في معظم الوظائف الحكومية يمر على الموظف حين طويل من الدهر، وهو راكد في وظيفته لا يكاد يتطور إلا نادراً. ويستمر به الحال كذلك منتظرا فرج ربه كي يترقى على وظيفة أرفع دون أن يتعلم شيئاً جديداً سوى شيء من الدورات التدريبية إن صاحبه الحظ. والبعض يلجأ إلى الدراسة عبر التعليم عن بُعد أو منتسباً لا ليتعلم جديداً في الغالب، وإنما لتتوافر لديه شروط الترقية أو ليسابق بها غيره من المنافسين له. وهكذا يعلو الصدأ شريحة كبيرة من موظفي الدولة خاصة ذوي المراتب الدنيا ويصيبهم التكلس لأن النوافذ مغلقة والفرص المتاحة للهرب من هذا القفص الكبير نادرة، وهي للمحظوظين أولاً وآخراً. والحقيقة أن العالم يتغير بسرعة، وما لم تتغير نظرة القطاعات الحكومية لموظفيها، فسيأتي يوم يتكدس هؤلاء دون عمل حقيقي مثمر. لقد اختفت من خارطة العالم المتحضر وظائف كاتب، صادر، وارد، مراسل، أرشيف إلى آخر القائمة التي باتت بدائية في ظل التقنيات المعاصرة. وجاء في آخر تقرير عن وضع الوظائف في الولاياتالمتحدة (نشرته صحيفة يو. إس. توداي في 13 يناير)، أن بعض المهن تجنح إلى الانقراض، ومنها مثلاً مهنة النسيج التي تراجع الطلب عليه بنسبة 39%، يليها مشغلو مكائن الخياطة التي تراجعت بنسبة 34%، يليهم موظفو الأرشيف بنسبة 23% مروراً بعدة مهن حتى محللو الأخبار والمراسلون الإعلاميون تراجع الطلب عليهم بنسبة 6%. وأقلهم تراجعاً موظفو المكاتب السياحية وبنسبة 1%. وأما أكثر المهن طلباً، فمهندسو الطب الحيوي حيث ارتفع الطلب عليهم بنسبة 72%، يليهم موظفو الرعاية المنزلية بنسبة 50%، ثم علماء الطب، ثم محللو أبحاث السوق ثم المحاسبون والمراجعون يليهم عمال البناء ثم المتخصصون في علوم الرياضيات. وتنتهي القائمة بمديري دور الإيواء (الفنادق) وبنسبة 5%. صحيح أن هذه التحليلات والبيانات نادرة جداً في عالمنا الثالث، ولكن ثمة مؤشرات تمثل خارطة طريق للوظائف المرغوبة، وتلك المهجورة. ولمصلحة الوطن وخير المواطن لا بد من اتخاذ خطوات صائبة في هذا الاتجاه، فلعل البطالة الحقيقية تتراجع، ولعل البطالة الوهمية داخل المكاتب الحكومية تتراجع كذلك. [email protected]