** قال لي صديق (قديم) وعلى وجهه علامات الأسى والحزن أحتجت ذات مساء لصديقنا (...) ظننته ملهماً لاحتواء بعض (المشاكل) التي صادفتني للأسف أثناء سيري في هذه الحياة القدسية!! ** لكن هذا (الصديق) عند محاولتي الاتصال به -اما عن طرق “جواله” او عبر تلفونه المنزلي- حينها اسمع همساً خفيفاً يقول: اذا كان فلااان.. قولو له: انني غير موجود!! ** وكنت اسمع في طريقي كثيراً “اغنية” هزلية يذيعها احد البائعين -من اجل المشترين- تقول وبصريح العبارة “اذا كان فلااان يسأل قولو له اني مش هوون!!”. - بابا تلفون.. يجيب الأب قائلاً وبصوت لا مبال.. قولوا بابا مش هووون؟! ** وذات مساء قلت لهذا البائع.. لو كان الامر بيدي لما سمحت لك ان تبيع هذه الاغنية السخيفة؟ ** قال لي وباستهتار: انها اغنية “شعبية” ككل الاغاني. التي يسمعها الاطفال ويحرص على شرائها وسماعها النساء.. والرجال ايضاً كل صباح ومساء ايه انت ما انت عايش. فحياتنا كلها كذب وخداع. ** قلت له هذه ليست “اغنية” بريئة ولكنها تدعو للكذب جهاراً نهاراً.. وهي تعلم النشء المبتدئ في هذه الحياة لكي يكذب وهو مرتاح.. لانه سمعها تتكرر صباح مساء والناس يتذوقونها ويشتروها لابنائهم.. وهم في غفلة من امرهم. ** وذات مساء عند عودتي كان على باب منزلي صديقاً هكذا اظنه لكنه يمارس “معي” نفس الحكاية او الصياغة عندما أريده.. للاسف لا أجده..ولولا ان اطفالي ادخلوه لما تصرفت معه الا كما يتصرف معي.. وسوف ابلغه “انني مش هووون). ** ولقد وجدتها فرصة وانا اضحك قائلاً له: لو انك اتصلت بالتلفون او دققت الباب وانا داخل المنزل لما قلت لك الا وكما قالت الاغنية “انني مش هوون” والبادئ اظلم!! ** وقتها وحينها ضحكنا معاً ومعنا الاطفال.. لكن احد احفادي واسمه “رضوان” تعجب ونظر نحوي باستغراب واحسست حينها انه يريد ان يقول لي شيئاً.. لكن لسانه لم ينطق.. غير ان فكره الخفي تساءل لماذا؟ تتكلمون بلغتين وتتقابلون بوجهين!! ** لكنني هذا المساء جفا عيوني النوم وقلت لنفسي وحديثي مع النفس مرهق.. قائلاً: حقاً الدنيا امست واصبحت “مصالح” ومنافع فكم عشنا مع اناس لا أياماً ولا شهوراً لكنها أعوام طوال.. أكلنا مع بعض.. وتبادلنا المنافع!! وكنت أظن ان الايام ستطول بنا وستبقى مثمرة بناءة “حتى الموت” لان اطفالنا سيمسكون زمام المبادرة ويقولون اباؤنا هكذا.. وعلينا ان نسقي شجرة هذه (المعرفة) وهذا التعاون وذلك الحب لتبقى هذه الشجرة يانعة مثمرة! ** غير انني الاحظ ان (المصالح) الان هي في مقدمة ما يتبعها او يبحثها الكثير من البشر للاسف. ** وحتى القوانين الدولية التي نقرأ أن دولة ما او جهة ما غيرت من نظامها السابق لان مصالحها تقتضي الغاء هذا النظام وبجرة قلم و... و... بنفس مطمئنة. ** وكم شقيت شعوب بنوازع النفوس الملتوية والعقول الضاربة في الانتقام والتعدي على كل شيء جميل ونافع. ** ولن يحل هذه الاشكالية الا رحمة من رب السماء وهو ملاذنا ان ينزل على بعض النفوس الملتهبة مزيداً من الحب! ومزيداً من الانضباط ومزيداً من الايمان والحرص على اتباع قول حبيبنا وسيدنا الغالي نبي الانسانية الهادي الرشيد -صلى الله عليه وسلم- (لا يؤمن احدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه). ** وهذا هو المقياس والانضباط شاء من شاء وأبى من أبى. ** يا أمان الخائفين.. وحسبنا الله ونعم الوكيل. يحيى عبود بن يحيى - جدة.