التغيير سنّة الحياة.. هكذا مضت الأحداث في الرياضة السعودية، وبرهنت القيادة الكريمة في المملكة على اهتمامها المتواصل بقطاع الشباب وأخذه دائمًا للأمام، ولنا وقفة مع ما قدمه سلطان الرياضة، وقراره الشجاع بالاستقالة متحمّلاً أخطاء غيره. وقد ترك سلطان الرياضة موقعه، وأبقى لشخصه في القلوب خانة بطيبة قلبه، وصدقه مع نفسه قبل الآخرين، وتسامحه الذي يدرس. الأهم من المديح والثناء ما يحدث من تغير للرياضة السعودية لا يرتبط بالأسماء، فيتعاقب القياديون، وجميعهم مخلصون ويعملون لتحقيق النجاح بكل أمانة ومسؤولية، وأتابع الأحاديث المستمرة عن الأمير نواف بن فيصل وتولّيه المهمة، ولا شك أن “أمير القانون” جدير بها، ولكني لا أهدف من الحديث تكرار المدح والثناء، فهو في غنى عنهما، وما يحتاجه حاليًّا الرأي الذي يساهم في البناء، والإعلام مطالب بأمور أهم من المديح إلى فتح حوارات ونقاشات مثمرة لمصلحة الرياضة السعودية تكشف مكامن الخلل، وتساهم في وضع المعالجات، وعلينا أن نسأل أنفسنا كإعلاميين: هل كنا نغرد وحدنا خارج السرب ونحقق النجاح؟ أم أننا جزء من المشكلة كما نفاخر دائمًا بأننا شركاء في النجاح، وعندما أقول جزء من المشكلة فإنني لا أعمم على الجميع، ولكن هناك أخطاء ارتكبتها بعض وسائل الإعلام.. قسمت، وفرّقت، ووزّعت بين اللاعبين، واختارت شعار الأندية معيارًا ومقياسًا للانتقاد أحيانًا والدفاع تارة أخرى، وانتقدت حسب الميول والأهواء. في المقابل كان للإعلام آرائه الصريحة والجريئة، ومحصلة الكلام طالما أن هناك تصحيحًا مطلوبًا ليكن على كافة الأصعدة وبشمولية. الواقع الحالي يتحدث عن أخطاء منظومة متكاملة في أكثر من جانب لن تصحح إلاّ بشمولية تعيد الحيوية والنشاط والعمل الاحترافي المنظم لهذه المنظومة المتكاملة فهي تحتاج إلى تخطيط لبناء مستقبل، وإلى دماء شابة تعمل بشكل عصري واحترافي، فهناك فرق بين الأسلوب الورقي عن التقنيات والكمبيوترات، وكما هو معروف ومعلوم أن المادة شريان الحياة، فهي في نفس الوقت شريان الحياة الرياضية ومحور تطورها وفقدانها عائق كبير تساهم في سقوطها، ولتطور كرة القدم، وكما ورد في توصيات لجنة التطوير، فإن الكرة السعودية تحتاج إلى زيادة عدد المدربين الوطنيين عشرات الأضعاف، فالعدد الحالي قليل جدًّا، كما أنهم يحتاجون منح فرص في الأندية الكبيرة ليعملوا، وليس مجرد أصحاب آراء وتنظيرات تبدأ وتنتهي في وسائل الإعلام، فهم يحتاجون لجنة في اتحاد الكرة تهتم بهم وتساهم في إيجاد مواقع عملية لهم “أندية، أكاديميات، مراكز”، وعندما نتحدث عن منظومة رياضية من الخطأ أننا نضع كرة القدم المعيار الوحيد، أمّا من يحصر الأخطاء في نتائج الأخضر فإنها تقزيم للمشكلة وحصرها في جزئية، وبالتالي يصعب حلها، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه ماذا عن المنتخب.. فشيلة الأخضر إخفاق ليس له مثيل سجله المنتخب الوطني، فمنذ أيام “جيمي هيل” و ديفيد مكاي والمنتخب الرمزي، وسبعة العراق التاريخية، ثم ثمانية ألمانيا المونديالية، جاءت الفضيحة بخماسية اليابان، وقبلها ثنائية أبناء الشام، والعودة بخفي حنين، صفر من النقاط والمستوى، وما حدث في الدوحة يتحمّله في المقام الأول المدرب الفاشل بيسيرو، الذي راح إلى هناك بمنتخب معطول ومكتوف، وغيّب لاعبين نجحوا في الخليجية أبرزهم إبراهيم غالب، وعنصر مهاري اختلف معه فأبعده “أحمد الفريدي”، والأدهى أن بيسيرو غلف رحيله بأكاذيب استمات الإعلام البرتغالي في الدفاع عنها، والعجب العجاب أن بيننا مَن يدافع عن أفشل مدربي الكرة الأرضية، ويردد أن بيسيرو مدرب كبير، وكيف يكون مدربًا كبيرًا وليس له سجل حافل، وكل ما أذكره عنه أينما ذهب طرد، وتنتهي علاقته بإلغاء العقود، تذكروا الهلال كيف ألغى عقده وهو في الصدارة لقناعة تامة بأنه مدرب فاشل، وبصريح العبارة اختياره كان خاطئًا، واستمراره خاطئ، وتوقيت مغادرته خاطئ!!. أمّا اللاعبون فليس هناك داعٍ للف والدوران والقفز فوق الحقائق ومحاولة خلق الضبابية وحجب الحقيقة الظاهرة، فهناك خلافات ومشاحنات بين اللاعبين، والإعلام لا يتحدث من فراغ، ونحن في “المدينة” نشرنا جزءًا من المعلومات عن هذه الخلافات، وحجبنا ما شعرنا أن نشره ربما يزيد في الفرقة، وما أتمناه صادقًا أن يتم التعامل مع هذه الخلافات ليس بسياسة الاحتواء، ولا النفي ولا التكذيب، ولتكن أولى مهام الجهاز الإداري باجتثاثها من أصولها، فينبغي المساواة في التعامل وحينها سيشعر كل لاعب بأن المعيار بالعطاء، وبالتالي ستهبط الخلافات إلى أدنى درجاتها، ونقاط أخرى تنهيها تمامًا، وبالمناسبة لست مع الحديث المتكرر عن اللاعبين والأموال والدلال، ولا أفضل في الحديث عن الأرزاق، وإن كنت أتفق أن بعض لاعبينا يعانون من مركب نقص جعلهم “مجعوصين”، والسبب يتحمله بعض الإداريين والإعلاميين، وبالمثال البسيط يتصل الإعلامي على اللاعب 20 مرة دون أن يرد، وباتصال واحد من اللاعب يرد الإعلامي على الفور مع عرض الخدمات مفقدًا نفسه مكانتها، ومهنته قيمتها. دور الأندية المنتخب الوطني هو حصيلة لما تقدمه الأندية، وسبق أن أشرت إلى أن المواهب باتت محدودة، والسبب أن الأندية تجاهلت الفئات السنية، وتفرغت للبحث عن الجاهز.. محترفين محليين، وأجانب، بحثًا عن البطولات الوقتية، وبودي أن أتساءل: منذ متى لم تقدم الأندية الكبيرة موهبة حقيقية يشار لها بالبنان وتستمر طويلاً؟.. نعم الاتحاد قدم هزازي للمنتخب، والهلال قدم الدوسري والعابد، وبيسيرو تكفل بتغييب موهبة إبراهيم غالب، وفي الزمن الماضي كانت الأندية تقدم النجوم وليس أسماء لا تتجاوز أصابع اليد، فضلاً عن كونها تحتاج أن تكون أساسية في فرقهم على أقل تقدير، وثمة احتياجات أخرى، والمحصلة أن الأندية شريكة في تراجع مستوى المنتخب الوطني. آخر الكلام المال + العمل المنظم + الدماء الشابة المتخصصة + التخطيط السليم = النجاح.