لا يخفى على كل متابع احتكار الرجال لمجال الإنشاد وغياب العنصر النسائي عنه بالكامل، وقد يكون الدافع في ذلك معروفاً وبسبب النظام الاجتماعي الذي يرفض ظهور أصوات النساء في مثل هذه الأنشطة، اتكاءً على قيم دينية راسخة، لكن بالمقابل هناك من النساء من ترى أن عدم وجود بصمة نسائية في هذا المجال هو نوع من التهميش وسلب حقوق النساء وإغفال دورهن الهام في هذه الحياة. فهل يمكن أن يأتي اليوم الذي نجد فيه بعض النساء يشدون بأصواتهن مرددات للأناشيد؟ وهل سيتقبل المجتمع هذه الفكرة ويوافق عليها؟ «الرسالة» حاولت معرفة آراء المختصين في هذا الأمر ومقدار الفوائد المتحققة منه والسلبيات الناتجة عنه، وما إذا كانت هذه الخطوة – في حال تحققها – ستضيف شيئاً للإنشاد أم أنها ستؤثر على سمعته وتؤدي لانصراف الناس عنه: بداية أوضحت الأستاذة فاطمة باقحوم أن المشاكل التي يعاني منها العنصر النسائي هي عدم وجود الاهتمام الكافي بهن وكذلك عدم وجود أي تشجيع لإظهار إبداعاتهن كما هو موجود عند الرجال، وقالت: المجتمع للأسف ينظر للفتيات المبدعات بالمجال الإنشادي نظرة دونية ولا تعطيهن أي اهتمام بخلاف العنصر الرجالي الذي أصبح يحتكر المجال بشكل واضح دون أي اعتبار للعنصر النسائي. وبينت باقحوم أن المواهب النسائية قليلة جداً ولا تذكر إلا بشكل نادر جداً. مبدية رغبتها في أن ترى العنصر النسائي في المستقبل القريب مبدعاً بهذا المجال سواء أكان عن طريق اللحن أو التأليف، مطالبة المجتمع بأن يعي أهمية هذا الأمر وأن يأخذوه دون حساسية وعليهم ربط الأمور ببعضها البعض من جهة الدين. وقالت: عندما اكتشفت موهبتي الإنشادية وتأليف الكلمات كنت أستطيع كتابة بعض القصائد ولكن للأسف لم أجد غير «الجفاء»، لكن هذه النظرة لا بد أن تتغير في المستقبل القريب. خضوع بالقول أما المدير التنفيذي لمؤسسة صدى القمة الأستاذ أيمن السلوداي فيقول: المبدعات موجودات بكثرة وينتظرن الفرصة المواتية للانطلاق. أتتني اتصالات كثيرة لأن رقم جوالي كان مكتوباً على أحد أغلفة الألبومات فأتتني طلبات من ثماني منشدات لينشدن. وأبان السلوداي أنه يقف ضد هذا الموضوع تماماً ويبرر ذلك الموقف بقوله: عندما تنشد المرأة فلا بد أنها ستخضع بالقول، وإذا أرادت أن تنشد فمن الأفضل أن يكون بالأفراح والقصور والأماكن المخصصة للنساء فقط أو تنشد لزوجها أو أمها وصديقاتها فلا مشكلة هنا، ولكن إن كان إنشادها للرجال فهذا به إساءة. وعلى هؤلاء اتباع القرآن والسنة ومن أصدق من الله قيلا، وعندما يقول ربنا شيئاً فلا مجال للإنسان للتكلم وقضي الأمر بهذه الآية. ونوه السلوداي إلى أن هذا الأمر من الناحية الدينية به مآخذ عديدة، وقد يجر المرأة إلى ما لا تحمد عقباه، فالمرأة ليس لديها انضباط مثل الرجل، فإن أعجبت بنفسها فمن الممكن أن تنصاع للعروض التي تأتيها، أو تخضع للضغوط التي تمارس عليها. فمن السهولة أن نرى المنتجين يحدثونها ويلتقون بها ونراها تنجرف بسرعة، وقد تغريها الشهرة والفيديو كليب وأسهل شيء للوصول للمجد عن طريق الكليبات. وبوجهة نظري أن المرأة إذا أنشدت فهذه مهزلة ونهاية الدنيا. خطوة جيدة أما رئيس فرقة فرح فنون جدة المنشد عثمان الغزالي فقد أوضح عدم ممانعته لدخول الفتيات إلى هذا المجال، وقال: هذه خطوة جميلة وتساهم في جعل الناس تميل للجانب الإنشادي، مبينا أن بعض الفرق الغنائية التي تحيي مناسبات الزواج بقسم النساء من الأفضل استبدالها بالمنشدات وهذا من فائدته ترك المغنيات لمجالهن الغنائي واستبداله بالإنشاد الأفضل. وقال الغزالي: لا مانع من عمل الألبومات الإنشادية للفتيات وهي خطوة جيدة ولا حرج أو بأس بها، فالكثير قد يتحسس من هذه النقطة ويعتبرها خطوة سلبية ولكنها في حقيقتها أفضل وبكثير وتساهم في جذب الناس للفن الراقي الهادف وليس لنظيره وهنا تكون بداية التحول، فمن الصعب القول بالحرمة وأنه لا يجوز لأننا سوف ننفر الناس من الإنشاد ونجعلهم يذهبون للمنافس الآخر الساحة الغنائية.