يوم الجمعة الماضي عشناه ككل يوم من أيام الله، وكغيره من أيام الجمعة.. يوم عبادة، وأشغال، وزيارات، وحياة طبيعية كريمة آمنة في هذا البلد الآمن، ولكن بمعيار الظروف الدقيقة المحيطة في منطقتنا العربية، وما تموج به من أحداث جسام، وما كان يتمناه الحاقدون لبلادنا من إشعال الشرارة، فإن يوم الجمعة الماضي كان حقًّا يومًا استثنائيًّا في معناه، عندما أبى هذا الشعب الوفي إلاّ أن يعلن رسالة قوية واضحة لكل مغرض وحاقد، ولأصحاب نظرية الفوضى الهدامة. نعم كان يومًا استثنائيًّا أثبت فيه شعبنا السعودي، وشبابنا قصر نظر طابور المحللين والمراقبين بكل اللغات، الذين حجزت لهم الفضائيات مقاعد دائمة لهم في استديوهاتها، وأفرطوا في نظرية (تسونامي الفوضى)، فأكد شعبنا الوفي أنه يفهم هؤلاء جيدًا، وأنهم لم يفهمونا مطلقًا، ومنهم من يفهمنا لكن تلاحمنا يؤلمهم، ويشعل نفوسهم نارًا أن تكون سفينة الوطن آمنة بإذن الله وفضله، ثم بحكمة القيادة حفظها الله. لقد وجه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية التهنئة لقيادة هذا الوطن بشعبه رجالاً ونساءً كبارًا وصغارًا على وقفتهم الأبيّة الكريمة والوفية لرد بعض الأشرار، مؤكدًا أن هؤلاء أثبتوا أنهم لا يعرفون شعب المملكة، مشيدًا بوقفة الشعب الأبية قائلاً: «إن شعب المملكة شعبٌ واعٍ، وكريمٌ، ووفيٌّ، لا تنطلي عليه الافتراءات». وقال سموه الكريم: «إنني على ثقة كاملة أن هذا كان له وقع كبير، والأثر الفاعل في قلب وعقل سيدي خادم الحرمين الشريفين، ومثلما نقول اليوم شكرًا وهنيئًا لمليكنا بشعبه، سنقول غدًا شكرًا لسيدي خادم الحرمين الشريفين، وهنيئًا للشعب بمليكه». موقف الوفاء والولاء يوم الجمعة الماضي هو في حقيقته شكر لنعم الله علينا، وقد قال تعالى: «... لئن شكرتم لأزيدنكم»؛ ولذا أقول إن التلاحم الوطني ليس مجرد حالة عاطفية، وإنما ترابط أصيل تغذيه قيادة أنعم الله عليها بالحكمة والاتزان والتوفيق في رعاية شعبها، والسهر على تطلعاته بالإنجازات الكبيرة والتطوير المستمر، والأمن على الحياة والأرواح والأعراض، بل الأمن للجميع مواطنين ومقيمين، والملايين من ضيوف الرحمن سواء بسواء، ولذلك فإن هذا التلاحم ليس محل اختبار، كما لم تكن الثقة المتبادلة والولاء على المحك في يوم من الأيام، ولن تكون كذلك بإذن الله، وهذا ما لم يفهمه الموتورون.. لذلك لابد أن نتوقف طويلاًَ أمام رسالة أبناء هذا الشعب الوفي يوم الجمعة البيضاء يوم الحب والوفاء الذي أخرس الألسنة، وأصاب المرجفين بالصدمة ورد كيد الكائدين.. لابد أن ننطلق في قراءة أعمق، وبصوت عالٍ من هذا الموقف الشعبي التاريخي لأبناء الوطن وشبابه الذين أثبتوا وعيهم المبهر وإدراكهم العميق لمسؤوليتهم تجاه الوطن ونظرتهم الواثقة لحاضره ومستقبله في ظل القيادة الرشيدة حفظها الله. إنه إعلان الوفاء وبقلب رجل واحد بل إن جاز التعبير هو ثورة وعي قوية حازمة، ليس فقط ضد الفوضى والعبثية، وإنما ضد الجهل الفكري الذي عجز عن فهم طبيعة هذا البلد ورباط الحب والتلاحم في وطن العقل والحكمة، مملكة الخير والإنسانية والبناء..وكما قلت إننا مدعوون اليوم إلى الانطلاق من هذه الروح الأصيلة التي أكدها أبناء هذا البلد العزيز، وأن نعيد القراءة في النظرة للشباب، ونساعد على استقرار حاضرهم، وبناء مستقبلهم جيلاً بعد جيل وهي مسؤولية الجميع، وأن نثري مكنون الخير في هذا الشعب الوفي، ولطالما أكدت القيادة الرشيدة وفقها الله على اعتزازها بشعبها وحقوقه وتطلعاته بالفعل وليس بالقول. إنني أردت أن تكون كلمتي هذه عن معنى ودلالات موقف هذا الشعب الأصيل، الذي أثبت أنه ليس من حق أحد خارج الوطن كائنًا مَن كان أن يوجهه، أو أن يجيّر الأجندات المريضة إلينا، فقد أسقط شعبنا وشبابنا نظرية (تسونامي الثورات)، وعدوى الفوضى. وهنا أقول لتلك الأبواق التي خرست إن مقارنة دول ببعضها هو عين الجهل، إلاّ إن كان بدوافع مريضة، وهو تسطيح وخبل في فهم الشعوب، واختلافات واقعها ومكتسباتها وتلاحمها، وهذا درس عظيم سيصحح الكثير من فوضى تعميم الشعارات المعلبة. [email protected]