"إذا كانت هناك أعذار واتهامات لبعض أهالي أحياء شرق جدة بأنهم يسكنون في مجاري السيول وبطرق غير نظامية، فما هو العذر الذي ستسوقه الأمانة وغيرها من الجهات المعنية لتبرير ما تعرضنا له من غرق وأضرار ؟" هذه العبارة رددها عدد من أهالي حي النخيل الذين إلتقتهم "المدينة"، حيث قالوا بلسان رجل واحد "نحن نسكن بصكوك نظامية وحصل لنا ما حصل من كارثة، بل أننا أكثر تضررا من الذين يتحججون بأنهم يسكنون بدون صكوك". ومايزال شبح الكارثة يخيم على كل شيء في الحي، فالمياه الراكدة لا يكاد يخلو منها شارع، الأرصفة مكسرة، والأثاث التالف منتشر في الطرقات، تشققات وهبوطات في الشارع الموازي لطريق الحرمين، سيارات تالفة على جانبي الطريق والسماسرة يكتبون عليها عبارات "نرغب بالشراء " نفايات في كل مكان وبيوت منهارة، فيما سيارات الدفاع المدني تجوب شوارع الحي لرصد المتضررين وما أكثرهم، للتأكد من أوراقهم الثبوتية تمهيدا لتعويضهم. فهد الحربي والذي يسكن بأسرته المكونة من 7 أفراد في إحدى الفلل المتضررة يقول: "لم تعد الفيلا صالحة للسكن أو البيع، فقد كان سعرها مليون وأربعمائة ريال قبل الكارثة، أما الآن فلا أحد يرغب بشرائها، رغم أننا إشتريناها بصك نظامي ووفق مخطط معتمد من قبل إدارة تخطيط المدن وأمانة جدة، وكل ذلك بسبب عدم وجود شبكة تصريف مياه أو مجرى سيل أو حتى قنوات لتصريف مياه السيول والأمطار ". ويصف الحربي حالته وأسرته بعد كارثة الأربعاء موضحا أن السيول دمرت ممتلكاته وأثاثه وسياراته الأربع، لافتا إلى أن خسائره في الأثاث فقط تقدر بخمسين ألف ريال. حالات نفسية وهستيرية حامد صالح صخيري لم يكن حاله أفضل من جاره حيث تكبد خسائر كبيرة بعد وصول إرتفاع الماء داخل فيلته إلى ثلاثة أمتار وأتلفت كامل الأثاث من كنب وأجهزة كهربائية، إضافة إلى المطبخ والحمام الذي تساقطت جدرانه بالكامل. يقول صخيري: " أنظروا ما لحق بي وأسرتي بسبب المياه المتدفقة بقوة من السد، فمياه الأمطار تجمعت أمام الباب ومن ثم تناقص منسوبها، ولكن بعد ربع ساعة كان المشهد المأساوي عندما إنهار السد حيث وغمرت المياه بيتنا بالكامل ودخلت إلى غرف النوم ودمرتها بالكامل، وأصيب كثير من نساء الحي بحالات نفسية وهستيرية قوية وأصيب من أصيب ومات من مات. إنهيار السد وراء الكارثة ويروي إبراهيم حريري ما حدث لهم يوم الكارثة، قائلا: "عدت من عملي على عجل ووصلت بكل صعوبة إلى البيت عند الساعة الثانية ظهرا، وما أن أدخلت السيارة، تدفقت المياه بقوة إثر إنهيار السد فوقعت الكارثة ". ما هي حجتهم ؟ ويضيف حسن أحمد الزهراني: "نسكن في هذا الحي بشكل نظامي، وبالتالي لا مجال لأي حجة أمام مسؤولي الأمانة وغيرها من الجهات المعنية، كما تحججوا في كارثة العام الماضي بأن ما حدث لسكان قويزة وغيرها من الأحياء الشرقية بأنهم بنوا مساكنهم في مجاري الأودية وبدون صكوك شرعية.