وبعد أن أضحت المنطقة العربية على كف من المتغيرات في توقيت يبدو متلاحقًا ومنظومًا بين ثورات وغضب شعبي، ورحيل للأنظمة الحاكمة، والمشهد ما زال ينتقل من أمة لأخرى. ممّا فتح شهية النفوس الطامعة والمغرضة للمزايدة على سلامة باقي أجزاء هذه المنطقة برمتها، التي وضعوها تحت المراهنة بين اللحاق بركب هذه الأحداث وبين الصمود، وأرادوا أن يكسبوا هذا الرهان وهم في حالة من الترقّب والانتظار لمتابعة المزيد من المشاهد المستجدة لحالات المظاهرات، والعنف، والفوضى، والغوغاء التي تنتقل إلى منطقة الخليج العربي، وبالتحديد إلى مملكتنا السعودية الآمنة. ولكن من المؤكد أن هذه التوقعات الخبيثة لم تتعرف بعد على حقيقة تفاصيل سيمفونية المشاعر التي تشد أوتار القلوب العاشقة، والملتفة بقوة بتلابيب تراب هذه الأرض المباركة المقدسة بإرادتها وقناعتها ووعيها الأصيل والموروث الذاتي لتحميها من كل مكروه وشرور. فالحاضر يُعلم الغائب بأن هذه هي المنظومة المحركة والدافعة لهذا البينان المرصوص، الذي يجسد أمام أبصار العالم المحدقة نحونا أجمل لوحة خالدة من ملحمة الوفاء والولاء والانتماء تتكامل، وإرادة التوحد مع القيادة يدًا بيدٍ في السراء والضراء. فصنعت أول خطوة واثقة فتحت الأبواب نحو منظومة الأمن والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وحفظت بالتالي هذا المجتمع ليبقى في منأى عن كل ما يدور حولنا من قلاقل وتحديات مصيرية عاصفة، فرضت على الشعوب المحيطة التي اعتادت اللجوء لمنطق العنف والفوضى والصراعات وتحويلها للميادين والشوارع من أجل الحصول على الحقوق ورفع المطالبات في وجه الأنظمة والقيادات الصماء العمياء. فعلى العكس يعلم المواطن السعودي مقداره ومعزته في قلوب قيادته الرشيدة التي تنصت بإمعان، وتستجيب إليه باهتمام، بل وتقدم الدعم والمبادرات وهي قيادة حكيمة شكورة لشعبها، مرنة تفتح أبوابها وإعلامها وأجهزتها المعنية للحوار العقلاني، الذي يصل بكل الأطراف إلى حالات التراضي المتبادل المأمول. وهم قادرون على المضي قدمًا بجدية لتحقيق المزيد من الأولويات نحو توفير سبل الحياة والعيش الكريم لشرائح المجتمع، وحفظ ماء الوجه من المذلة والاستجداء في الضرورات الملحّة. كما يعلمون ان هذا الكم من أجيال الشباب الواعد ينتظر إشارة البدء لإدارة دفة العمل والإنتاج، واحتلال مكانة مرموقة في موطنه. هذه الأحلام والرؤى ليست بعيدة المنال، وهي في مقدور أولي العزم والعزائم. ليبقى وطننا الغالي والقيادة مضرب الأمثال، وقدوة يقتدي بها سائر الأمم والأمصار.