قرائي الكرام.. قراءاتي «الكرامات»: في إضاءات للزميل/ «تركي الدخيل»، عرضت ظهر الجمعة 7/11/2008م قلت له: كل ما أخشاه أن يتجاوزني القارئ يوماً، ويشعر أنه لم يعد لدي ماأقوله و...قاطعني أبو عبدالله غفر الله له ولوالديه ولكمكن ولوالديكنكم متسائلاً: هل ستتوقف عن الكتابة إذا شعرت أن القارئ لم يعد يريدك؟ قلت: نعم إذا ثبت لي ذلك بنسبة ما! وبخبثه الاحترافي المعروف قال: كم هذه النسبة؟ فأجبت ساخراً: النسبة العربية العريقة: (100%) إلا جزءاً من ألف! ويشهد الله أنني من يومها لم يفارقني السؤال: كيف تعرف الوقت المناسب للاعتزال؟ وهل ستتمتع بالفروسية التي تدفعك للانسحاب من المعركة، ليس خوفاً من الموت أو الأسر، بل لأنك تأكدت أنها خاسرة، حتى وإن خرجت منها محمولاً على الأعناق؟! ولعلكنكم تذكرون المبدأ الذي لم أحد عنه منذ أول مقالةٍ لي، وهو: أن القارئ هو الكاتب الحقيقي، وأن الموصوف خطأ ب»الكاتب» ليس إلا «طابعاً بأمر الله» للموصوف خطأ أيضاً بأنه «قارئ»! وإذن: فأنا الموقع أعلاه وأدناه بوصفي أقرب قارئٍ حقيقي للكاتب الافتراضي من يحدد تلك اللحظة التي يصبح فيها الصمت أبلغ من أي مقال! وبكامل قواي العقلية إن وجدت أعلن: إنه اليوم وليس غداً، والآن وليس عند نهاية المقالة! نعم، هذه اللحظة التي تشكل للمهاجر الذروة في كل شيءٍ: فهو من أكثر (الطابعين بأمر الله) جمهوراً، وأكثرهم قبولاً في عقول ونفوس الألوف، بدءاً من رؤساء التحرير، الذين وصفني توأمي الأجمل/ «محمد الرطيان» بأنني «معشوقهم»، وانتهاءً بالخالة «نويِّر» التي لمحتني في سيب مستشفى «التخصصي» بالرياض، فتحاملت على نفسها، غير آبهةٍ بالمغذيات والأجهزة، ونادتني بصوتها المتهدج: «بردت كبدي في «صباح السعودية» الله يبرد كبدك»! والحمد لله أني تصورت معها وهي بعباءتها وكامل نقابها، قبل أن يبلغني خبر وفاتها منذ أيام! نعم: هذه اللحظة التي لا تمثل «للطابع بأمر الله» الذروة في الشهرة والنجومية المعنوية وحسب، بل والمادية أيضاً، فهو من أعلى الكتاب أجراً، ومن أكثر النجوم دخلاً، بحيث أصبح يفكر في اقتناءِ منزل لأولاده، بعد أن قرضت عمره كمعظم المواطنين بنوك «مرتاع البال»! كل هذه الحيثيات كافية لصناعة «الكاتب الطاغية»، الذي يغشاه «العمى الفرعوني» فيعتقد أن «شخصه» العظيم هو الذي جلب هذا النجاح! ويعتقد أن «القارئ» سيظل يتلقى عنه كل شيءٍ بحبٍّ أعمى! ومهما أراه «موسى الضمير» من آياتٍ، فلن يرى لقرائه إلا «مايرى»! نعم: الآن أعتزل الكتابة، فالصمت هو اللغة الأصدق في تبليغ رسالتها، ولأَن تذرفوا الدموع اليوم احتراماً لاسم صنعتموه أنتمتن، أهون بكثيرٍ من أن تذرفوها حسرةً على ذلك الاحترام يوماً ما! واسمحوا لي فقط أن أحيِّيَ باسمكنكم زميلي «الحشاش»، الذي قال لي لحظة خروجي من السجن قبل أن أصبح شيئاً مشهوراً: «وإن كان همَّك في الزمن بس لُقْمَتْكْ * الفول بريالين والخبز بريال»! [email protected]