انطلقت بجامعة طيبة أمس أعمال مؤتمر دور الجامعات العربية في تعزيز مبدأ الوسطية الذي تنظمه الجامعة بمشاركة باحثين من داخل المملكة ومن دول عربية، سعياً لتأصيل مبدأ الوسطية علميًّا وعمليًّا بين شباب العالم العربي، وبيان المنهج الصحيح في الاعتقاد والفكر والسلوك والتعامل لتحقيق هذا المبدأ، واقتراح برامج عملية لتعزيز الوسطية بين شباب العالم العربي، والإسهام في تهيئة بيئة وسطية في الجامعات العربية، ومعالجة الأسباب الدافعة لبعد الشباب العربي عن الوسطية. وطغى على جلسات اليوم الأول خصوصاً الجلسة الثالثة غياب واضح للحضور، أثّر على ثراء الجلسات والمداخلات. وبدأت الجلسات الصباحية للمؤتمر بعد افتتاح معالي مدير جامعة طيبة الأستاذ الدكتور منصور بن محمد النزهة للمعرض المصاحب الذي تشارك فيه 16 جهة حكومية وأهلية. وقال النزهة: إن المعرض يهدف إلى تعريف المجتمع بجهود الجامعات والمؤسسات في المملكة في تعزيز مبدأ الوسطية لدى الشباب، وتبادل الخبرات في هذا المجال، وبيان الوسائل والوقوف على الأساليب التي تنتهجها الجهات المشاركة في تعزيز مبدأ الوسطية، وإتاحة الفرصة للجامعات والمؤسسات للتعريف بأنشطتها وبرامجها، وتأمين إجراء لقاءات وحوارات بين الجهات المشاركة وأفراد المجتمع. ففي الجلسة الأولى التي ترأسها الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، تناول الدكتور مصطفى صالح باجو من جامعة الأمير عبدالقادر للعلوم الإسلامية قسنطينةالجزائر "معالم الوسطية من منظور قرآني" بيان معالم الوسطية في القرآن الكريم، وخطر الخطأ في المفاهيم وأثره السلبي على سلوك الفرد وعلى العلاقات الإنسانية بصفة عامة، ومرتكزات الوسطية كما حددتها نصوص الوحي في الكتاب والسنة. وفي بحث عن "المضامين التربوية للوسطية في الإسلام ودور الجامعات في تعزيزيها" قدّم الدكتور صالح بن علي أبو عرَّاد من جامعة الملك خالد أبرز المضامين التربوية التي يمكن من خلالها تحقيق مبدأ الوسطية في الإسلام، وبيّن دور الجامعة كأحد أهم المؤسسات التربوية المجتمعية في تحقيق المضامين التربوية للوسطية في الإسلام، وطرح تصورًا عامًا للدور التربوي الذي يمكن للجامعة أن تقوم به في سبيل تحقيق المضامين التربوية للوسطية. وفي أول الأبحاث النسائية شاركت الدكتورة أسماء عبدالمطلب بني يونس من جامعة اليرموك بورقة بعنوان "الأسباب الدافعة لبعد الشباب عن الوسطية" وأوضحت أن المجتمعات الحديثة تعاني جملة من التحديات من أبرزها ظهور تيارات من الفكر المتطرف، تقابلها تيارات من الفكر المتحلل من جميع القيم الإنسانية، مما أدى بالمجتمعات التي ظهرت فيها موجات التطرف إلى فقدان الأمن الاجتماعي، وشيوع الجريمة المبنية على فكر مؤصل لها، وأدى بالمجتمعات التي غلبت عليها دعوات التحلل من القيم وتبني ثقافة الانحلال إلى انهيار في حياتها الاجتماعية المفتقرة إلى القيم وشيوع الأمراض، كما بيّنت العوامل المسببة للغلو والانحلال تتلخص في الأسباب الفكرية النظرية والأسباب الواقعية العملية والتي ترجع في أصلها إلى قصور في فهم النصوص. وفي الجلسة الثانية التي ترأسها الشيخ الدكتور عبدالباري الثبيتي إمام وخطيب الحرم النبوي الشريف وعضو هيئة التدريس بجامعة طيبة، طرح الدكتور الحسين آية سعيد ورقة حول "الوسطية في القرآن والسنة، المصطلح والمفهوم"، وقال إن البحت في دلالة ومفهوم الوسطية يبرز بما لا يدع مجالاً للشك أن الاعتدال هو الذي يستطيع المرء أن يستمر ويثبت عليه، وهو ما سعى لتجليته وإظهار حقائقه في بحثه. واختتمت الجلسة الثانية ببحث عن "جهود المدرسة الأصولية (أصول الفقه والمقاصد) في تأصيل مبدأ الوسطية.. المصطلحات والمقاربات) للدكتورة عقيلة رابح حسين من جامعة الجزائر، إذ تناولت العناية بمفهوم الوسطية، من الإمام الشافعي مؤسس هذه المدرسة إلى الشاطبي، وبروز مبدأ التنوع و الوحدة في علوم الشريعة في الكتابات الأصولية والمقاصدية، وتقاطع علم المقاصد مع علم الأخلاق. وفي الجلسة الثالثة التي رأسها الشيخ الدكتور صلاح بن محمد البدير إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف قدّم الدكتور محمد نصر جاد من جامعة عين شمس بحثاً بعنوان "الوسطية في فكر الإمام ابن قيم الجوزية" تناول من خلاله الوسطية والاعتدال في فكر الإمام ابن قيم الجوزية، الذي اشتهر بوسطيته واعتداله في كثير من المواقف والآراء، ودعا لها في كثير من مؤلفاته، وتهدف دراسته إلى إبراز جهود الإمام ابن قيم الجوزية في نشر الوسطية والعمل بها خلال عصره، وأثرها على المجتمع الإسلامي خلال فترة حياته والفترات اللاحقة.