دعا الباحثون المشاركون في مؤتمر "دور الجامعات العربية في تعزيز مبدأ الوسطية بين الشباب العربي" الذي اختتم أعماله أمس بجامعة طيبة إلى إنشاء مركز عالمي يُعنى بالوسطية، ويتعاون مع المؤسسات التعليمية والتربوية والثقافية المختلفة لتعزيزها، وإنشاء مراكزِ أبحاث وطنية بالجامعات تُعنى بدراسة مظاهر الغلو والتطرف والانحراف لدى الشباب, سعياً لكشف حاجاتها الأساسية لبناء الشخصية المعتدلة. وطالب المشاركون في المؤتمر الذي استمرّ أربعة أيام طرح خلالها 59 بحثاً في 11 جلسة، بتأسيس مراكزِ إرشاد تربوي نفسي داخل الجامعات؛ تتولى إرشاد الطلاب نفسياً وتربوياً واجتماعياً وتهيئتَهم للتكيف مع المجتمع ومؤسساته، إضافة إلى إنشاء مراكز التطوع الطلابي بالجامعات العربية؛ لبناء قدرات الشباب على المشاركة في الحياة المجتمعية. وأوصى المؤتمر بإعادة النظر في مكونات المناهج الجامعية من حيث الأهداف والمحتوى والأنشطة، لتكون أكثر تفاعلاً مع القضايا المعاصرة، وأقدر على دعم نهج الوسطية في الفكر والسلوك، والحدُّ من ظاهرة التطرُّف والانحلال، وتفعيل دور المناهج الدراسية في تعزيز مبادئ الوسطية ونشر ثقافتها في مراحل التعليم العام والجامعي، داعياً الجامعات العربية والإسلامية إلى العناية في خططها وبرامجها بوسطية الإسلام من خلال تضمين مناهج الثقافة الإسلامية والعلوم الاجتماعية والتاريخية والتربوية والحضارية صوراً جليلة وناصعة لسيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وقادة الأمة وأئمة العلم في عصورها الزاهية. كما أوصى المشاركون بتوعية الشباب بكيفية التعامل مع وسائل الإعلام والاتصال المختلفة, ومواقع التواصل الاجتماعي؛ للاستفادة من إيجابياتها والحد من سلبياتها، وحث الإعلام على الإسهام في نشر ثقافة الوسطية وإبراز مظاهرها فيما يعرضه من برامج مختلفة, والحدُّ من ظاهرة التطرف والانحلال، مؤكدين على ضرورة إبراز وسطية الإسلام في علاقة شباب الأمة وناشئتها بولاة أمرهم وطاعتهم في المعروف، وسماحته في علاقة المسلمين مع غيرهم، اعتماد الحوار أسلوباً رئيساً للتعليم، وإشاعة أدبياته في التفكير والممارسة، وتوجيه الشباب إلى ضرورة تواصلهم مع علماء الأمة الربانيين وتقديرهم وأخذ العلم عنهم. وأوصوا الحكومات العربية بالعناية بالوضع الاقتصادي للشباب والإسهام في حل مشكلة الفقر والبطالة، وتوفير فرص العمل الكريم لهم. ودعا المؤتمرون الجامعات والمؤسسات العلمية والدعوية إلى العناية ببيان حقيقة الإسلام، بما يرشِّد الأمة ويحفظ عليها مقوماتها ، وذلك بإشاعة الفهم الصحيح للإسلام ، والعلم بكلياته ومقاصده ، وتطبيقه في مختلف شؤونها. وفي مجال تفعيل دور المؤسسات الجامعية العربية والتعاون بينها، أوصى المؤتمر بتبادل الخبرات في مجال الفكر والمعرفة والدعوة إلى الوسطية، والحث على الاستمرار في إبرام مذكرات التفاهم والشراكات بينها، وقيام الجامعات العربية برسم استراتيجية بعيدة المدى؛ لتعزيز الوسطية بين طلابها من خلال برامج علمية محورها الطالب، والتأكيد على أهمية دعم مؤسسات التعليم العالي في مختلف الجوانب؛ لتعزيز دورها وإسهامها في نشر مبدأ الوسطية، وتفعيل مهام الجامعات ومؤسسات الدولة والمجتمع ذات العلاقة لرعاية الشباب وخلق البيئة المعتدلة لهم ليكونوا أفراداً فاعلين. ودعا المؤتمر أيضاً إلى التعاون والتكامل بين الجامعات والمؤسسات الإعلامية المختلفة لإعداد برامج علمية وعملية تسهم في نشر الاعتدال في الفكر والسلوك، وحث الهيئات التعليمية والإدارية في الجامعات بالممارسة العملية والواقعية للوسطية والاعتدال في التعامل والسلوك، وتنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس ومهاراتهم في الحوار وتقبل النقد , وعدم التعصب للرأي، والإفادة من التجارب العملية والميدانية والبرامج التدريبية الناجحة التي قدمها المشاركون والمؤسسات، وتطبيقُ هذه التجارب في الجامعات العربية مع مراعاة الفروق الثقافية والبيئية , والظروف الاجتماعية. وفي مجال الأنشطة الطلابية أوصى المؤتمر بالاهتمام بالأنشطة التي تبرز وسطية الإسلام في العقيدة والفكر والسلوك، وتكثيف برامج التواصل بين طلبة الجامعات العربية في هذه الأنشطة، وعقد لقاءات دورية بين أساتذة الجامعات العربية لتحقيق التواصل وتبادل الخبرات بينهم بما يُسهم في تفعيل أسس الوسطية في المناهج الدراسية الطلابية والبيئة الجامعية، وتأهيل المشرفين والقائمين على الأنشطة الطلابية على كيفية التعامل مع الشباب الجامعي, وتنميةُ قدراتهم ومهاراتهم لتنفيذ البرامج على الأنشطة الطلابية المتنوعة، إضافة إلى تربية الشباب الجامعي على أسس الوسطية والاعتدال، من خلال تكثيف برامج التواصل، والأنشطة والملتقيات الطلابية. وزاد المشاركون بالتوصية بدعوة الجامعات العربية إلى عقد ندوة علمية حول سبل تحويل قيم الوسطية إلى مهارات حياتية لدى طلبة الجامعات، واعتماد المؤتمر الحالي مؤتمراً تأسيسياً في بناء الفكر الوسطي، وتنظيمه دورياً بالتنسيق بين الجامعات والمؤسسات ذات الصلة ، على أن تعنى المؤتمرات القادمة بالبرامج العلمية, وتركز على التجارب التطبيقية التي تعزز مبدأ الوسطية وثقافة الاعتدال بين طلبة الجامعات، وتبنّي جامعة طيبة تكوين لجنة لتفعيل توصيات المؤتمر, والتواصلِ مع الجامعات, وتزويدِ الكليات والأقسام ذات العلاقة بأبحاث المؤتمر وتوصياته. وفي ختام المؤتمر رفع الباحثون والمشاركون شكرهم وتقديرهم لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله لدعمه المسيرة العلمية في المملكة، كما رفعوا شكرهم وتقديرهم لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران حفظه الله على دعمه للمشروعات والأنشطة العلمية، كما رفعوا شكرهم وتقديرهم لصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية حفظه الله على ما يقدمه من جهود خاصة في دعم مسيرة التعليم والأبحاث المختلفة، كما رفعوا شكرهم وتقديرهم لصاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز على ما وجدوه من حفاوة وتكريم في المدينةالمنورة. وأشاد المؤتمِرون بجهود اتحاد الجامعات العربية في توحيد الروابط بين الجامعات العربية، والمنتسبين إليها، وجهود وزارة التعليم العالي ممثلة في وزير التعليم العالي في دعم مسيرة هذا التعليم في المملكة، كما شكر المشاركون جامعة طيبة على حسن تنظيم فعاليات المؤتمر. من جانب آخر أوصى الطلاب والطالبات المشاركون في مؤتمر دور الجامعات العربية في تعزيز مبدأ الوسطية من خلال حلقات النقاش والحلقات التدريبية المصاحبة للمؤتمر والتي نفذها مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني على أهمية تعزيز ونشر الوسطية في الجامعات من خلال التواصل مع إدارات الجامعات والأكاديميين والعمداء والمشرفين على الأنشطة، والمشاركة في الحوار ومشاركة الطالب في صناعة النشاط والاهتمام به وتبني إنشاء أندية طلابية وتفعيل المجالس الاستشارية الطلابية وعدم التفرقة في المعاملة وإشاعة العدل، ومنحهم الفرصة في تنظيم المؤتمرات والندوات والحلقات النقاشية.