عودة إلى وقود الحركة النسوية التغريبية في العالم العربي وفق ما ذكره الأستاذ الهيثم في مقالته المهمة عن تفكيك هذه الحركة مع سقوط الأنظمة في تونس ومصر كان من تمويل جهات غربية، فقد كانت نشيطات الحركة النسوية العربية التغريبية يعملن باستمرار من أجل التطبيق الحرفي لمقررات ومؤتمرات المرأة التغريبية والانحلالية. ولا مانع لديهن من التمويل ببذخ وإثراء كي يتم تمرير جميع الأجندات التغريبية تحت مسميات متعددة. وقد ذكرت لنا المهندسة كاميليا حلمي رئيس اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل أنهم تلقوا عرضًا بملايين الدولارات من جهات غربية لتمرير مصطلحات ومفاهيم اتفاقية السيداو تحت ستار إسلامي كي تجد قبولًا في مجتمعاتنا الإسلامية وبالطبع المهندسة كاميليا حلمي رفضت هذا رفضًا قاطعًا. ولكن ليس الجميع مثل إخلاص المهندسة كاميليا، بل هناك من أسهم في تمرير هذه المصطلحات وفق العديد من المسميات أو تحت عدد من الأجندات الأخرى. وكما ذكر أيضا الأستاذ الهيثم أن المجتمع في مصر أصبح الآن أكثر جرأة على مواجهة الفساد، ومن يرد تغريب المجتمع وسلخه من قيمه وأخلاقه مقابل دولارات محدودة ممن ارتزق في عهد الأنظمة الفاسدة سيحاول أن يتطهر الآن في ظل موجة التطهير السائدة، لأنهم يعلمون أنه إذا اكتشف المجتمع ارتزاقه من مؤسسات التمويل الغربية نظير القيام بأنشطة تغريبية. وبالتالي فإن مصدر التمويل سيجف وهو الذي كان له المفعول السحري في عهد الأنظمة البائد الفاسدة. وهذه يعني المزيد من الخلخلة والتفكك في منظومة الحركة النسوية العربية التغريبية. خصوصًا أن من قام بالتجنيد لتمريرها يعلمون أنهم لولا مواطن النفوذ ووقود المال الغربي لن يكون هناك أي نجاح لتمرير هذه الأجندات. أتفق مع الأستاذ الهيثم تمامًا في جميع النقاط، التي استعرضها في مقالته وخصوصًا ما يتعلق بتلك البضاعة لأننا سنجدها بضاعة راكدة فاسدة هوائية تخالف التعاليم الدينية وتصطدم بثقافة المجتمعات العربية وحاملي هذه البضاعة يعلمون أنهم لولا مظلة أعمدة السلطان ومواطن النفوذ وعقود المال لما تحركت تلك البضاعة الفاسدة. ** تذكرت هذه المقالة المتميزة عندما قرأت ما قالته وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة سابقًا ثريا أحمد عبيد، وذلك في محاضرة لها يوم الثلاثاء منذ أسبوعين بوزارة الخارجية تحت عنوان “حوار حول الأممالمتحدة”، وقالت: في السعودية لا نحتفل “نحن النساء” باليوم العالمي للمرأة، والذي يصادف اليوم “الثلاثاء”، ولكن قد يكون أنه من المناسب أن نحتفل به بطريقة خاصة، وهي التركيز على مكانة المرأة السعودية وما وصلت إليه عالميًا، والتركيز على الشابات السعوديات كيف يعملن وإلى أين وصلن، ومن هنا نركز عليهن الضوء بحيث نبين إنجازاتهن في الوطن والجامعات، حيث لدينا مظاهر للمرأة السعودية لم تظهر حتى الآن”. وإلى هنا أجد أن حديثها يصب في مصلحة المرأة ثم المجتمع إذا تم وفق منظومة المجتمع المسلم، أما أمنيتها أن ترى قريبًا المرأة السعودية سفيرة لبلادها، خصوصًا أن المملكة تملك نساء رائعات وصل بعضهن إلى أماكن دولية مرموقة! ما ذكرته الدكتورة ثريا من أمنيات يصب في أجندات الحركة النسوية العربية التغريبية، التي تشهد تفككًا في أبنيتها حاليًا في المجتمعين اللذين قيل سابقا إنهما أحرزا نجاحا في تطبيق هذه المنظومة التغريبية في نسيج المجتمعين التونسي والمصري. هذا التفكك ولله الحمد لأن محاور ومتطلبات هذه الحركة التغريبية العربية قائمة علي التصادم مع بنية المجتمعات المسلمة وإحداث الخلل في مقوماتها الأسرية، التي نشهد واقعيًا الآن نتائجها المدمرة في معظم المجتمعات الغربية. فهذه الطموحات التي تتحدث عنها الدكتورة ثريا عبيد هي من تطبيقات تلك الحركات التغريبية التي تفككت الآن ولله الحمد، ولن يكون لها بحفظ الله أي تنفيذ في منظومتنا المسلمة. ولو كان هناك خير وإصلاح فيها فلماذا نحن نستخدمها ولا نفعل ما يوجد في تشريعاتنا الإسلامية، وكما جاءت أيضا في (ميثاق الأسرة في الإسلام والقوانين الدولية) فهو جهد أسهم في إعداده العديد من علماء المسلمين من عدد من الدول العربية الإسلامية. وبدلًا من الترويج لبنود اتفاقية القضاء علي جميع أشكال التمييز ضد المرأة، التي أسهم في إعدادها مجموعة من الراديكاليين والنسويين والشواذ كي يتم تمريرها وتطبيق بنودها علي مجتمعاتنا المسلمة!! • أكاديمية وكاتبة