سنوات وسنوات ومئات المقالات، وآلاف الأفكار والمقترحات، ندوات وموائد مستديرة واجتماعات ومنتديات كلها كانت تصب على موضوع السعودة، بعضهم نادوا بالسعودة المطلقة، وبعضهم تبني السعودة المقننة، وبين ذاك الرأي والرأي الآخر وآراء أخرى مختلفة.. أُصدرت الكثير من التعليمات والأنظمة التي تشدد على الاستقدام تارة، وتتساهل معه تارة أخرى، تتكيف حسب أجواء الأعمال ومتطلبات التنمية المتزايدة التي يشهدها الوطن حاليًّا، فيتحايل المتحايلون على ضوابط الاستقدام، بأن يستقدموا على سبيل المثال بمهنة عامل مَن يحملون مؤهلات عالية للعمل في وظائف تحظرها الضوابط والأنظمة.. يتساهل المراقبون، ويغضون الطرف.. مد وجزر بين قطاع الأعمال والأجهزة المعنية، بحق وصراحة الضمير الحي، والإحساس الوطني بالمسؤولية مفقودان لدى شريحة من قطاع الأعمال الذي انصب اهتمامهم بكل ما من شأنه تكثيف وتضخيم الثروات، فلم يعيروا التنمية البشرية أي اهتمام، من العدل أن تنصت هذه الشريحة الآن، وتراجع تصرفاتها السابقة لتعود في ركب المساهمة في التنمية التي يشهدها وطننا الغالي عبر المساهمة الصادقة والفعّالة في توطين الوظائف، وتنمية القطاع العامل من خلال التوظيف المتزامن مع التدريب.. التصور يتمثل في أن يتم تحديد نسبة سعودة بنسبة تحددها الجهات المعنية، ويتم اختيار الموظفين والعاملين لشغر وظائف في كل قطاع من قطاعات أعمال المنشأة حسب المؤهلات، بدءًا من الوظائف الخدمية، مرورًا بالفنية والتقنية، وصولاً للوظائف الإدارية والتنفيذية. وعند شغر تلك الوظائف يتم إلحاق المعينين ببرامج تدريبية مكثفة بالداخل أو الخارج، حسب ما هو متوفر، وأن يقوم صندوق الموارد البشرية بالمساهمة بالدعم المادي لهذه البرامج التدريبية.. إن مدى نجاح هذه الفكرة مرتبط بمراقبة تنفيذها عبر الجهات الرقابية المتخصصة التي ترفع بدورها تقريرًا دوريًّا عن مدى سير هذه العملية مباشرة إلى اللجنة الوزارية التي شكّلها خادم الحرمين الشريفين لهذا الغرض، كما لا ننسى بأن يتزامن هذا المقترح مع تعزيز وتفعيل دور البنوك في التنمية الاجتماعية من خلال تخصيص جزء يسير من أرباحها للمساهمة في صندوق الموارد البشرية. إن الدولة قد وفرت لقطاع الأعمال بالمملكة البيئة الصحية والمثلى للاستثمار، من خلال دعمها لكثير من مشاريع القطاع الخاص، ناهيك أن الدولة لا تقتطع ضرائب أسوة بجميع دول العالم، والتي تصل ضرائب الأعمال فيها بنسبة 30% من الدخل.. ننادي بأن يقوم القطاع الخاص بالمملكة بالدور الفعّال، وبوطنية صادقة في محاربة البطالة، ومساعدة الدولة في مساعيها الحثيثة في هذا الإطار، من خلال تفعيل التوظيف المتزامن مع التدريب، وأنها حقًّا ستكون فرصة سانحة له ليثبت للجميع مدى وطنيته الصادقة. [email protected]