إذا كانت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون قد وجدت إعلامها بكافة إمكانياته المادية والفنية أضعف بكثير من الإعلام التقليدي والمناوئ. وكشفت عن سقوط قنوات بلادها الإخبارية ك foxnews , nbc , msn , cnn أمام بعض القنوات العربية، مدللة على ذلك بأن بلادها قد خسرت (حرب المعلومات)، فما بال إعلامنا الذي لم يرقَ ببرامجه، وحواراته إلى مستوى المستمع والمشاهد، وفشل في الوصول إلى عقول الشباب الغض؛ ليزرع فيهم حب الوطن، ويبيّن لهم الخطوات التي تتبعها بلادهم بغية توفير الحياة الكريمة لهم، إضافة إلى إيصال صوتها وسياستها المعتدلة للخارج عبر قناة قوية توظّف لها معدّين ومذيعين ومخرجين على مستوى عالٍ من الكفاءة والخبرة، وتستقطب عددًا من مشاهير الشاشة الفضية في القطاع الإخباري للاستفادة منهم في القناة الثانية؛ حتى نتمكن من إيصال صوتنا للشعوب الأخرى في بلدان صاحبة القرار.. كالاستفادة من رموز إعلامية لا تقل مستوى عن (لاري كينج)، و(جوي باكسمان)، حتى وإن كانت أجورهم مرتفعة جدًّا، فالدفع بسخاء على إيصال الكلمة خير من الدفع على لاعبي الكرة، والمدربين الأجانب الذين يتقاضون رواتب خرافية. وكنت قد قرأت بأنه في فترة حكم الرئيس (بوش الابن)، وحتى نهايتها كان «عمرو دياب» يمثل الشخصية التي أراد الأمن القومي الأمريكي استخدامها لتوصيل صوتها الجديد إلى الشرق الأوسط، من خلال موسيقاه المتداخلة بشكل مكثف مع الصوت الأمريكي المكلّف بإذاعة أخبار وإحاطات السياسة الأمريكية عن طريق إذاعة راديو (سوا)، التي حلّت محل إذاعة (صوت أمريكا)، حيث تقدم الكونجرس الأمريكي بمبادرة لإذاعة أغاني الفنان «عمرو دياب» لمكانته الفنية العربية على أثير الإذاعة الموجهة الجديدة التي يتحمّل الكونجرس مسؤولية تمويلها، وقد جاء في البيان الذي أعده الكونجرس الآتي: «إذا وجد الشباب العربي صعوبة في ابتلاع أخبار سياسة الحكومة الأمريكية، فسنقدم لهم عمرو دياب، فيمكنهم حينئذٍ ابتلاعها بطريقة أسهل، وتقبّلها مع دندنة عمرو دياب». نحن بحاجة إلى اتّباع مثل هذه السياسة، ولكن بشكل أرفع وأرقى، بحاجة إلى إيصال صوتنا إلى الذين يرون بأن وجودنا على أراضيهم يشكّل خطرًا على أمنهم، وللذين يوصدون حدودهم أمام كل مَن ينتمي إلى العالم العربي أو الإسلامي، يضيّقون عليهم حياتهم، وتعليمهم، وعيشهم.. نوصل رسالتنا بالطبع عن طريق مشاهيرهم في الثقافة والفن والرياضة والأدب، نمرر عبرهم سياساتنا المعتدلة، وثقافتنا وأهدافنا، ولمسح الصورة السلبية المأخوذة عنّا والتي رسّخها في أذهانهم الإعلام المناوئ لنا. إعلامنا العربي لم يكسب حتى ثقة مسؤوليه؛ فلا زال منظر ذلك المسؤول الذي تخطانا في أحد مؤتمرات القمة متّجهًا إلى مندوبة وكالة الأنباء الفرنسية ماثلاً أمامي، تجتره ذاكرتي بكل المرارة.