قضية الشباب العاطل عن العمل أو المُعطَّل بالغصب، والمؤهل بشهادات عليا، هي ليست قضية عادية حين يتعامل معها البعض بمنتهي الهدوء، ويقفون أمامهم بسبب عمرهم الذي يريدونه 25 عامًا ليعمل سائق ليموزين، وهنا أسأل نفسي عن تفكيرنا هذا الذي نبدأه بالسلبيات، والتي قد تحدث، وقد لا تحدث أبدًا، وبدلاً من أن نعمل على إيجاد حلول تحفظ حقوق الجميع، وتعاقب كل مَن يخرج عن العادات والتقاليد، نقوم بابتكار أفكار فقط لنرتاح، ونحرم فئة من الشباب هي في أمسّ الحاجة للعمل، ونمنعهم من الاكتساب المشروع بحجة الخوف من مجهول، والوقوع في المحاذير، وأعني بذلك شروط وزارة النقل والمواصلات التي وضعت سن ال25 عامًا كحد أدنى للحصول على رخصة ليموزين، وكأن هذا العمر هو العمر المثالي الذي يمنع السائق من ارتكاب الأخطاء، أو المخالفات، بينما الحقيقة أن التصرفات غير السوية لا تبدأ بالمراهقة، ولا تنتهي عند عمر مُحدَّد، وقضيتي هنا ليست في الوقوف ضد هذه الإجراءات التي تفرض الوصاية على المواطنين والمواطنات، وتخوفهم من سائق الليموزين المواطن الشاب الذي لم يجد عملاً بشهادته الجامعية، بل قضيتي هي في ضرورة تحليل الأنظمة، وإعادة صياغتها بحيث تخدم المواطنين الراغبين في العمل الشريف، وتحافظ على حقوقهم وحقوق غيرهم، بدلاً من تعطيل الفكرة سبعة أعوام من بعد تخرجهم، وكل ذلك بسبب الخوف على المجتمع. • يا سادتي: الفرق شاسع بين من يتعاطى مع المشكلة وهو لا يتألم، وبين شباب يموتون يوميًّا في تعاستهم مع الفراغ، وحاجتهم للمال الذي يستحيل أن يحصلوا عليه بسهولة، فإن وقفوا يسألون الناس قالوا لهم اعملوا، وإن قعدوا في بيوتهم ماتوا من اليأس والخجل، وهم يطلبون الريال والريالين من أمهاتهم أو آبائهم، وكثيرون هم الذين يعيشون هذه المأساة لسنوات عديدة، وفي كل بيت ولدان وبنتان يحملون الشهادات الجامعية، ولا حول لهم سوى الانتظار، وحين ينتهي اليأس بالتنازل عن الشهادة، وتقبل أنت أو غيرك بالعمل على سيارة أجرة تجد القوانين تقف أمامك لتردك للفراغ والمنزل، وفي ذهنك أسفك الذي يحاصرك أنى تذهب، وعليك أن تنتظر مزيدًا من السنين ليصل عمرك إلى 25 عامًا لتستطيع الحصول على رخصة ليموزين من وزارة النقل الموقرة. • خاتمة الهمزة.. الجميل في الحكاية أن البطالة تضرب الناس، والتسول في مدينة جدة ظاهرة مسكوت عنها لغير السعوديين، وقيادة الليموزين هي أيضًا ممنوعة على السعوديين إلاّ بعد بلوغ الخامسة والعشرين، والسبب الخوف على المجتمع من أبنائه، فأي بيروقراطية هذه التي لا تثق في أبناء الوطن، وأي إجراءات هذه التي تضع العقدة في المنشار.. هذه خاتمتي.. ودمتم. [email protected]