تعرفنا على هذه الخطة العامة؟ الدارة منذ أن تأسست عام 1392ه وهي تحاول تقديم خدماتها لجميع مناطق المملكة؛ في العام 1416ه ومن ثم في العام 1424ه بدأت الدارة في مشروع مسحي متكامل لجميع مناطق المملكة وأطلق عليه اسم مشروع مسح المصادر التاريخية الوطنية، كان الهدف من هذا المشروع هو أن نصل إلى كل محافظة ومركز في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية لنقوم بتوثيق الروايات الشفهية، ونقوم كذلك بتوثيق تاريخ هذه المناطق، والتعرف من خلال اجتماع مفتوح على الأهالي والمؤرخين في كل منطقة على حدة حتى نتعرف على ما لديهم من معلومات ونعرف كيف نخدمهم. بعد انتهاء هذه المرحلة المسحية تبين للدارة أن هناك حاجة ماسة لوجود مراكز متخصصة؛ هذه المراكز ليست فروعًا كما يعتقد البعض، إنما هي مراكز علمية متخصصة القصد منها خدمة تاريخ المنطقة والباحثين بحيث لا نفترض أننا نريد خدمة أي باحث يريد بحث تاريخ المنطقة، كذلك ليس المقصود أن يكون هناك فرع مالي وإداري وعلمي ولكن المقصود هو أن يكون هناك مركز تخصصي يعنى بتاريخ المنطقة في الدرجة الأولى؛ لذلك بدأنا بمركز تاريخي مكة بحكم مكانة مكةالمكرمة في نفوس الجميع وأهمية تاريخها، والحمد لله هناك الآن عمل كبير حيث بدأنا العمل في المركز ولدينا طموحات كبيرة لتطويره إلى الأحسن والأفضل. في أواخر الشهر الحالي وأوائل الشهر المقبل سوف نقوم بإذن الله بتدشين مركز تاريخ المدينةالمنورة حيث تمت الموافقة على أن يرأس صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز مجلس إدارة مركز دراسات وبحوث المدينةالمنورة القائم حاليًا وتشرف الدارة عليه، مع العلم أن المركز موجود في المدينةالمنورة وسيتم تطويره. والحمد لله تأسست المراكز الآن في مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة. أما بخصوص المركز الثالث فسوف يكون في المنطقة الشرقية وهناك ترتيب حاليًا للتأسيس وخدمة المنطقة وبعد ذلك سيقوم مجلس الإدارة في اجتماعاته القادمة بتأسيس مراكز أخرى بإذن الله... * يبدو لي أنكم في البداية جمعتم مركزي مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة في مركز واحد وبعد ذلك رأيتم فصلهما؟ هذا صحيح؛ وعائد إلى أهمية المكانين المقدسين، وكان هناك مركز في المدينةالمنورة ورأينا أن نرجع الأمر إلى التأكد مما إذا كان هذا المركز القائم سوف يخدم المدينة أم أن هناك حاجة لتأسيس مركز جديد. بعد المناقشة مع مركز دراسات وبحوث المدينةالمنورة ومع مجلس الوقف لأنه خاضع للوقف تبين إمكانية أن تشرف الدارة عليه ولا حاجة لإنشاء مركز جديد وإنما يتم تطوير الموجود. لذلك تم الاتفاق على أن يكون مركز مكةالمكرمة خاصًا بمكة فقط وأن يكون مركز المدينةالمنورة خاصًا بالمدينة فقط. ضمانة الدارة * ألا تخشون أن تتحول هذه المراكز إلى كيانات إقليمية دون أن تكون هناك وحدة تاريخية؟ كان هذا سيحدث لو كانت هذه المراكز منفصلة وأنشأت كل منطقة مركزًا خاصًا بها، ولكن هذه المراكز تحت مظلة الدارة وإشرافها، لذلك فالجانب الوحدودي في هذه المراكز متوفر والأهداف منها مكتوبة ومرسومة وهي: 1- خدمة التاريخ العام للمملكة. 2- العناية بما يخص المنطقة. كما لا يمكن أن نكتب تاريخ المملكة دون أن تقوم كل منطقة على حدة بكتابة تاريخها الخاص ضمن المنظومة الشاملة. فإن التخوف الإقليمي سوف ينتهي لأن الدارة سوف تتأكد من أن هذه المراكز جميعها تخدم المملكة. فمركز المنطقة الشرقية لن يكون خاصًا فقط بالمنطقة الشرقية، وإنما يختص بتاريخ المملكة العربية السعودية مع التركيز على المنطقة الشرقية، ونفس الأمر ينطبق على مراكز مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة وعسير والقريات والجوف وجيزان. وجود الدارة كضابط للجميع سيحقق الأهداف الوطنية من هذه المراكز ويزيل التخوف الذي ذكرته. * هل ستعنى هذه المراكز بتاريخ المناطق أم بتاريخ الدولة في هذه المناطق؟ سيكون الاهتمام بتاريخ المكان أيًّا كان العمق التاريخي لهذا المكان، وذلك لأن المملكة العربية السعودية ورثت تاريخ الجزيرة العربية حتى ما قبل ظهور الإسلام؛ لذلك نحن مطالبون بتحقيق التاريخ والعناية به منذ فترة ما قبل الإسلام وحتى اليوم، لذلك سيجيء تاريخ الدولة في هذه المنطقة وهي جزء من التاريخ العام. النقطة المهمة هي أننا سنخدم تاريخ هذه المنطقة ليس فقط منذ تاريخ الدولة السعودية بل قبلها، سوف نهتم بالمكان وسوف نهتم بالموروث وسوف نهتم بالإنسان وسوف نهتم بالكتابات المدونة عن المكان، سواء في داخل المنطقة أو خارجها. رصد شامل * هل قمتم بمراجعة وتصويب ما ورد في هذا النتاج التاريخي؟ من النتاج المتوقع من هذه المراكز أنه ستكون هناك دراسات نقدية. كتب الكثير من داخل وخارج المملكة. حتى الكتابات التي كتبها سعوديون قد يكون بعضها غير صحيح. لذلك من المهم جدًّا أن يكون دور هذه المراكز هو تنقيح هذه الكتابات. كما لا بد أن يكون هناك رصد شامل ولا ينبغي أن يُستبعد شيء. البعد التاريخي ينبغي أن يكون مفتوحًا. هذا مهم أيضًا لأن الإسهامات التي تمت في هذه المناطق على أرض الجزيرة العربية ينبغي أن يتم توثيقها مهما كانت. كذلك فإن أهالي المنطقة بدون شك ستكون لديهم القدرة على استيعاب ما إذا كانت هذه المادة صحيحة أم غير صحيحة، وعندما أستعين بباحث مهتم من هذه المناطق وتكون لديه دراية أكثر من غيره بها سوف نستفيد من أن التدقيق سيكون أكثر. الأمر الآخر هو أن هذا الباحث سيكون شريكًا معنا في تصحيح المعلومات التي تخص بلده ومجتمعه لأنه بدلاً من أن أنتقده ويكون موقفه دفاعيًا وقد يفقد الشراكة في موضوع الرؤية العامة؛ لذلك فإن ما سيتم رصده سيكون هو دور الباحثين في أنحاء المملكة وهو التنقيح والتصحيح والمراجعة لكل ما سبقت كتابته. عناية بالتاريخ الاجتماعي * هل سيكون التاريخ سياسيًّا واجتماعيًّا فقط؟ التاريخ سوف يشمل كل شيء؛ وللتأكد مما أقوله يمكنك النظر إلى مشروعات الدارة، وستجد أننا نهتم بالمكان سواء كانت آثار، ولا أعني العناية بتلك الآثار لأن هذه مسؤولية هيئة مختصة تقوم بدورها على أكمل وجه وإنما أعني تاريخ هذه الآثار والمعلومات التاريخية عنها. أتحدث عن الإنسان وجهوده سواء أعلام أو أسر أسهمت وتاريخ القبائل والبادية والحاضرة. أتحدث عن الموروث الاجتماعي ولدينا مشروع كبير جدًّا وهو توثيق الحياة الاجتماعية والاقتصادية في المملكة من تقاليد وفلكلور وكل هذه الجوانب. سنتعاون مع وزارة الثقافة والإعلام ومع الهيئة العام للسياحة والآثار وأعتقد أن هذا مشروع كبير جدًّا. التوثيق سيكون شاملاً للسياسة والاقتصاد والموروث وكل ما أسهم به الإنسان والنقوش والآثار التاريخية الدالة والمقتنيات التاريخية في هذه المنطقة والعادات والتقاليد وإسهامات الناس والأسر. بدون التوثيق الاجتماعي لأي منطقة وأي بلد لا يمكن كتابة التاريخ. السياسة مهمة والتاريخ السياسي مهم، لكن التاريخ الاجتماعي مهم أيضًا وعامل مهم لفهم التاريخ العام. منذ عدة سنوات أدركنا هذه الحقيقة بعد أن قمنا بإجراء المسح، لذلك تم اعتماد التاريخ الاجتماعي وتعاونت معنا الجمعية السعودية لعلم الاجتماع في جامعة الملك سعود وجامعة الإمام واشترك معنا عدد من الباحثين وأقمنا ورشة عمل وعقدنا ندوة عن التاريخ الاجتماعي في عهد الملك عبدالعزيز. نحن الآن أبعد من هذا التاريخ. التاريخ الاجتماعي للمملكة يعود لأبعد نقطة في التاريخ يمكن أن يتذكرها الإنسان. قد تكون هناك عادات قبل العهد السعودي وهذه أيضًا سيتم توثيقها. قد تكون هناك لهجات قبل العهد السعودي وهذه أيضًا سيتم توثيقها لأنها جزء من تاريخنا. لا ينبغي أن نتحدث عن تاريخنا من منظور سياسي فقط. وإنما من منظور اقتصادي واجتماعي ومن أبعد نقطة يمكن للإنسان أن يتذكرها. الدليل على اهتمامنا بالأمور الموسوعية أننا عندما ذهبنا إلى مناطق المملكة المختلفة وسجلنا ما يزيد على خمسة آلاف توثيق شفهي كنا نقصد الفلاح ليتحدث عن زراعته والنجار ليتحدث عن نجارته واهتممنا بالعادات والتقاليد سواء في الزواج أو غيره، كما اهتممنا باللهجات والإدارة وتحدثنا مع من كان أميرًا أو شيخ قبيلة واهتممنا بالقبيلة والأسرة وبناء المجتمع، وكافة الأماكن، ما اختفى منها وما لا يزال موجودًا... توثيق وليس حكم * ربما تجدون ممانعة من بعض التيارات الدينية، لاسيما وأننا نعرف تعدد وتنوع المذاهب الدينية، كيف تتعاملون مع هذه الحساسية؟ لا توجد أي حساسية طالما أن الأمر عبارة عن توثيق. لسنا مختصون بالحكم بأن هذا على حق وهذا خلاف ذلك، فهناك مختصون في هذه الأمور. حتى في العادات والتقاليد ربما تكون هناك أشياء غير مقبولة، فهل معنى ذلك أن نتلفها كمعلومة؟ هذا مستحيل. لأنها معلومة تاريخية ينبغي أن توثق. سيأتي يوم يحتاج فيه أحد الباحثين لهذه المعلومة، ولكن لا ينبغي أن نستخدم هذه المعلومة للإساءة لأي شخص أو لمجتمع أو قبيلة أو منطقة أو مدينة، هذا لا ينبغي. المواد المرصودة لا ينبغي أن تكون لإثارة خلافات أو لانتصار فئة على أخرى لأن هذا ليس ضمن المنهج العلمي على الإطلاق. لكني أتفق معك في أن هناك آراء حول عادات وتقاليد ليست دينية وإنما أمور اجتماعية ولكنها ينبغي أن توثق. قضية الحكم عليها من اختصاصات الباحث العلمي ومن له رأي في هذا الأمر. لكنا بحكم دورنا كجهة توثيقية فإننا مطالبون بالمحافظة على التاريخ والتراث بالطريقة العلمية الصحيحة. رؤية ثابتة * وماذا عما أثير عن معارضة كانت تستهدف الدولة الحديثة وما أثير من مطبوعات؟ عندما تتحدث عن هذا الجانب فإنك بلا شك تتحدث عن جانب موثق حتى اليوم وليس غريبًا. هناك من كانت له وجهة نظر ومن كان يرى أن ما يتم غير صحيح وبعد ذلك رجعوا عن ذلك الرأي. كل هذا موثق، ما كان يقال في البداية وما قيل بعد الرجوع. ليس عيبًا أن يكون لدى الإنسان رأي ولكن العيب أن يخفي هذا الرأي ويقول إنه لم يقل به. نجاح الإنسان في أن يقول كنت كذا والآن صرت كذا لأني شعرت أن موقفي الأول كان خطأ. الملك عبدالعزيز حتى في تعامله مع رجالاته تجد أن موقفه من الذين وقفوا ضده لم يقم بطردهم أو إجلائهم أو إبادتهم. من اختار منهم الخروج من البلاد فتلك هي وجهة نظره. أذكر أن أحد الذين خرجوا من البلاد عندما اختلف مع الملك عبدالعزيز وأراد في ما بعد العودة – وهذا نموذج لتعامل الملك عبدالعزيز مع الآلاف. هذا حدث عندما نأخذ موقف السيد طاهر الدباغ الذي كان من الذين عارضوا الملك عبدالعزيز في بداية مشروعه ومن الذين غادروا خارج البلاد، ثم بعد ذلك بعث للملك عبدالعزيز خطابًا يرجوه القبول بعودته إلى أسرته فرحب به الملك عبدالعزيز وبعودته إلى أسرته. الملك عبدالعزيز كان خارج الرياض في ذلك الوقت وكان في واجب عزاء في الإحساء وعندما عاد إلى الرياض وجد أن الدباغ قد وصلها فاستدعاه ولم يكن الدباغ يدري ماذا سيقول له الملك عبدالعزيز وهل سيلومه أم لا، أم سيسجنه. عندما قابل الملك عبدالعزيز قال له إنك ذكرت في خطابك أن الشعب جاهل، وهذه مديرية المعارف فتولها. ولاه الملك عبدالعزيز وزارة المعارف حتى يقضي على الجهل. هذا قمة التعامل الراقي مع الرعية. الملك عبدالعزيز لم يتعامل مع معارضيه بالرفض والإبادة بل ولاهم المناصب وأوكل إليهم الأعمال. هذا هو منهج الدولة حتى اليوم وهناك أممثلة كثيرة تدل على ذلك. عندما دخل الملك عبدالعزيز حائل كان من ضمن الذين كانوا مع ابن الرشيد شخص حاول الاختباء عن الملك عبدالعزيز ولم يكن يريد أن يراه خوفًا من أن يبطش به، فقال له الملك عبدالعزيز أن يظهر نفسه لأنه كان من رجالات ابن الرشيد وسيصبح من رجالاته هو. هذه الرؤية لا تزال رؤية المملكة. من يشكك في هذه الرؤى وهذه الكلمات أعتقد أنه لا يقرأ التاريخ ولا يعرفه وإنما يقرأ قصصًا خيالية أو قصصًا من خارج المملكة. هذه الرؤى ينبغي أن توضح بصورة أكثر. أمثلة بلا ضابط * دار جدل وحديث كثير حول إصداركم الأخير..«أهل العوجا» حبذا لو حدثتنا عن ذلك؟ ليس جدلاً ولكنك تعرف أن الأمثلة الشعبية ليس لها ضابط. عندما تدرس بمنهجية وأدلة أو ضابط يوضح ماهية السبب في ذكرها وعندما تدرس هذه الأمثال منهجيًا وعلميًا وعن طريق الأدلة يتضح الأمر. قد يأتي الرأي العلمي مصادمًا للرأي الشعبي أو الرأي المشاع. هذا الرأي الشائع من الصعب أن تتمكم من إزالته بسهولة ولكن عندما يكون هناك دليل فإنه سيكون هناك اقتناعًا وقبولاً مع مرور الوقت. مثل هذا المثل رمز ونخوة للمملكة وكان منذ القدم، وكتبت عدة محاولات لتفسيره من هنا وهناك. ومنهم من فسره بأن القصد منه الدين والملة، ومنهم من قال إن القصد هو كلمة «لا إله إلا الله». الإنسان عندما يفكر بطريقة منطقية يجد أنه عندما جاء الشيخ إلى منطقة نجد على سبيل المثال لم يكن الناس كفارًا ولا يعرفون كلمة «لا إله إلا الله» فهذا مستحيل والدليل على ذلك هو وجود العلماء وكانوا ينافحون ويتجادلون في أشياء كثيرة لكن لم يكن هناك قول بأنهم كانوا كفارًا. عندما أخضعنا تلك المقولة للدليل والدراسة العلمية وجدنا أن ما كان شائعًا غير صحيح والذي ثبت بصورة واضحة في الشعر الذي كان سائدًا آنذاك ويعتبر الممثل للناس في أحداثهم التاريخية. الشعر يثبت أنها كانت الدرعية، المنطقة التي انطلقت منها الدعوة وانطلقت منها الدولة السعودية وسميت بحكم اعوجاج منطقتها طريف، فأصبح في الموروث الشعبي في ذلك الوقت اختلاف التسمية في ذلك الوقت، وأن هذه هي التسمية الحقيقية التي ارتبطت بحقيقة علمية وأدلة ثابتة. قطعًا سيأتي من يرفض هذا الكلام. هذا طبيعي لأنه يؤيد الرواية المتواترة، وهناك بدو يقبلون بهذا الكلام. المهم هو أن يكون توثيق مثل هذه الأمور مبنيًا على الناحية العلمية وليس على اجتهادات فردية أو اجتهادات روائية ليس لها سند. أثبتنا في الكتاب عدة أدلة. كذلك أثبتنا في الكتاب أن هذا لا يعني أن من قال بأن العوجة هي هذه الدعوة قد جاؤوا بشيء مخالف. قد يكون ذلك لأنه في الموروث الشعبي، ولكن الحقيقة التي أثبتها الكتاب أن هذا المكان هو الدرعية التي التقت فيها الدعوة. العاصمة الأولى * ذكرتم في حديثكم الدرعية وهي تتجه الآن نحو العالمية من خلال إدخالها في اليونسكو، فكيف نقدمها للآخر ونتمكن من تعريفها بصورة صحيحة، ما هو إسهام دارة الملك عبدالعزيز في هذا الموضوع؟ الدارة لديها مشروع شامل لتوثيق تاريخ الدرعية وتوثيق تاريخ الدولة السعودية منذ بدايتها في القرن الثامن عشر الميلادي والقرن الثاني عشر الهجري. دورنا في هذا الجانب هو تغطية أوجه القصور في توثيق تاريخ المدينة والدولة في ذلك الوقت. القصور ناتج من وجهة نظري من عدم وجود الجهود المؤسسية للأسف بحيث تستطيع أن تلم شتات هذا التاريخ، الآن الدارة دخلت في هذا المضمار والحمد لله وقطعت في ذلك شوطًا كبيرًا مع الهيئة العليا لتطوير المدينة. بعد ثلاث سنوات عندما يفتتح المشروع التاريخي لتطوير الدرعية التاريخي ستكون الدارة قد قدمت مشروعها التوثيقي الشامل. نحن بحاجة لأن نقدم الدرعية على أنها عاصمة للدولة السعودية الأولى، والعاصمة التي وصل نفوذها إلى حدود العراق وحدود الشام وجنوبًا إلى نهاية الجزيرة العربية وحدود اليمن والبحر الأحمر والخليج العربي. هذه الدولة لم يكن امتدادها بسهولة لأن الدولة كان لها مشروع حضاري قوي تمثل الدرعية نبضه. ينبغي أن نعيد صياغة هذه المادة لتصل إلى الناس سواء الشباب أو الجيل القادم، وأن نعيد صياغة هذا التاريخ بحيث يمكن للناس أن يقرءوه بسهولة وليس كمصادر علمية تبقى للتاريخ والتوثيق وكذلك ذكر التضحيات التي قدمت. كذلك سقوط الدرعية عندما بدأت الحملة العثمانية المصرية المشهورة فقد صاحبت تلك الحملة دروسًا في كيفية ومراحل الدفاع التي مرت بها، والجيش الجرار الذي جيء به حتى من أوروبا، والخبراء والمدافع والمرتزقة حتى من شطر شمال إفريقيا، هؤلاء جاؤوا من جميع أنحاء العالم إلى وسط الجزيرة العربية ليسقطوا الدرعية. السؤال الكبير هو: لماذا؟ أعتقد أن أمامنا مشروع مهم جدًّا يمكن أن نقدمه من خلال هذه الأسئلة الهامة حتى يعرف الناس حجم هذا التاريخ. التاريخ الغائب * ألا ترى – بصفتك خبيرًا في التاريخ – أن تاريخ المملكة ينبغي أن يكون مادة أساسية في الجامعات؟ سمو الأمير سلمان بادر في مجلس إدارة الدارة وطرح هذا المشروع وكُتب به لوزارة التعليم العالي وبدأت بعض الجامعات في التنفيذ وهناك جامعات أخرى في الطريق حاليًا، وامتدادًا لهذا الأمر سيتم عقد اجتماع بين مجلس إدارة الدارة ومديري الجامعات السعودية بإشراف وزارة التعليم العالي. الهدف من هذا الاجتماع هو هذا الأمر. لا يمكن أن نلوم الجامعات لأنها تعاني من مشاكل عديدة؛ أولا: من سيقوم بتدريس هذه المادة؟ وأين هو المنهج المكتوب الذي يمكن أن يناسب الطلاب؟ الدارة تعمل في الوقت الحالي على كل هذه الأمور مع الجامعات ومع بعض التربويين حتى يكون المشروع جاهزًا ويبدأ العمل به عند إصدار القرار. والجامعات لديها رغبة في ذلك ولديها استعداد وليس لديها مانع على الإطلاق، ولكن نحن نعمل على حل الإشكالات الفنية التي يمكن حصرها في المنهج والأستاذ كذبة بسيطة * بخصوص التسجيلات الشفهية فإن البعض كان لديه تخوف من التسجيلات وخاصة أنها شفهية، كيف ترى نسبة قبول هؤلاء خاصة أن منهم معاصرون؟ في العام 1416ه عندما بدأنا في تأسيس المركز فإن الخطوة الأولى التي اتخذناها هي البحث عن تجربة قديمة من التجارب العالمية. كان هناك اتحاد أو جمعية للمراكز العلمية للتوثيق الشفهي. اتصلنا بهم وكان لديهم مؤتمر يعقد مرة كل عامين. شاركنا في المؤتمر بهدف الاستطلاع، ووجدنا أن أقدم مركز للتوثيق الشفهي مرتبط بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس. تمت زيارة الجامعة من قبل مختصين من المركز ومتعاونين من الجامعات بتكليف من الدارة واستطلعوا هذا المركز وما يقوم به من أعمال وتم استخدام الطرق المنهجية وليس المضامين لتنفيذ هذا العمل هنا، طريقة التسجيل، الاختيار، التفريغ، التحليل، المراجعة، حفظ المواد عندما تأتي، طريقة الملكية والمحافظة على السرية. تمت دراسة كل هذه الأمور بشكل كامل ثم تم تكليف اثنين من المتخصصين من جامعة الملك سعود وجامعة الإمام للعمل على هذا المشروع تحت إشراف الدارة إلى أن تأسس المركز. بعد ذلك تم تدريب فئات من الموظفين والمتعاونين في داخل الدارة قبل أن نبدأ ونذهب إلى الناس. بعدما جاء مشروع مسح المصادر تم تنفيذ الأمر وتجهيز الفريق بكل التجهيزات اللازمة ثم ذهبوا إلى مختلف مناطق المملكة. كانت معهم أيضًا ورقة تسمى الصعوبات تسجل فيها كل الصعوبات التي تعترضهم. لماذا يعتذر الفرد؟ لماذا يمانع؟ ما هي الأسئلة التي ينبغي أن يسألها؟ فوجئنا بالنتائج لأنه كان هناك قبولاً كبيرًا جدًّا. وكان هناك رفض في البداية ولكن النسبة لم تكن كبيرة ولم تتجاوز 30%. عندما جاء العام 1424ه وأردنا أن نزور نفس المناطق مرة أخرى ونطبق نفس البرنامج ولكن بشكل أوسع لأننا اعتمدنا على تجربتنا الأولى. لذلك أوجدنا حلولاً للصعوبات عن طريق ورشة عمل داخلية. البعض رأى أنه قد يسأل عما يقوله وهذه المشكلة أوجد فريق العمل الخاص بإعداد الأسئلة حلولاً لها. بعضهم قال إنه يخشى أن يضر بغيره من الأسر والقبائل الأخرى وأوجدنا حلولاً لذلك أيضًا. بعد أن ذهب الفريق تقلصت نسبة 30% إلى 5% وهؤلاء لم يعتذروا إلا لأسباب نفسية فقط ولأنه لا يستطيع التحدث عن أمور كان مسؤولاً عنها لأي شخص. الحمد لله أن ما يؤكد نجاح المشروع أننا نتلقى أسبوعيًا اتصالات من أشخاص يريدون التسجيل. سأذكر لك موقفًا طريفًا؛ كان الفريق يزور إحدى مناطق المملكة وكانت هناك شخصيتان مهمتان لا بد أن نسجل معهما لأنهما من الضالعين في قضايا تاريخية مهمة جدًّا. واجه الفريق صعوبة لأن كلتا الشخصيتان رفضتا مبدأ التسجيل. لذلك اتبعنا أسلوبًا مختلفًا حيث طلب من الفريق أن يذهب إلى الشخصية (أ) ويقولوا له إنهم سجلوا مع الشخصية (ب) وأنه ذكر لهم أحداثًا هامة وأنهم جاؤوا فقط للسلام عليه. ففوجئ الشخص وتساءل ما دام الشخص الآخر وافق على التسجيل معه فلماذا لا يقوم هو بذات الشيء كنوع من المنافسة؟ فقبل بالتسجيل مع أننا لم نسجل مع الشخصية الأخرى. تلك كانت كذبة بسيطة لأجل الحصول على معلومات تاريخية مهمة، إضافة لأنه لن يقول شيئًا يحاسب عليه في ما بعد قانونًا. بعد أن انتهوا من التسجيل مع الشخصية (أ) ذهبوا إلى الشخصية (ب) ومعهم الآن حقيقة أنهم سجلوا مع السابق. لكن الشخص (ب) كان أشد إصرارًا لأنه طلب أن يستمع إلى جزء من التسجيل مع (أ) وعندما استمع اقتنع وسجل معهم. بعض الصعوبات التي تواجهنا يمكن حلها، لأنهم إذا وجدوا في النهاية أن تسجيلاتهم موجودة لدى مؤسسة موثوقة ومضبوطة وتحترم هذه التسجيلات وتحفظ الحقوق الخاصة للشخص وللمؤسسة والدولة والحق العام أعتقد أنهم سيرتاحون ويتجاوبون. الخشية تكون من إساءة استخدام هذا التسجيل. بصورة أو بأخرى هناك جهود فردية كبيرة ثم بعد ذلك يستخدم هذا التسجيل ضد هذا الشخص. كثيرون رفضوا التسجيل لأن بعض التسجيلات استخدمت ضدهم في يوم من الأيام. الجهود الفردية لها إنجازاتها وهي جهود تشكر وتقدر، لكن ما دام المنتج عام فإن المؤسسة ينبغي أن تكون عامة لتحفظ هذه الأشياء. توثيق تاريخ المرأة * ماذا عن تاريخ المرأة في المملكة العربية السعودية حيث لدينا كثير من النماذج الرائدة، ما هي جهود الدارة في إبراز هذه الجهود والتعريف بها؟ في المبنى الذي بجوارك الآن اعتمد ضمن التصميم الرئيسي لمركز سارة السديري لدراسات وبحوث عن المرأة في المملكة العربية السعودية. هذا المركز أقر بموجب موافقة سامية على أن تشرف عليه الدارة ولكنه مختص بنسبة 100% في توثيق كل ما يتعلق بالمملكة العربية السعودية تاريخًا وحاضرًا، وإعطاء فرص لتدريب الباحثات وخدمة البحث العلمي في المجال التاريخي بالدرجة الأولى، ولكن ربما بالتعاون مع جهات أخرى ينسحب على قضايا أخرى. المركز سيتعاون مع جامعات أخرى وبالذات جامعة الأميرة نورة وجامعات أخرى خاصة مثل جامعة عفت لخدمة المرأة في المملكة العربية السعودية وسيدرس أيضًا ما هي المجالات التي يمكن أن تُخدم فيها المرأة من ناحية منهجية. كان للأميرة حصة بنت سلمان بن عبدالعزيز جهود كبيرة لأنها هي من بادرت بالفكرة والأمير سلمان جزاه الله خيرًا بادر من حيث الفكرة وأُقرت في الدارة ثم أقرت بموجب الموافقة السامية الكريمة. الآن سينشأ مبنى خاص لأننا لا نستطيع تقديم أي جهد ما لم يكن هناك مبنى يستطيع أن يقدم هذه الجهود. إذا جاء باحث يسأل عن إحصاءات أو معلومات فلن يجد أي جهة مختصة بالمرأة، لذلك جاء هذا المركز ليكون هو الجهة الحاضنة لتوثيق تاريخ المرأة في الماضي والحاضر والمستقبل. المركز سيقدم توثيقًا لأعمال المرأة وخدمتها، ويقدم مبادرات لتطوير بعض المهارات البحثية المنهجية عند المرأة، ويساند بعض الجهات الأخرى ولا يكون بديلاً عنها. كتابات عميقة * مرت بنا مرحلة تاريخية اعتمد فيها الباحثون على ما يكتبه المستشرقون وكأننا نأخذ تاريخ المنطقة من خارجها وبنيت على ذلك بعض الجوانب الخاطئة وإن كنا لا ننكر جهود بعض المستشرقين.. فكيف نعالج بعض الإخفاقات التي تحدث؟ أشكرك على هذا السؤال المهم، ولا يمكن بالطبع أن ننكر أن هناك كتابات كتبت عن المنطقة في الخارج، ولا يمكن كذلك أن ننكر أن من بين هؤلاء الجيد والسيئ. هناك عدد من الكتابات ومن بينها كتابات فيلبي الذي كانت له أغراض سياسية عندما جاء إلى المملكة. لكنه بعد ذلك تحول وأصبح مساعدًا للملك عبدالعزيز وأصبح سعوديًا وأقام بالمملكة وتزوج وأصبح له زوجة وأطفال وأسرة وكتاباته من الكتابات العميقة جدًّا وليس لها ارتباط سياسي، ويستهويه العمل الميداني والكتابة في الآثار والتاريخ والكتابات على ذلك أن جميع الكتابات التي كتبها ولا تزال كتابته موجودة ويمكن الاطلاع عليها بعد أن أعطاها للجهات المختصة. إذا كانت الكتابات سياسية وضعها في أماكن سياسية والشعبية وضعها في أماكنها الخاصة بها وكذلك بقية كتاباته. أعتقد أن هذه الجهود تشكر. هناك منهج اتخذناه في الدارة أولاً اتجهنا إلى عقد ندوات علمية تخصصية منها ندوة الرحلات حيث عقدنا الندوة وأصدرنا التوصيات كاملة لمناقشة الرحالة الذين لهم مواد مكتوبة عن الجزيرة العربية ما لهم وما عليهم حتى نؤصل المنهج العلمي الذي يجب أن يؤصل. لا ينبغي أن نتبع منهج الرفض أو الإلغاء وينبغي أن نعرف ما هي كتابات الآخرين أولاً، ثم بعد ذلك نحكم عليها وننشر هذه الأشياء قبل أن نعلق عليها. لذلك انتقلت الدارة إلى المرحلة الثانية وهي الترجمة وبدأنا بالكتب التي لم تتم ترجمتها من قبل سواء بالفرنسية أو الألمانية أو الهولندية أو الإنجليزية أو العثمانية أو الأوردية واليابانية. بدأنا بعدة مسارات بحيث نترجم هذه الكتب إلى اللغة العربية ونعلق على الهوامش. الهوامش ملك للمترجم والمتن للمؤلف. لدينا مشاريع كثيرة جدًّا مثل بول كارتر ونيبور، ودليل الجزيرة العربية الذي أصدرته بريطانيا في بدايات القرن العشرين الميلادية وهو مليء بالمعلومات المهمة جدًّا كما أنه مليء بالأغلاط. هناك فريق عمل سوف ينتهي قريبًا من النشر لموسوعة متكاملة عن المناطق في المملكة والقبائل والمجموعات وقد بذل فيه جهد ضخم جدًّا لتصحيحه لأنه لو لم يترجم أو تمت ترجمته بطريقة أخرى فسوف يكون أدارة لمعلومة خاطئة. لذلك وضعنا هذه المعلومات في المتن وصححناها، وإذا كانت معلومة المرجع جيدة كتبنا أنها جيدة وإضافة جديدة. أخذنا هذا الخط والعمل كبير جدًّا ولا يمكن أن يتم إنجازه في عام أو عامين أو عشرة أعوام. العمل ضخم ولكن المهم أن الدارة سيطرت عليه من حيث الرصد. نستطيع أن نقول إنه لا وثائقيًا أو كتابيًا سواء في الكتب أو الرسائل العلمية سواء التي كتبت في القرن الثامن عشر حيث توجد في الدارة كتب كتبت عن المملكة باللغة الفرنسية في القرن الثامن عشر وتمت ترجمتها والتعليق عليها ولم تك متاحة من قبل. هذه الكتب تمس تاريخنا وبها معلومات مهمة جدًّا. هناك خط ثالث سوف نسهم فيه قريبًا وهو مناقشة الشخصيات التي أسهمت مثل فيلبي حيث تؤخذ هذه الشخصيات كل على حدة كتخصص وتدرس كتاباتها وتعقد ورشة عمل متخصصة عن هذا الرجل حتى نستطيع أن نوفي المعلومات حقها، ونستطيع في الوقت ذاته أن ندعو الباحثين في اللغة والجغرافيا والتاريخ والآثار ليناقشوه بشكل جماعي، ثم بعد ذلك يؤلف كتاب. أعتقد أن هذا الأسلوب سوف يؤدي إلى تصحيح ما كتب عن تاريخنا. التاريخ الرقمي * أليست لدى الدارة رؤية لتقديم أو إنتاج أفلام وثائقية لأن المصدر التلفزيوني مهم سواء كانت أعمالاً درامية تشرف عليها الدارة بصفتها المرجعية؟ هذا موجود، وقد ذكرت لك جزءًا منه عند الحديث عن التاريخ الرقمي الذي به عدة مسارات منها الكمبيوتر حيث تكون هناك قاعدة معلومات يستطيع من أراد الرجوع إليها والأخذ منها. التقنية اختلفت في الوقت الراهن، حتى الأفلام الوثائقية أصبحت على مواقع مثل اليوتيوب وغيره حتى تكون سهلة التداول. قمنا بعمل دراسة حتى لا يكون الإنتاج الذي سيخرج قديمًا وبأساليب انتهت لذلك فكرنا في الجيل القادم الجديد. نسمع اليوم عن الشاشات المتعددة في شاشة واحدة فكان لنا حديث مع إحدى الشركات الرائدة في هذا الأمر لاستخدامها في التاريخ مثل ما تستخدم في مجالات أخرى. جذبناهم لخدمة التاريخ حتى يستطيعوا المساهمة في خدمة هذا الجانب. تم طرح عدة موضوعات حيث سيتم كتابة المواد التاريخية بدقة ومن ثم يتم تحويلها للوثائقية الرقمية لتبث في التلفزيون أو عبر الإنترنت أو أي وسائل أخرى. اهتمام بالمخطوطات المحلية * هل تقوم الدارة بشراء المخطوطات الموجودة لدى بعض الأفراد كما شاهدناه في المعرض الأخير؟ الجهة المعنية بالمخطوطات هي مكتبة الملك فهد الوطنية كجهة وطنية لحفظ المخطوطات التاريخية. ركزنا فقط على تلك المخطوطات التي تتحدث عن تاريخ المملكة العربية السعودية، ومن أراد من الأسر السعودية أن تتقدم بمخطوطات حتى لو كانت تتحدث عن أمور أخرى، لكن ينبغي أن تكون منسوخة محليًا. لا نتعرض لأي مخطوطة منسوخة في أي مكان آخر، وإنما نتعامل مع المخطوطات السعودية المحلية. الهدف من ذلك هو الوصول للمخطوطات ذات المعلومات التاريخية وليس الهدف مجرد الوصول للمخطوطات بصورة عامة. إذا كان الشخص يرغب في إهداء مكتبته للدارة فنحن نرحب بذلك ونمكنه من حفظها. إذا كان يرغب في بيعها فنحن ننظر في ما إذا كانت تلك المخطوطة مهمة وتدخل في اهتمامات الدارة أم لا. إذا لم تكن تخص الدارة فإن مكتبة الملك فهد الوطنية تستطيع أن تتفق مع الدارة لتشتريها الدارة وتودعها في المكتبة. لكن إذا كانت المخطوطة منسوخة في اليمن أو في المغرب أو في أي مكان آخر فنحن لسنا معنيون بها لأن هناك جهات أخرى مختصة وأعتقد أنه لا ينبغي تكرار الجهد. نحن نعنى بالمخطوطات المحلية المخطوطة والمنسوخة في أي مكان داخل المملكة العربية السعودية. إذا كان المواطن يريد إيداعها نرحب بذلك، وإذا كان يريد ترميمها وتصويرها يمكن ذلك، إذا لم يكن يرغب في تصويرها فله الحق في ذلك. إذا كان يريد بيعها يمكن ذلك أيضًا وكل الخيارات متاحة. أما إذا كانت غير تاريخية فهي تودع في مكتبة الملك فهد الوطنية. دعم البحث العلمي * هل تقدم الدارة منحًا أو دعمًا للبحث العلمي؟ نعم، هناك جائزة ومنحة الأمير سلمان وهذه يعلن عنها كل عام وعندما تنظر للأعوام الثلاثة الماضية ستجد أنها تنوعت في معظم مناطق المملكة... * ما هي الفئات المستهدفة؟ أي باحث لديه القدرة على كتابة بحث علمي والموضوع يستحق يمكنه الدخول لأن الأمر ليس مجرد بحث علمي. عندما ترجع للأعوام الثلاثة الماضية ستجد أن هناك نسبة كبيرة من غير حملة شهادات الدكتوراه وإنما هم باحثون مهتمون بمناطقهم ويبذلون الجهود ولا يحملون مؤهلات عالية ولكنهم من الممتازين في تخصصاتهم. لم يوضع قيد أو شرط على هذا الأمر. جميع مناطق المملكة إذا كان لدى أي شخص موضوع يستحق العمل ويخدم تاريخ المملكة يدعم بصورة مباشرة. ليست هناك قيود بأن لا يتم الدعم إلا بعد الانتهاء بل يبدأ الدعم منذ البداية وكلما تقدم العمل يزداد الدعم إلى أن يتم الانتهاء من العمل. العمل في النهاية ملك للباحث وليس للدارة وبإمكانه أن ينشره أو يحتفظ به. المنح التي تقدم منح جيدة وكافية. -------------------------------- عاشق التاريخ.. أمين الدارة إن عناية الدكتور فهد السماري بالتاريخ تتجلّى بوضوح في مساره العلمي، فهو مولود بمدينة الرياض عام 1377ه، وحاصل على درجة البكالوريوس من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية قسم التاريخ بكلية العلوم الاجتماعية عام 1400ه، ثم الماجستير من جامعة كاليفورنيا «ليفر سايد» بالولايات المتحدةالأمريكية عام 1406ه في التاريخ الحديث، ومن الجامعة نفسها حصل على الدكتوراة عام 1410ه. كما تتجلّى عناية الدكتور السماري بالتاريخ في مساره العملي والوظيفي أيضًا، فلئن كانت محطته الحالية تبرز في تسنمه لمنصب أمين عام دارة الملك عبدالعزيز بالمرتبة الخامسة عشرة، فلقد وصل إليها بعد عدة محطات، عمل رئيسًا لتحرير مجلة «الدارة» منذ عام 1416ه، ونائبًا للأمين العام لمراكز الدراسات والوثائق بالخليج العربي، كما شغل منصب وكيل وزارة التعليم العالي للعلاقات الثقافية خلال الفترة من 1417 إلى 1419ه، وعميد البحث العلمي ومدير مركز البحوث جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية خلال الفترة من 1412ه إلى 1416ه. وغيرها من المناصب المهمة الكثيرة، وخلال هذه شارك في أكثر من أربعين ندوة ومؤتمرًا ومحاضرة داخل وخارج المملكة. كما ألّف العديد من الكتب من بينها «الملك عبدالعزيز وألمانيا»، «أصدقاء وذكريات» «رحلة إلى وسط الجزيرة العربية»، «موسوعة تاريخ الملك عبدالعزيز الدبلوماسي وآخرين»، «الزيارة الملكية»،«مكتبة الملك عبدالعزيز آل سعود الخاصة».