عندما كنت طفلة صغيرة لا تزال تحلم بمستقبل مشرق جميل، كنت دائمة السؤال: هل العالم كله كما أراه؟ أم عيون الطفولة تجعل من الواقع الأليم أسطورة ونثرا وأشعارا، وعندما كبرت ورأيت العالم على حقيقته، رأيت شعارات لا تمت بصلة للنثر والشعر المنظوم أو الشعر النبطي ولا حتى الكلام المعسول، وعندما أصبحت أماً رأيت في أولادي الأمل المنشود، الذي طالما راودني في يقظتي وأحلامي عن المجتمع المثالي، الذي يحكمه العدل والمساواة والرحمة والأخلاقيات المحمدية، والعناوين الحقيقية لواقع يدار بأمانة وولاء، وصدق ووفاء، وعندما أصبحت وحيدة صدمت بواقع لا يمت للإنسانية بصلة ولا للرحمة والعدل والمساواة، رأيت عالما مليئا بالوحوش التي اتخذت من شريعة الغاب قانونا، ومن وراء الأسوار الشاهقة ومن تحت المحيطات والبحور مجتمعات لا يرى فيها شعاع شمس ولا حقوق، على من تلقى اللائمة ؟ هل العالم أصبح كالدابة في آخر الزمان تلتهم في طريقها الإنسان؟ هل أصبح العالم لا يريد أن يسمع ولا يرى إلا ما يريده الآخرون؟ أصبحت تكتب وتدار بعصا سحرية، ونتائج حتمية بواسطة أجهزة الإعلام التي أصبحت تنتج ثورات شعبية وزلازل اقتصادية، وهزات اجتماعية لن يقدر عليها أحد، لأن الأبواب مفتوحة على مصراعيها، وأصبحت الفضائيات والشبكات العنكبوتية مصيدة للعقول البشرية، فاستعملوها لغسل العقول، وتأجيج ما في الصدور، ولكن إن لم تكن لها تربة صالحة تنمو فيها البذور، لما كانت بهذه القوة التي تعادل أشد الأعاصير القاتلة، وأعتى الموجات العالية، فانتشرت الحروب والثورات في عالم يئن تحت خطوط الفقر والإعانات، والقهر والمذلات، فالتربة خصبة لهذه الموجات فأصبحت رياحا عاتية هزت البحار والأمصار وغيرت أشكالا ورسمت نثرا وأشعارا كانت بالأمس كلمات، فأصبحت واقعا وشعارات حقيقية لتنقذ العالم من التأثيرات الهمجية من أناس أضاعوا الطريق، وأصبحوا مجانين سلطة، وقتل، وتعذيب، ومنهم مرضى نفسيون يحكمون العالم وهم يتناولون أدويتهم التي تلهمهم بأنهم على حق، ودوائر مغلقة تحيطهم كأسباب أمنية، فلم يعودوا يرون أبعد من النصائح المقربة ولم يعودوا يسمعون إلا صدى أصواتهم الكاذبة، ووجوه دوائرهم المغلقة الكاذبة، ومنافقون يدورون ويلعبون لأجل مصالحهم الشخصية، فأصبحوا في جبال شاهقة تحيطهم أسوار كاذبة، ولابد لهذه الأسوار أن تقع وتتهاوى لأن الله لن يقبل بالظلم، ولا يقبل ظلم العبد لأخيه، فهو يمهل ولا يهمل، وهذا ما نسوه، وغيبه الله عن عيونهم وضمائرهم التي أصبحت ميتة، ولا تحس بمعاناة الآخرين لأنهم ببساطة لا يعانون، ويجمعون الثروات على حساب جثث الفقراء والمحتاجين، ويحبون المال حبا جما، ويجمعون المال جمعا، ولم يعد الخوف من الله يمثل لهم أي عائق، لأنهم نسوا الله فأنساهم أنفسهم، وسيلاقون مثل الآخرين، الذين نراهم يقعون من أعلى قمة إلى هاوية مظلمة لا يوجد بها صدى. كان الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه.. فلنضع يدنا مع مليكنا وولاة أمورنا لنعبر إلى شواطئ الأمان والاستقرار والعدل في بلادنا، ولننصح الجميع كما أمرنا الله ثم مليكنا، ولنكن يدا واحدة لمواجهة الطغيان والجور والفساد، فالروح بيد الخالق وليس بيد العبد، كما الرزق بيد الله وليس بيد المسؤول، فإن تمسكنا بحبل الله جميعا فلن نخسر حربنا على الفساد، وإن كان قد استشرى في الأتربة العميقة، ولابد أن توجد طريقة لاستئصال الداء، لتخليص هذا المجتمع وبتر الداء المستشري في مجتمع المفروض أن يكون مثالا للعدل والميزان، ولنعد لأول جيل ونبدأ من جديد ونعطي نتائج مثمرة، لأن بيننا إنسانا نادر الوجود هو مليكنا ملك الإنسانية وأسد الجزيرة العربية، فلنوصل أصواتنا إليه رافعين أيادينا لله الواحد القهار أن يعطيه الصحة والعافية، ويجب من كبارنا ألا يخافوا ويعطوا النصيحة، ويرسموا الطريق للمساعدة بالرأي السديد للوصول إلى الحلول التي كانت في الأمس مستعصية وشعارات ونثرا وأشعارا وهمية، يجب علينا أن ننهض بهذه الأمة النادرة بوجودنا على أراضيها أطهر البقاع الأرضية الحرمين الشريفين، حمانا الله بوجودهما لقهر الظلم والفساد، فلنصبح إخوانا في عهد هذا الإنسان الذي بإذن الواحد الأحد سيكون في المستقبل القريب عهد الجيل الجديد والمستقبل المشرق الواضح المعالم، ليسطر التاريخ أن -دائما- بالإمكان تصليح الأمور.. وما كانت الأعاصير التي دمرت بعض الدول إلا لأنهم استندوا على سلطاتهم وليس على الواحد القادر، الله المعبود في كل العصور. همسة الأسبوع نهضة شاملة وكاملة وعامرة، هذا ما يهمنا في شعاراتنا ونثرنا وأشعارنا يا وطني العزيز. [email protected] http://basmasaoud.blogspot.com