يوم الخميس 27 من يناير الماضي أعدمت السلطات الإيرانية عشرة من مهربي المخدرات في مدينتين واقعتين في الشمال الغربي من البلاد، وقريبتين من طهران العاصمة. وبذلك يبلغ مجموع مَن تم إعدامهم خلال يناير فقط 65 من مهربي المخدرات، أي بمعدل يزيد عن اثنين يوميًّا. وفي العام الميلادي الماضي أعدمت إيران 179 مهربًا للمخدرات. هذه قراءة سريعة لأرقام كبيرة بالنسبة لما يجري في دول أخرى تشدّد بالعقوبة ذاتها من الناحية النظرية على الأقل. ولأن تهريب المخدرات جريمة هائلة مخيفة تتجاوز في آثارها الفرد إلى المجتمع كله، فإن القتل تعزيرًا يُعدُّ حياةً فعليةً للمجتمع. وكلّما نجح المجتمع في التخلص من مهرب، أو مروّج، فإنه يثبت فعلاً قدرته على مواجهة أخطار المخدرات، والتخفيف من آثارها المؤلمة، وتكاليفها البشرية والصحية والمادية. نعم، إن كان في القصاص من (قاتل فرد واحد) حياة، فإن القصاص من مهرّب هذه المواد اللعينة حياة لألوف الأبرياء المعرّضين للوقوع في براثنه. المخدرات يا قوم مثل السيل الهادر، قليل هم الذين ينجون منه، إن مرّ بأحيائهم وبيوتهم. ومثل إيران ماليزيا، فهي متشددة جدًّا في محاربة تهريب المخدرات وترويجها، وأذكر قبل سنوات قضية إعدام بريطاني اتّهم بتهريب مخدرات إلى البلد المسلم بالرغم من تدخل السلطات البريطانية بكل ثقلها للتخفيف من العقوبة المغلّظة شكلاً، والمخففة بالنظر لفداحة الجرم، وشدة خطره على المجتمع. نعم ليس لمهرب المخدرات مكان في أي مجتمع يرغب في العيش بهدوء وطمأنينة. تهريب المخدرات وترويجها أشد فتكًا من سائر الفواحش والجرائم والمحظورات. وأحسب أن لا أحد من هؤلاء المهربين، ومن يحميهم من كبار المتاجرين فيه والمروّجين له يستحقون العيش يومًا واحدًا، إذا ما ثبت عليهم الجرم المشهود. وأمّا أن تمتد قضاياهم شهورًا وسنوات، فإن ذلك يُعدُّ مؤشرَ تراخٍ وتهاونٍ يشجع الآخرين ولا يردعهم، ويزين لهم الجريمة الشنعاء ولا يخيفهم. هؤلاء ليسوا في حاجة لأيام معدودة إضافية؛ لأنهم حرموا ألوفًا غيرهم من حياة طبيعية هانئة.. هؤلاء ليس لهم إلاّ السيف يضرب أعناقهم، أو الحبل يلتف حول رقابهم. [email protected]