مصرع 12 شخصاً في حادثة مروعة بمصر    ماجد الجبيلي يحتفل بزفافه في أجواء مبهجة وحضور مميز من الأهل والأصدقاء    رينارد: سنقاتل من أجل المولد.. وغياب الدوسري مؤثر    رؤساء المجالس التشريعية الخليجية: ندعم سيادة الشعب الفلسطيني على الأراضي المحتلة    قرارات «استثنائية» لقمة غير عادية    «التراث»: تسجيل 198 موقعاً جديداً في السجل الوطني للآثار    كيف يدمر التشخيص الطبي في «غوغل» نفسيات المرضى؟    محترفات التنس عندنا في الرياض!    ذلك «الغروي» بملامحه العتيقة رأى الناس بعين قلبه    على يد ترمب.. أمريكا عاصمة العملات المشفرة الجديدة    عصابات النسَّابة    «العدل»: رقمنة 200 مليون وثيقة.. وظائف للسعوديين والسعوديات بمشروع «الثروة العقارية»    فتاة «X» تهز عروش الديمقراطيين!    رقمنة الثقافة    الوطن    الشركة السعودية للكهرباء توقّع مذكرة تفاهم لتعزيز التكامل في مجال الطاقة المتجددة والتعاون الإقليمي في مؤتمر COP29    هيبة الحليب.. أعيدوها أمام المشروبات الغازية    صحة العالم تُناقش في المملكة    تعزيز المهنية بما يتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030.. وزير البلديات يكرم المطورين العقاريين المتميزين    المالكي مديرا للحسابات المستقلة    استعراض جهود المملكة لاستقرار وإعمار اليمن    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 إلى لبنان    أسرة العيسائي تحتفل بزفاف فهد ونوف    بحضور الأمير سعود بن جلوي وأمراء.. النفيعي والماجد يحتفلان بزواج سلطان    أفراح النوب والجش    الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 تصل إلى لبنان    أكبر مبنى على شكل دجاجة.. رقم قياسي جديد    استعادة التنوع الأحيائي    الطائف.. عمارة تقليدية تتجلَّى شكلاً ونوعاً    الخليج يتغلّب على كاظمة الكويتي في ثاني مواجهات البطولة الآسيوية    لاعبو الأندية السعودية يهيمنون على الأفضلية القارية    «جان باترسون» رئيسة قطاع الرياضة في نيوم ل(البلاد): فخورة بعودة الفرج للأخضر.. ونسعى للصعود ل «روشن»    حبوب محسنة للإقلاع عن التدخين    العريفي تشهد اجتماع لجنة رياضة المرأة الخليجية    أجواء شتوية    المنتخب يخسر الفرج    رينارد: سنقاتل لنضمن التأهل    ترامب يختار مديرة للمخابرات الوطنية ومدعيا عاما    قراءة في نظام الطوارئ الجديد    فيلم «ما وراء الإعجاب».. بين حوار الثقافة الشرقية والغربية    «الشرقية تبدع» و«إثراء» يستطلعان تحديات عصر الرقمنة    «الحصن» تحدي السينمائيين..    مقياس سميث للحسد    أهميّة التعقّل    د. الزير: 77 % من النساء يطلبن تفسير أضغاث الأحلام    الرياض .. قفزات في مشاركة القوى العاملة    كم أنتِ عظيمة يا السعوديّة!    التقنيات المالية ودورها في تشكيل الاقتصاد الرقمي    السيادة الرقمية وحجب حسابات التواصل    الذاكرة.. وحاسة الشم    أمير المدينة يتفقد محافظتي ينبع والحناكية    السعودية تواصل جهودها لتنمية قطاع المياه واستدامته محلياً ودولياً    وزير الداخلية يرعى الحفل السنوي لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية    إرشاد مكاني بلغات في المسجد الحرام    محافظ الطائف يرأس إجتماع المجلس المحلي للتنمية والتطوير    نائب أمير جازان يستقبل الرئيس التنفيذي لتجمع جازان الصحي    محمية جزر فرسان.. عودة الطبيعة في ربيع محميتها    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر بعد الثورة.. مخاوف من مؤامرة خارجية وتحركات مضادة وخلاف أولويات

هدأت عاصفة الفرح التي اجتاحت الشعب المصري بما أنجزه شبابه في ميدان التحرير من اسقاط نظام تبدت كل سوءاته دفعة واحدة لدرجة أذهلت كل المصريين ومنحت المشروعية للسؤال: كيف استطاعت مصر أن تظل دولة قادرة على البقاء مع كل هذا النهب المنظم والقهر الممنهج وإدارة الفساد وكانت الإجابة التي لم يختلف عليها أحد: هنا تتجلى عبقرية مصر المنهوبة منذ سبع آلاف سنة.. كان فيها دائمًا ما يهب الحياة وما يمكن أن ينهب أيضًا.
لكن ما اختلف عليه وحوله المشاركون في ندوة مكتب المدينة بالقاهرة “خارطة طريق مصر الجديدة.. من ميدان التحرير إلى أين؟” بدءًا من تشخيص الحالة والمرحلة ووصولًا إلى استشراف ملامح مصر الجديدة.. وهل ثمة ما يهدد الحمل ليأتي مبتسرًا، وما هي الضمانات ليكتمل الحلم ولا يأتي الجنين مشوهًا.. وفي مقابل تفاؤل الشباب..وإصرارهم على أن مصر قادرة على حماية المنجز وتجاوز مرحلة الهدم إلى مرحلة البناء بدأت بالفعل فجاءت أصوات السياسيين والخبراء الاستراتيجيين محذرة من ثورة مضادة ومؤامرة خارجية تصورها البعض أنها وراء كل ما أنجز باعتبارها جزء من مخطط فوضى خلافة تعم المنطقة كلها، واختلف ممثلو الأحزاب على الأولويات من قبيل هل يبقى الجيش أم يعود إلى ثكناته؟ وهل يكتفى بستة أشهر للمرحلة الانتقالية أو يجب أن تستمر؟ وهل تستمر بالجيش أم بمجلس رئاسي انتقالي؟ وهل يعدل الدستور الذي سقط بالشرعية الثورية من أجل مرحلة انتقالية آمنة أم لابد من دستور جديد تضعه جمعية تأسيسية؟ وهل ينتخب الرئيس أولًا أم البرلمان؟ وهكذا اختلفت الأولويات وكثرت الخيارات لتصبح الندوة جزءًا من حالة تعم مصر كلها.. هنا ننشر تفاصيل الندوة التي شارك فيها اللواء محمد رشاد إبراهيم وكيل المخابرات العامة السابق واللواء علاء عز الدين مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بالقوات المسلحة سابقًا والدكتور سعد الزنط مدير مركز الدراسات الاستراتيجية وأخلاقيات الاتصال وممدوح الولي نائب رئيس تحرير الأهرام والخبير في أسواق المال والدكتور مدحت حماد أستاذ العلوم السياسية وخبير الشؤون الإيرانية والدكتور يحيى أبو الحسن عضو الهيئة العليا لحزب الوسط والدكتور مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات وأنسي عمار المحامي بالنقض نائب رئيس حزب مصر العربي الاشتراكي وسامي أبوزيد أمين عام حزب الإصلاح والتنمية تحت التأسيس وطارق درويش الصحفي ورئيس حزب الأحرار المتنازع على رئاسته وعمر علام أحد ممثلي شباب التحرير..
مصر في المرحلة الرمادية
* المدينة: في كل الثورات هناك مرحلة للهدم ومرحلة للبناء.. وربما تكون المرحلتان متداخلتين.. كيف تقرأون المشهد الآن.. ومصر في أي مرحلة؟
** اللواء رشاد: أعتقد أن الأمور تسير تحت مظلة اللون الرمادي...أي هي (رمادية) وهي غير مستقرة حتى اللحظة وكل الاحتمالات قائمة، الآن توجد تحركات وتحركات مضادة مما خلق حالة من عدم الاستقرار، ولا احد يستطيع أن يحدد متى تنتهي هذه الحالة. أو بإمكانه تحديد ملامح المرحلة القادمة...هناك أيضًا عوائق على مستوى الدولة مما يجعلنا لا نلمس اية نتائج إيجابية حتى الآن ..
* المدينة: هل يعنى ذلك أننا ما زلنا نعيش مرحلة الهدم؟
** اللواء رشاد: أعتقد أن مرحلة الهدم مازالت قائمة حتى الآن وقد تستمر لفترة بسبب استمرار التحركات المضادة.. إذ تظهر كل يوم أحداث جديدة تعيق من القدرة على تحديد ملامح المرحلة القادمة وهذا تصوري الشخصي حتى الآن والذي يجعلنا لا نعرف أين نقف وإلى أين نتجه.. ومما يزيد من حالة الرمادية عدم وجود جهاز امني فاعل وتعطل عجلة الإنتاج كما يلاحظ أن الفوضى العارمة صارت السمة الغالبة في شتى قطاعات الدولة، وما يزيد من خطورتها تزايد الاحتجاجات الفئوية في كل القطاعات...كل هذا يحتاج إلى حسم حتى ننتقل إلى مرحلة البناء.
الخطر يأتي من بوابة الضغوط الخارجية
* المدينة: هل المرحلة الرمادية طبيعية.. بمعنى أن ثمة ضرورة لمرور الثورة بها؟
** اللواء علاء: في تاريخ الثورات تحدث أشياء غير متوقعة..الثورة وطبقًا -للتاريخ وليس اجتهادا مني- تقوم على هدم الأنظمة القائمة وإحداث تغيير بنية المجتمع، وعودة إلى السؤال السابق عن مرحلة الهدم.. أقول إن أي ثورة تقوم بهدم النظام بالكامل وكل ثورة لها زعماء يخططون لها، لكن في ثورة 25 يناير لم يكن هناك زعامة مسبقا وهذه خصوصية الثورة المصرية...وفي كل الثورات أيضًا تكون القوات المسلحة عاملًا مرجحًا للثورات وتحقق ذلك للثورة المصرية حيث انحاز الجيش المصري إليها وكانت عاملا مرجحا لها رغم إن قرار نزوله جاء من الرئيس السابق. أما مرحلة البناء فتحتاج إلى وجود زعامة قادرة على القيادة، واعتقد المسافة الزمنية منذ قرار تنحي الرئيس السابق لا تكفي للانتقال إلى مرحلة البناء، وقد يؤخر الدخول إلى مرحلة البناء أيضًا زيادة أعمال البلطجة وممارسات أذناب الحزب الوطني وأمن الدولة، واعتقد فترة المرحلة الرمادية أو الضبابية طبيعية ولا تخرج عن نسق الثورات في التاريخ..
وقناعتي تقول: إن الخطورة لا تكمن في طول أو قصر المرحلة الراهنة، إنما في الضغوط الخارجية التي تمارس على مصر وتهدد أمنها القومي، وهنا أشير إلى تصريح وزير الخارجية الإسرائيلي ليبرمان الذي تحدث فيه عن إمكانية حدوث حرب مع مصر، كما أن بقاء القوات المسلحة في الشارع المصري مدة طويلة قد يحدث خللًا أمنيًا على حدود مصر، وفي المجمل ما يحدث في الشارع المصري الآن طبيعي جدًا إذ أنه بعد 30 عامًا من الكبت والقهر كان لا بد من حالة من عدم الوعي زاد معها تراجع الأمن عن القيام بواجباته.
ثورة جياع متوقعة
*المدينة: هل يفهم من ذلك أن مرحلة البناء مؤجلة بفعل عقبات متوقعة وأخرى قد تفاجأنا؟
** د. الزنط: في الفكر الاستراتيجي هناك ما يسمى بسياسة تقدير الموقف ونحن الآن نحتاج إلى هذا المنهج لدراسة الموقف، لكنني ضد مفهوم الهدم وأستطيع أن اصف الوضع الراهن بالتخبط والخلط والغموض الذي جعل أمورا كثيرة غير واضحة، مثلا هل الانتخابات الرئاسية تسبق أم البرلمانية، الآن على الساحة هناك قولان: آخرها ما نسب للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يقول: إنه يفكر في أن تكون الرئاسية سابقة على الانتخابات البرلمانية ومثل هذه التصريحات المتضاربة تضعنا في المرحلة الضبابية التي لا يستطيع أحد أن يحدد ملامحها مما يزيد من التأويلات والتكهنات والتي لا تخرج عن كونها اجتهادات شخصية. وأعتقد بأن عملية الاستفتاء المقرر لها السبت لو جرت بنجاح فإنها ستقود حتمًا إلى نجاحات أخرى متتالية، ولكن الغريب أن أكثر من 70 % من الشعب المصري لم يتحرك حتى الآن وتحرك فقط الشباب وجزء صغير من الطبقة الوسطى وهناك من يتحدث عن ثورة للجياع لم تبدأ بعد، ولكنها حتمًا ستبدأ متى اختفت المواد التموينية وزادت أعمال البلطجة، مما يزيد الأمور تعقيدًا ويزيد من حالة الارتباك الآن التي ونرجو ألا تتم قد تنتهي إلى ثورة للجياع.. وفي اعتقادي أن الأوضاع الاقتصادية لم تتحرر حتى الآن، واعتقد أيضًا أن دور المؤسسة الأمنية كان مهمًا وحاسمًا في الفصل بين النظام والشعب وكان يمتلك القدرة على امتصاص الغضب الشعبي، ولكن أخشى في غياب الأمن أن يحدث الصدام المباشر بين الشعب والجيش ولن يكون في مصلحة أي من الطرفين.
الأمن المائي والجغرافي في دائرة الخطر
* المدينة: ما هي خطورة الضغوط الخارجية التي تحدث عنها اللواء علاء؟
** د. الزنط: الوضع العسكري من الخطورة بمكان ويزيد منها استمرار الجيش خارج الثكنات العسكرية فترة طويلة، أما على المستوى الخارجي فهناك عدة تحديات خطيرة تمس الأمن القومي المصري يأتي في مقدمتها دخول اتفاق إطار دول حوض النيل حيز التنفيذ المحدد له 14 مايو القادم، حيث ستبدأ الدول الموقعة في تنفيذ الاتفاقية والتنفيذ يعني تخفيض حصة مصر من مياه النيل من 55 مليار متر مكعب إلى 22 مليار ونصف متر مكعب، وحدوث ذلك ستكون له انعكاسات خطيرة على الأمن القومي والتنمية، كما أن ما يحدث في ليبيا الآن وفي السودان يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري ويزيد من التحديات تنامي الدور الإيراني والذي يمثل خطرا على مصر يأتي بعد الخطر الإسرائيلي، وتقاطع كل هذا التحركات الدولية العسكرية في البحر الأحمر والمتوسط بدواعي إنقاذ ليبيا من أكبر المهددات لأمننا.
*المدينة: ربما تنقلنا هذه المخاوف إلى ما يثار من أن ثمة دور خارجي وراء ما حدث في 25 يناير بمصر وما حدث في المنطقة مما يمكن تسميته بالفوضى الخلاقة؟
** د. الزنط: رغم الإشادة بالشباب وما قاموا به من دور في أحداث التغيير، إلا أننا لم ننتبه حتى الآن إلى حقيقة الدور الخارجي في التحركات التي جرت في مصر وتجري في دول عربية أخرى عبر ما يعرف باستغلال القوة الناعمة مثل وسائل الاتصال التكنولوجية الحديثة، وهنا يجب أن نأخذ في الاعتبار ما جرى من تسريبات لما عرف وثائق ويكليكس التي اعتقد أنها مهدت الطريق لكل الاحتجاجات في منطقة الشرق الأوسط واعتقد أن المقصود منها تحقيق ما عرف في السابق بالشرق الأوسط الجديد، وأزعم أن ما حدث في مصر ليس صدفه وليس ببعيد وجود أصابع أمريكية وإسرائيلية وإيرانية شاركت في إدارة الأزمة.
* المدينة: هل لا زال هناك متسع للحديث عن الخطر الخارجي الذي يراه البعض فزاعة سبق للنظام السابق التلويح بها مرارًا؟
* * د. حماد: الدكتور سعد لمس أوتارًا كثيرة وما قاله أعتقد أنه واقعي وأن هناك أخطارًا حقيقية تهدد أمن مصر القومي، وأخشى أن “الليونة” التي تتعامل القوات المسلحة مع الأزمة قد تفضي إلى مزيد من الارتباك والتخبط في إدارة الأزمة، وفي تقديري الشخصي أن إيران تحولت إلى عدو مباشر لمصر خلال أحداث 25 يناير وما بعدها وكشفت تصريحات مسؤولين إيرانيين وخاصة تصريحات مرشد الثورة على خامئني والتي كانت باللغة العربية على غير مقتضى العادة كشفت العداء الإيراني السافر لمصر ووصفهم ما يحدث في مصر ثورة إسلامية في محاولة لإثارة البلبلة والارتباك في الشارع المصري، وأرى أن إيران منافس لمصر في المنطقة وأن هذا التنافس قد يصل إلى مستوى العداء، كما اعتقد أن أمريكا تحاول تحقيق ما يسمى “الفوضى الخلاقة” في الشرق الأوسط في هذه المرحلة بهدف خروجها من الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها، ويؤكد هذا في تقديري تصريحات الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى الشباب الأمريكي ليلة تنحي مبارك عن السلطة حيث وعدهم بحل الأزمة الاقتصادية الأمريكية، وهذا يعنى أن أمريكا تحاول صياغة منطقة الشرق الأوسط بهدف تحميل دول المنطقة عجز الموازنة الأمريكية.
نظرة تشاؤمية
** اللواء علاء: هذه نظرة تشاؤمية للواقع المصري لأن هناك خلطا ومحاولة لتفريغ ثورة الشباب من مضامينها وسلب المصريين حقهم في الثورة من خلال تعظيم المؤثر الخارجي، وأعتقد أن استخدام العنصر الخارجي والحديث عن تهديد الأمن القومي المصري يستخدم كفزاعة للشعب والثورة، «ربما ما يجب الالتفات في نظري إليه هو أن المجلس العسكري اتسمت تحركاته بالبطء، حيث تأخر كثيرًا لاتخاذ قرار بشأن أمن الدولة وتحويل مبارك للمحاكمة مما فرض قدرًا كبيرًا من الغموض حول موقف المجلس العسكري، وأطالب المجلس العسكري أن يتعامل بقسوة مع مثيري الفتنة الطائفية ومروجي لما يعرف بالثورة المضادة ولكن السؤال الأهم لماذا لم يطبق قانون الطوارئ ضد البلطجة والفتنة الطائفية؟.
مطالب الشباب
*المدينة: هذه النظرة التشاؤمية.. كيف يستقبلها الشباب صناع الإنجاز؟
** عمر علام: لا نتفاءل ولا نتشاءم ولكن نحن الشباب ندعو المجلس العسكري بالسرعة في اتخاذ القرارات مثل سرعة تشكيل مجلس رئاسي والإعلان عن دستور مؤقت لإدارة البلاد حتى يتم وضع دستور جديد.
التعديلات “تسكين”و مرفوضة
*المدينة: أليست التعديلات الدستورية حلًا وسطًا يناسب المرحلة الانتقالية؟
** طارق درويش: المرحلة الحالية ضبابية والأمور غير واضحة والتعديلات الدستورية لا تسمن ولا تغني من جوع، وهي في النهاية مجرد تسكين للوضع، ونحن في حزب الأحرار نرفض التعديلات الدستورية التي انتهت إليها لجنة التعديل ونطالب بدستور جديد يعيد هيبة الدولة ويحقق حالة من التوازن بين مؤسسات الدولة ويحافظ على الحريات واستقرار البلاد، وفي النهاية التعديلات غير مفيدة ومضيعة للوقت.
أذناب الأنظمة باقية
* المدينة: هل تحسب التعديلات الدستورية ضمن مرحلة الهدم أم أن مرحلة البناء تبدأ بها؟
** د. أبوالحسن: من الصعب أن نحكم على الأمور الآن، ونحن في منتصف الثورة، والغريب أنني أسمع كلامًا من الحضور يتكلمون وكأن الثورة قد انتهت، ونسي الجميع أن الثورة منذ يومها الأول حددت 9 مطالب وملتزمة بتحقيقها، ونحن في منتصف الثورة، ولن تكتمل إلا بتحقيق الأهداف جميعها، وأرى أن المجلس الاعلى للقوات المسلحة غير مهيأ لإدارة الدولة ويقوم بدور غير الدور المنوط به في الدفاع عن البلاد وحماية أمنها وأراضيها، وأنا ضد من يقول: إن الثورة جزء من تخطيط خارجى، فمن غير المعقول وضد منطق الأشياء أن نقول بذلك، وفي كل ثورات العالم توجد ثورات مضادة، حيث تسقط الأنظمة ويبقى أذناب الأنظمة، وفي تقديري أن التعديلات الدستورية خطوة إيجابية بالنظر إلى كوننا في منتصف الثورة، ومنزعج جدًا أيضًا ممن يصفون إيران بالعدو الثاني بعد إسرائيل وإيران لا تحرك الشارع المصري، في النهاية يجب أن يحدث توافق مجتمعي حول سياسة مصر الخارجية وهذه مهمة كل القوى *المدينة: هل يعنى ذلك أنه ليست هناك مخاوف على ما تم إنجازه حتى الآن؟
* د. أبوالحسن: ما زلت أكرر إننا في منتصف الثورة ولكني متفائل بالمستقبل وأن مصر قادرة على عبور المرحلة وتحقيق أحلام الشعب المصري الذي انتفض في 25 يناير ليضع نهاية مرحلة امتدت ثلاثون عامًا.
جدل حول المؤامرة الاقتصادية
*المدينة: ماذا عن لغة الأرقام؟ وهل تشكل الخسائر الاقتصادية هاجسًا كبيرًا؟
** الولي: أنا مندهش جدًا من معلومات غير مدققة جاءت في كلمات بعض الحضور، يجب تدقيق المعلومات حتى نقيم الأمور بشكل صحيح.. عجبت لمن قال: إن ما يحدث في الشرق الأوسط محاولة أمريكية لسد العجز في ميزانيتها، والمعلومات الدقيقة تقول: إن العجز في الموازنة الأمريكية تقدر ب 600 مليار دولار، وميزانية مصر لا تمثل أكثر من 10 % من موازنة الولايات المتحدة الأمريكية وواردات العالم العربي جميعها أقل من العجز الحكومي، أما ما يخص الوضع الاقتصادي المصري أعتقد أن لدينا مشكلات كثيرة، ولكن لم نصل إلى حالة الانهيار الاقتصادي، حيث تملك مصر 12 موردا متنوعًا يساهمون ب 73 مليار جنيه في ميزان المدفوعات، وبعض هذه الموارد تأثر بالأحداث مثل الاستثمار الأجنبي والذي يقدر 7 مليارات دولار، كما تأثرت السياحة وتساهم ب 5، 1 مليار دولار حسب ميزانية العام الماضي.
* المدينة: إذن الأحداث انعكست سلبيًا على الاقتصاد؟
** الولي: نعم انعكست سلبيًا، حيث انخفض التصنيف العالمي للاقتصاد المصري، وبدأ الاستثمار الأجنبي يخشى القدوم إلى مصر، مما انعكس على تدفق الاستثمار الخارجي، كما بدأت الطاقات الإنتاجية تقل بسبب الاحتجاجات الفئوية، والآن يجري تشغيل جزئي للمصانع رغم الارتباك، وسوف يستمر هذا الارتباك مشكلًا خطرًا على الاقتصاد المصري، الذي وصل في العجز الحكومي إلى 191 مليار جنيه، تمثل 9، 13 % من الناتج القومي، والمعايير العالمية تحدد نسبة العجز الحكومي المقبولة بحيث لا يتعدى 3 % من الناتج القومي.
هناك مشاكل اقتصادية كبيرة ومرشحة للاستمرار ويزيد من خطورتها أن الإنفاق الحكومي بلغ 490 مليار جنيه يخصص منها 173 مليار جنيه لخدمة الدين، في حين المخصص للاستثمار 40 مليار جنيه فقط، وسوف تزيد العلاوة الاجتماعية من العجز، وكذلك ترميم أقسام الشرطة.
* المدينة: إذن هناك فاتورة اقتصادية؟
** الولي: نعم فاتورة الثورة صعبة والأمل في القطاع الخاص إذا “دللناه” لعبور الوضع الاقتصادي المأزوم، وليدرك جميع الشعب المصري أن القطاع الخاص ليس كله رجال أعمال فاسدين، ومطلوب دعم رجال الأعمال الشرفاء.
المجلس العسكري متعجل
*المدينة: لنعد لممثلي الأحزاب ونتساءل عن رؤيتهم للوضع الراهن؟
** أبوزيد: أرى أن المجلس العسكري يسير في الطرق الخطأ، وأنه متعجل في بعض قراراته ويجب علينا أن نتعامل على أننا نؤسس دولة بطريق منهجي والتعجيل بإنهاء المرحلة الانتقالية قد يفرز نظامًا على غرار النظام السابق أو قد يأتي بأنصاره ورؤية حزبنا أن الأولوية تتمثل في عودة الامن وضرورة دعمه بخريجي كليات الحقوق وإلحاق ضباط الجيش الذين أحيلوا للتقاعد بالعمل بجهاز الشرطة، لأن استمرار الانفلات الأمني خسائره يتكبدها الجميع، ولن يفضي إلى قيام نظام ديمقراطي نحلم به، ويزيد من الأزمة أن القوى السياسية حتى الآن لم تحدد شكل النظام السياسي القادم، وهل هو رئاسي أم برلماني، لقد طالبنا بتشكيل مجلس رئاسي وبشكل عاجل يقود البلاد لمرحلة جديدة، ويشرف على إجراء الاستفتاء الشعبي على شكل النظام القادم، وهل هو رئاسي أم برلمانى، وهل انتخابات مجلسي الشعب والشورى بالقائمة النسبية أم بالانتخاب الفردى، ولابد من ضرورة حدوث توافق شعبي على شكل النظام، وتشكيل لجنة نأسيسية لعمل دستور جديد للبلاد، ثم إجراء انتخابات مجلس الشعب والانتخابات المحلية ومن بعدها الرئاسية.
مرحلة البناء بدأت بالثورة
* المدينة: كيف يرى حزب مصر العربي الاشتراكي الأمور؟
** أنسي عمار: مرحلة الهدم في تقديري هي مرحلة ما قبل 25 يناير وهي المرحلة التي تم هدم كل شيء فيها.. هدم المؤسسات والأشخاص، ومصر خلال 30 عامًا لم تقدم شيئًا على المستويين الداخلي والخارجى، إن مرحلة البناء بدأت في 25 يناير، حيث يجري محاكمة الفساد، ولكن أهداف الثورة لم تتحقق حتى الآن وما جرى لا يخرج عن كونه تسكينا للأوضاع، ورغم ذلك أنا متفائل رغم سلبيات الوضع الحالي ومصر باقية، فقد بقيت رغم الاستعمار والحروب، وعلى النخب ألا تصدر تشاؤمها للشعب المصري.
النموذج الجنوب أفريقي
** د. غباشي: أنا سعيد بالجدل الحادث في القاعة المباركة وسعيد بالحديث إلى صحيفة المدينة، ونحن في الواقع أمام ثورة شعبية، والسؤال الآن هل هناك وضع دستوري يتيح التعديل والتغيير؟ أم أن المادة 3 من الدستور أنهت العمل بالدستور بقرار المجلس العسكري بتعطيله؟ وأرى أن غياب العدالة الاجتماعية هي الدافع والمحرك لما جرى في ميدان التحرير والمدن المصرية عقب 25 يناير، فقد كان هناك خلل غير مسبوق في أي مكان في العالم، فالأجور مختلة بنسبة من 1: 140 ألف ضعف، مما يجسد العدالة الاجتماعية المفقودة، وللخروج من الازمة يجب تطبيق نموذج جنوب إفريقيا في مرحلة ما بعد العنصرية، فالمرحلة العنصرية في جنوب إفريقيا سادها الفساد وغياب العدالة، كما كان في مصر قبل 25 يناير، وعلينا تطبيق النموذج فيما بعد العنصرية حول حل أزمات الفساد وكيفية التعامل معها، والذي ينطلق من سؤال.. هل نعاقب كل الفاسدين أم رموز الفساد فقط؟
*المدينة: هل التوقيت مناسب لتصفية الفساد؟
** د. غباشي: رموز الفساد ما زالت حرة طليقة حتى الآن، وهناك استفسارات كثيرة حول فتحي سرور وزكريا عزمي وصفوت الشريف، حيث لم تطرح أسماؤهم حتى الآن، أيضًا فساد المؤسسات الإعلامية التي تحولت من نفاق النظام السابق إلى نفاق الثورة، كما لا توجد حتى الآن آلية لإعادة الثروات المنهوبة، رغم وجود تشريعات دولية قادرة على استعادة هذه الثروات، ولكن لم يتم الحديث حتى الآن عنها، ويكفي أن أقول هناك سبيلان لاستعادة الأموال المنهوبة أحدهما النظام السويسري، والآخر الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، وأرى أيضًا أن لدينا فساد مركب.. سياسي واقتصادي ورياضي وديني ولا يوجد حل، مما يجعلنا في حاجة ماسة لتغيير الفكر المجتمعى، وتغيير في رؤية المجتمع للمرحلة القادمة.
استعادة مصر المنهوبة
*المدينة: هذا هو الوضع الراهن كما تم تشخيصه؟ فما هي ملامح «مصر الجديدة» كما نتصورها؟ وكيف السبيل إليها؟
** اللواء علاء: يجب أن يتصدر المشهد في مرحلة مصر الجديدة استعادة مصر المنهوبة، وكنت قلقًا حتى صدر منع مبارك وأسرته من السفر وتجميد أرصدتهم، وبعدها أحسست أن التغيير بدأ بالفعل، إلا أنني لا اتفق مع رأي بعض المشاركين الذين قالوا إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة لا يملك القدرة على إدارة البلاد وهذا الكلام غير منطقى، وينتقص من قدر المجلس الأعلى الذي يملك دراسات جاهزة لحل جميع مشاكل مصر، وبأدوات متنوعة، أما عن التدهور الاقتصادي فإنني أرى أن ما خسرناه خلال الشهرين الماضيين لا يقارن بما كنا نخسره في السنوات الماضية، حيث كان يتم سرقة من 40: 60 % من مقدرات مصر.
بدأ البناء
* المدينة: وماذا عن المجلس الرئاسي كحل مؤقت؟
** علاء: القول بضرورة تشكيل مجلس رئاسي وتمديد المرحلة الانتقالية سيكون جزءًا من الأزمة وليس من الحل، وسوف يفتح الجدل حول: من يختار المجلس الرئاسي الثلاثى، وإذا انتخب المدنيان فكيف يتم اختيار العسكري الثالث، أيضًا الدعوة لتشكيل جمعية تأسيسية.. هل من رجال القانون أم من السياسة والقانون، ومن يختارهم؟.. وأعتقد أن التعديل الدستوري يحقق الحد الأدنى من مطالب الشعب المصري، والوضع ليس فوضوي أو ضبابي، ولا توجد أيادٍ خارجية حركت شباب التحرير، والقول بأن أمريكا وراء التغيير خطأ استراتيجي فادح، لأن من مصلحة أمريكا استمرار نظام مبارك وليس تغييره، مصر الجديدة تبنى الآن وأول خطواتها في استفتاء 19 مارس وسوف يأتي رئيس جديد وسوف يتم انتخاب نواب الشعب بطرقة ديمقراطية ونزيهة، مما يفتح الباب لوضع دستور جديد يحقق كل أحلام الشعب.
* المدينة: واقتصاديًا.. مصر الجديدة إلى أين؟
** الولي: في مصر الجديدة اقتصاديًا يجب الانتقال من فكر المضاربة إلى فكر الإنتاج، ويجب دعم الإنتاج وتمويله وليس دعم البورصة لأن البورصة تعطى 20 % أرباحًا، وتسحب الأموال المفروض أن تضخ لتمويل الإنتاج، في مصر الجديدة أيضًا يجب تسخير كل الطاقات والقطاعات لخدمة الإنتاج، ويجب خلق مشروع قومي وتغيير في الفكر والفهم.
* المدينة: هل تتوقع أننا نسير اقتصاديًا في الطريق الصحيح؟
** الولي: الإعلام الاقتصادي مغيب ومضلل ولا ينشر المعلومات الاقتصادية الصحيحة، وإذا اعتمدنا على الحكومة فلن نحقق أي شيء، ولا بد من ضرورة تعظيم القطاع الخاص في المرحلة القادمة.
** عمر علام مقاطعًا: كيف “ندلل” القطاع الاقتصادي و 90 % إما يعملون بأموال البنوك أو يهربون أموال البنوك إلى الخارج؟
** الولي يرد: لا بد من وضع ضوابط للقطاع الخاص وإعلاء شأن القانون، وكما سبق أن قلت ليس كل القطاع الخاص فاسدين.
*المدينة: شباب التحرير إلى أين نسير؟
** عمر علام: نحن الشباب نرى أن مصر ليست واضحة المعالم في تحركها وسوف نضل الطريق ما لم يتحرك المجلس العسكري وبشكل عاجل لمحاربة المفسدين وتطهير الإعلام وتغيير الزي الشرطي لكسر الحاجز النفسي.
** د. غباشي: مصر الجديدة إلى أين سؤال مهم.. نحن قمنا لغياب العدالة الاجتماعية، والمرحلة القادمة لم تبدأ بعد.
** د. حماد: أنا مع نظام رئاسي في مصر الجديدة محدد المدة والصلاحيات، وأعتقد أن النظام البرلماني لا يناسب مصر، ولا بد من إحداث توازن حقيقي في السلطات بين رئيس الحكومة والدولة، ومصر لا ينفعها رئيس “ميس وطرطور»، وأعتقد أيضًا أن عجلة التنمية بدأت بإعلان موعد الاستفتاء، ولكن نحن بحاجة ماسة لإعادة العقل الثقافي للمصريين في المرحلة الجديدة، وإنهاء ثقافة الفهلوة وتعظيم قيم العمل والعلم والانتماء للوطن.
وأؤكد مرة أخرى أن ما يحدث في المنطقة العربية من حراك يتم بدعم أمريكي، وكان هناك مخطط ناعم جدًا لتحريك الأحداث في مصر، نعم الشباب تحرك ولكن حركته كانت مراقبة من قبل صناع الانترنت.
** عمر علام (مقاطعًا): أمريكا تراقب العالم كله، ولكنها لم تحرك ميدان التحرير.
** د. غباشي: الشرق الأوسط لا يشكل خطورة على أمريكا.
** عمرعلام: أمريكا لديها قواعد وأساطيل في المنطقة، ولا تحرك الحركات الاحتجاجية في الوطن العربي.
** د. الزنط: مرحلة البناء بدأت بالفعل ونحن في حاجة إلى صناعة قاطرة سياسية لقيادة البلاد، سواء بمجلس رئاسي أم برلماني، وإن كنت أعتقد أن النظام البرلماني لا يناسب مصر، نحن في حاجة حقيقية لقاطرة اقتصادية في المرحلة الجديدة يقودها القطاع الخاص، مع ضرورة فصل ملف الفساد عن الحراك السياسي، مع ضرورة إعادة ترتيب أولويات استراتيجيتنا داخليًا وخارجيًا وترسيخ المواطنة والمساواة، مع الوعي بالمستجدات الدولية والإقليمية، حيث هناك محاولة خارجية لإعادة صياغة المنطقة بالكامل، وأن من يلعب في الخليج إيران وليس أمريكا، وأخيرًا التركيز في المرحلة الجديدة على التعليم واعتباره المشروع القومي لمصر، فالتعليم هو المشكلة والحل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.