منذ بدء الخليقة هناك ثوابت ومسلمات يتسم بها كل مجتمع منها ما هو إيجابي ومنها ما هو سلبي والمجتمع بدوره يتشرب هذه السمات ويتعايش معها. ومن السلبيات في مجتمعنا تصرفات بعض المسؤولين ومحاولتهم جاهدين أن يتلبسوا دور المسؤول الذي يحتاج إليه الناس فيرتفع عنهم، ويتعالى عليهم. إلا أن المدينةالمنورة على ساكنها أفضل الصلاة والتسليم أكرمها الله بظاهرة نادرًا ما تتكرر في عصرنا الحديث وهي تولي الدكتور محمد بن علي العقلا زمام الأمور في الجامعة الإسلامية، فقد حطم نواميس هذا المنصب وتعالى بلقب صاحب المعالي عن الغرور والتكبر وفتح أبواب الجامعة أمام جميع فئات المجتمع ليقينه بأن الدين دين الله والشرع بابه واسع والعلم فضاء فسيح فأصبح من يرتاد الجامعة يستنشق هواء نقيًا. لقد استن العقلا بسنة حبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث كان مجلسه عليه الصلاة والسلام يؤمه العالم والجاهل، والغني والفقير، والمؤمن والمنافق. وفي ذلك رد بليغ لمنتقدي العقلا والذين يدندنون على تمكينه للعلمانيين والمبتدعة على حد وصفهم بدخول الجامعة، ونحن إن افترضنا جدلا بوجود مثل ذلك فهو نجاح يحسب له لأنه كيف تريد أن توصل صوتك للآخر وأنت تمارس نحوه الإقصاء والاحتقار، وكيف تريده أن يحاورك وأنت لم تشعره بالأمن الفكري. فإما أن يقتنع ويصحح منهجه وإما أن تكسب أخوته وهذا هو المطلوب والمكسب الكبير. استنسخوا العقلا: لأنه ساهم بإيصال الصورة الحقيقية مع نخبة من الرجال المخلصين من أبناء هذا البلد مملكة السلام والحب والدين الإسلامي المبني على مساعدة الغير ونجدتهم. وهو أحد الذين اعتمدت عليهم قيادتنا الرشيدة حفظها الله في توضيح سياسة المملكة الحكيمة في محاربة الأفكار الهدامة ونبذها، فكان المواطن محمد العقلا على مستوى المسؤولية والثقة الملقاة على عاتقه. استنسخوا العقلا لأنه نزل لمستوى الطلاب وتفهم حاجياتهم وقام بحل مشاكلهم. وصحح لنا مفاهيم كثيرة في مجتمعنا الأكاديمي. فمعاليه يزور الطلاب المرضى بالمستشفى وخاصة الطلاب الأجانب ومن باب الإسناد فقد ذكر لي الصديق الدكتور محمد الأيوبي المدير السابق لمستشفى الملك فهد بالمدينةالمنورة ذلك. وفي قصة رواها لي أحد وجهاء المدينة أن الدكتور العقلا كان بالحرم النبوي الشريف يصلي في بداية توليه إدارة الجامعة والتفت وإذا بشاب إفريقي يدرس بالجامعة الإسلامية ولاطفه الدكتور فاستغرب الطالب وسأل عن هويته فذكر له أنه مدير الجامعة الإسلامية فقال الطالب بعفوية أنت تكذب، لأنه لم يعتد على موقف مثل هذا. استنسخوا العقلا لأنه فتح لأبناء المدينة آفاق رحبة من التعليم الجامعي والدراسات العليا، لقد أصبح الظاهرة محمد العقلا حديث المجالس بالمدينة وأحبه الناس، والغريب أن أكثر من أحبه لا يعرفهم ولا يعرفونه، وهذا من توفيق الله له واصطفائه فمهما دفعت من أموال لاستمالة قلوب البشر فلن تصل لمبتغاك، وأنا بدوري هنا أقول إن الدكتور العقلا عقل أمره وتوكل على ربه وأحس بجسامة المسؤولية الملقاة على عاتقه وشرف الرسالة التي تسنمها وقام بإحداث ثورة بالتعليم الجامعي ليس على مستوى حدود الجامعة الإسلامية فقط بل على مستوى جميع الجامعات السعودية والإسلامية. يشهد الله أن ما دعاني لكتابة هذه الكلمات هو واجبي كمواطن تجاه أي نجاح في بلدنا المملكة العربية السعودية، فلابد كما أننا ننتقد الخطأ كذلك أن نشيد بالجوانب الإيجابية في مجتمعنا لتتكرر النجاحات وتكتمل مسيرة التطور والنمو في بلدنا المعطاء.. وهو رغم كل نجاحاته أبعد ما يكون عن الذاتية واحتكار النجاح لشخصه وإنما في كل محفل ومجتمع يردد أن نجاحات الجامعة بفعل أبنائها، ونتاج عمل جماعي وهذا قمة التواضع والقدرة الإدارية. اسأل الله جلت قدرته أن يجعل ما يقوم به هذا الرجل لخدمة طيبة الطيبة وللإسلام والمسلمين في موازين حسناته وأن يقر عينه بصلاح أبنائه. الشريف عاتق آل نامي - المدينة المنورة