لم تكن تعلم بدور محمد إبراهيم الموظفة في احد البنوك انها لن ترى عائلتها لأكثر من 29 ساعة متواصلة قضتها محتجزة هي و15 موظفة معها في مقر عملها يوم الأربعاء الماضي . ووصفت بدور ذلك اليوم بالمأساة والكارثة حيث انقطعت كل وسائل الإتصال بينها وبين أهلها والدتها وإخوانها وأختها المعاقة . كان خوفها ليس على نفسها وإنما عليهم سيما وأنهم ليس لديهم عائل فقد فقدوا والدهم ولم تكن لتطمئن عليهم هذا ماقالته بدور محمد بأنها شعرت لأول مرة بمدى عجزها عن مساعدة أهلها فأهلي في جهة وأنا في جهة أخرى!! كنت أعيش في كابوس وكأني لا أشعر بمن هم حولي أتصل على جوال والدتي فأجده مقفلا !! وبهذا انقطع الاتصال بيني وبين أهلي ولم نر بعضنا إلا ظهر اليوم الثاني!! وتحكي بدور ل “المدينة” عن تفاصيل ليلة الرعب التي قضتها في عملها وعائلتها بعيدة عنها قائلة : كنت في عملي وعند هطول الأمطار احتجزت ، وذهبت والدتي لأخذ إخواني من مدارسهم وذهبت الى أحد المطاعم لتناول طعام الإفطار . وعند خروجهم بدأ المطر وكان الوضع طبيعيا وفجأة ازدحم شارع التحلية وطريق المساعدية وكانت الشوارع مليئة بالماء وكان أخي هو الذي يقود السيارة . وعند الوصول الى شارع فلسطين بدأ الوضع هناك يزداد سوءا وبدأت مياه الأمطار تدخل داخل السيارة من كل الإتجاهات إلى أن إمتلأت بالكامل ولم يجد طريقا للخروج من السيارة !!. أختى المعاقة عالقة وتضيف بدور : عندها خافت على أختي المعاقة أن تذهب من بين يديها لأنها شعرت بالعجز عن مساعدتها وكان أيضا أخي الصغير معهم وأصبحوا يسبحون في مياه الأمطار طالبين النجدة لاخراج أختي المعاقة من السيارة وحملها قبل أن يصل الماء إلى الأجزاء العلوية من جسدها وتغرق السيارة ولكنهم لم يجدوا أحدا !! عندها قام أخي بحمل أختي هو وأمي إلى أن وصلوا إلى مكان قريب من قصر الضيافة وقاموا بالنداء لبعض الأشخاص وقاموا بالاستنجاد بهم ليتم مساعدتهم وخاصة أختي المعاقة وبالفعل استجابوا لنداءاتهم وجاءوا وساعدوا أمي وأختي وقاموا بأخذهم إلى قصر الضيافة حيث كان هناك الكثير من الناس وحالتهم مثل حال أهلي . وقالت: إستمر أهلي في قصر الضيافة ساعات طويلة وعانوا كثيرا سيما أختي المعاقة لانقطاع المياه هناك فلم تستطع قضاء حاجتها وظلوا على هذا الحال يوما كاملا من صباح الأربعاء إلى ظهر الخميس وأنا لا أعلم عنهم شيئا وأدعو الله طوال الليل بأن يحميهم من كل مكروه وسوء ويرجعهم إلي سالمين وبالفعل رجعوا إلى المنزل بعد أن قام أحد المتطوعين بتوصيلهم . وتابعت بدور : كنت في مقر عملي في انتظار المعجزة وبزوغ فجر يوم جديد وأستطيع الخروج من مقر عملي وأن يجدوا لنا طريقة للخروج إلا أن جاءنا الفرج وقاموا بإحضار سيارة كبيرة لحمل البضائع وأخرجتنا من المبنى إلى الشارع العام حيث وجدنا أن المياه قد جفت ومن هناك تبرعت إحدى الزميلات بتوصيلي إلى منزلي وواجهنا صعوبات في الطريق وجدت أهلي بحالة يرثى لها من التعب والإجهاد ووالدتي كانت في انهيار تام وتبكي عما عانته وقت المطر وعجزها عن حمل أختي لتحميها وخوفها على أخي الصغير الذي كان يبكي من الخوف ويصرخ وينادي بالاستغاثة فقد كان ذلك اليوم أسوأ أيامنا حتى أن سيارتنا التي لانملك غيرها دمرت بالكامل . واضافت: رغم ماكنا نعانيه من يوم الفاجعة إلا أنني قررت الحضور هنا للتطوع في معرض الحارثي وحاولت بشتى الطرق بأن أكون متواجدة حيث سبق لي أن شاركت في حملة التطوع في كارثة جدة الماضية فأنا أسعد دوما بمساعدة الآخرين وكم اشعر بمعاناة الآخرين وأجدها أحيانا كبيرة عند معاناتنا . وتمنت في الأخير (بدور) أن يرفع الله عن والدتها الأرملة التعب والمشقة التي هي على كاهلها وحدها منذ وفاة والدي وهي ترعانا وترعى أختي المعاقة .