استكمالاً لما طرحته "الرسالة" في الأسبوع الماضي من تأييد البعض لدخول المرأة إلى مجال الإنشاد ومعارضة البعض لهذه الفكرة، قامت "الرسالة" بعرض الأمر على بعض المختصين من رؤساء الفرق الإنشادية كونهم الأكثر اطلاعاً على هذا المجال والمدركين لخباياه وأسراره، وذلك لمعرفة آرائهم حول هذا الأمر، فالبعض أيَّد الفكرة وأبان إمكانية وضع ضوابط لتنظيم هذا الأمر، مقدماً الوصفة التي تمكِّن المرأة من النجاح وإبراز نفسها، وبالمقابل هناك من نادى بإلغاء الفكرة والتخلي عنها نهائياً، ويتشدد آخرون رافضين مجرد الحديث عن الأمر لأسباب "شرعية" في المقام الأول: صعوبة واضحة بداية يقول المشرف على فرقة ربى الفنية المنشد أكرم العروسي أن مسألة إنشاد المرأة تصنف إلى جزأين فإذا كانت المرأة تنشد وتشارك أمام النساء بغض النظر عن أن المسألة شرعية أو غيرها سواء أكانت بحفلات الزواجات أو بأي مكان آخر فهذه مسألة ممكنة ولا يمكن لأحد أن يعترض عليها. أما إذا كانت المرأة تقوم بالإنشاد أمام الرجال الأجانب، وخاصة بدول الخليج العربي فهذا أمر صعب لا يمكن حدوثه، واستبعد أن نرى منشدات ينشدن أمام الرجال لأن هذا الأمر ذو طابع ديني أكثر منه فني. وأشار العروسي إلى أن الرجل عندما ينشد قد يضطر لترقيق صوته وتنعيمه مع أن طبيعته هي الرجولة والخشونة في الكلام، لكن عند إنشاده يتغير الوضع وهذا بخلاف المرأة التي نعلم أن طبيعتها النعومة وعند إنشادها قد ترقق صوتها أكثر وأكثر وهنا تكون المشكلة. وقال: حسب علمي فإن هذه المسألة بها خلاف كبير بين العلماء، فبعض علمائنا الأفاضل نجدهم قد أيدوا لهذا الأمر والبعض قد عارض، فبعض المؤيدين قالوا إنه بإمكان الفتاة أن تنشد بدول الخارج مثل أمريكا وأوروبا ومن الممكن أن تكون أحد أساليب الدعوة. لكن العادات والتقاليد التي نراها بالوطن العربي لا تسمح بهذا الموضوع وعلى المرأة أن تتجنب هذه الفكرة وتزيلها من تفكيرها، لكن إن كانت القضية إشباع رغبات أناس آخرين فهذه قضية أخرى، لكن وجود الرجال بالساحة الإنشادية المحلية كاف. ولو أرادت المرأة بالخارج المساهمة في الدعوة أمام الرجال الأجانب ليعم الخير الجميع فمن الأفضل أن تكون في مجال الدعوة وليس بالنشيد الذي به ترقيق لصوتها وتنعيمها له. واختتم العروسي حديثه بالقول: إن كان جمال الصوت موهبة أعطاها الله لأي فتاة فمن الحرام إضاعتها، ومن شكر النعم أن تتحدث بها، فعلى الفتاة تعلم المقامات وأن تنشد أمام نساء أخريات ليصل صوتها لجميع النساء، مبينا في الوقت ذاته أنه من الصعوبة أن تخرج المرأة ألبوماً إنشادياً. موضوع فقهي من جانبه أوضح المنشد محمد الجبالي أن مطالبة بعض النساء بالإنشاد وكذلك ما نراه من قبل البعض لرغبتهم بوضع المرأة بالمجال الإنشادي تقود إلى جدل فقهي أكثر من كونه إنشادي، وأنه لا يفضل الخوض في هذا الموضوع، وقال: نحن خلف ما يقوله مشايخنا الأفاضل في هذا الموضوع، فهم المناطون بالحديث في هذا الأمر. شروط واضحة من جانبه قائد فرقة فرح جدة الترفيهية الأستاذ جميل العميري أن صوت الفتاة "المنشدة" عورة ولا يحق للرجل الاستماع لها، وأمام المرأة كثير من الميادين الأخرى التي يمكن لها أن تظهر فيه موهبتها. وقال: هناك أماكن محددة يمكن للمرأة أن تنشد فيها لو أرادت شريطة أن لا تتجاوزها مثل المدارس أو الجامعات أو للنساء في قصور الأفراح أو في المجمعات الدعوية النسوية، فأنا أقف مع حق المرأة في الإنشاد في مناطق مستقلة وبعيدة كل البعد عن سماع الرجال لها. وطالب العميري الفتاة بألا تفكر في طرح ألبوم بالمستقبل لأن ذلك سيقود إلى فتنة ومع الوقت قد يغريها النجاح وتزداد مطامعها أكثر فتتحول لإنتاج الألبومات ثم إلى الكليبات ومن ثم سنراها أصبحت مثل المغنيات مما قد يدفعها للانحدار من سيء إلى أسوأ. مضيفا بأنه لا يحق للتسجيلات بيع ألبومات "إنشادية نسائية" لأنها مع الوقت ستطرح كليباً لرغبتها بالتطور وتحسين حالتها ومن ثم البروز عبر الشاشات الفضائية. واختتم قائد فرقة فرح جدة الترفيهية حديث بنصيحة موجهة للفتيات اللاتي يرين أن لديهن مواهب ولم تستغل بأن عليهن إبراز أنفسهن بالاحتكاك مع المنشدات المعروفات مثل الرجال الذين يريدون البروز فنراهم يتعاونوا مع كبار المنشدين، فعلى الفتاة الذهاب لبعض الفرق النسائية المعروفة ومعرفة كيفية عملهن لتصبح مثلهن مع مرور الوقت. أمة وسطى أما المنشد بندر عاشور فقد بين أن أمتنا أمة وسطا في جميع أمورها ولكن لا بد من مراعاة أن لكل أمر ضوابط شرعية من المفترض عدم تجاوزها. موضحاً أنه من الصعوبة ومن غير المستحب أن تنشد المرأة بشكل علني أمام الرجال وكذلك أن تقوم بإصدار ألبوم خاص بها، قائلاً: لو أننا رأينا المنشدة مع بعض الفرق النسائية وكان مجالها مع نساء فقط وليس أمام الرجال فهذه نقطة إيجابية وما يميزها أن كثيراً من الناس تركوا المغنيات و"الدقاقات" ومن يستخدمون آلات الغناء وتوجهوا للفرق النسائية الإنشادية فهذه قد تكون من أبرز الإيجابيات في وجود المنشدات. تحفظ وتريث ويبدي الموزع عبد الله العبرة تحفظه مبيناً أن رأيه في هذا الأمر يعود أولاً وأخيراً للشرع، قائلاً إن دخول المرأة إلى مجال الإنشاد لن يقتصر على الإنشاد فقط بل يرتبط به عدة أمور، فالرجل له حرية الانتقال وبإمكانه التنقل بين الاستوديوهات لأنها أماكن رجالية، لكن الوضع يختلف بالنسبة للمرأة لأننا سنرى آنذاك وجود الاختلاط ومن الصعوبة أن تأخذ راحتها في مجالها، ولهذا الأمر هنا يعود للشرع في المقام الأول والأخير.