في السوق أحاول دومًا في بداية التسوق -وفي رواية لبنانية [الشوبنغ]- أن أتقمص دور الأب المثالي مع عائلته، لكن -ومع الأسف- عادة ما أختتم العرض بدور الأب الانفعالي الذي يقطع الرحلة فجأة، ويسوق الجميع للسيارة دون هوادة أو تفكير.. لا أدري لماذا؟ مع العلم أن الدور الأول أتعمد القيام به بينما الأخير لا حيلة لي فيه، أظن أن في السوق عفريتًا.. لا يتلبس سوى الآباء من دون المتسوقين. يقولون علماء الاجتماع على الأب أن يراعي تعدد الأذواق وتفاوت الأعمار حين يرافق أسرته للتسوّق، فلكل شراي بضاعة وسوق، ويفترض به أن يتماهى مع الذائقة الفردية للعائلة كل على حدة في الوقت الذي يجب عليه أن يتشكل مع شكل القالب الجمعي لها (فلسفة صح)، حسنًا إليكم التبسيط.. بصفتك أبًا، وفي رواية مصرية (دادي) يظهر بصورة شبه يومية في أعمدة الصحافة على أنه كائن [درا كولي] يقتات على دماء عائلته، فعليك أن تتلمس حاجة ابنتك لحقيبة عليها صورة الدمية (باربي)، وذات رباط (فوشي)، في الوقت الذي تلح عليك فيه الوالدة للحصول على بخور المعمول الدوسري الأصلي، وصوت زوجتك في ذات الوقت يهمس في أذنك (لا تنسَ اللي وصيتك عليه البارحة)، شكلي عقدتها بدل ما أبسطها.. المهم.. حينما تبدأ زوجتك في فرك جلدة خاصرتك بشكل خفي قل: (طيب.. طيب.. إنتي خذي العيال للمكان اللي فيه طلباتهم.. وأنا والوالدة بندور البخور الأصلي)، وإياك حينها أن تدير ظهرك لأم العيال قبل ما تدير ظهرها هي.. تبسم ابتسامة المتحسر على لحظة الافتراق هذه.. (نوعًا من الرومانسية). ستعتقد لا محالة الآن أن الأمر انتهى إلي هذا الحد.. لكن حينما تكون أنت ووالدتك في أمان الله.. تفتحون علبة دوسري، وتقفلون أخرى تفاجأ برسالة جوال (حنّا في الطابق الفلاني.. بسرعة تعال)، وما أن تفرغ من قراءة الرسالة إلاّ وتهل عليك أخرى (وشفيك ما تجي؟ بسرعة ضروري!) ستشعرك الرسالة بأن إحدى التنظيمات السرية الخطيرة على علاقة بمضمون الرسالة، لا تملك حينها إلاّ أن تقترب من الوالدة بكل وداعة وتهمس لها (انتظريني دقيقة يا أمي.. شكله فيه مصيبة حصلت..) تقاطعك الوالدة (رح.. رح.. ومسوي رجال وعندك حزم).. تبتسم ابتسامة الخجل.. (ما راح أتأخر عليك يا ست الحبايب هاه.. لا تشترين شيء حتى أجيك).. ستسمع تمتمة خافتة حينما تشرع في المضي.. نصيحة لا تحاول أن تفهم تلك التمتمة. توصل عند شريكة حياتك.. نصفك الآخر الذي تعتمد عليه أحيانًا في مدلهمات الخطوب.. ما الخطب؟ أقصد عسى ما شر!! (طبعًا وأنت تلهث وتلتفت لليمين واليسار)، (الشر ما يجيك.. بنتك تبيك) تلتفت (وين هي) (أبوية بطلت أشتري شنطة من هنا) (ليييش؟) (ما في شنطة عليها صورة باربي)، (أجل الصور هذي وش هي)، (هذي صور عفاريت السوق)؟!