كشف الدكتور زهير نواب رئيس هيئة المساحة الجيولوجية السعودية بمحافظة جدة عن أن الهيئة ستقدم مقترحًا لأمانة محافظة مدينة جدة بعمل دراسة حديثة لتقييم وضع المياه الجوفية الحالية بالمحافظة تتضمن إنشاء شبكة آبار مراقبة لمنسوب المياه الجوفية، وتشمل كامل الحوض المائي للمدينة والإشراف على أعمال تلك المراقبة بشكل دوري من خلال وضع برنامج معين لها. وأوضح في تصريح ل “المدينة” أن هناك خمسة أسباب لارتفاع المياه الجوفية في أحياء شرق محافظة جدة، مبينا أن التغذية من الأمطار تعتبر أول هذه الأسباب، مشيرا إلى أن متوسط المعدّل السّنويّ العامّ للمطر في حوض مدينة جدة يصل إلى نحو 60 ملّيمتر / سنة، إضافة إلى متوسط الحجم السّنويّ المتوسّط لمعدّل سقوط الأمطار على جدة والذي يبلغ نحو 1,275,000م3، لافتا إلى أن جزءا بسيطا منه ينساب إلى داخل الأرض بسبب الكثافة السكانية والطرق الأسفلتية في المدينة. وقال: هناك أيضا التصريف من الأودية الشرقية، فمن خلال رسم الحوض المائي لمدينة جدة وتحديد اتجاهات سريان الأودية داخل حوض المياه نجد أنها تصرف ماءها نحو المدينة لا سيما في فترات سقوط الأمطار. وأضاف أن التسرب الحاصل من شبكات مياه الشرب والتي تحدث عادة من مختلف الشبكات يمثل كذلك أحد هذه الأسباب المؤدية إلى ارتفاع منسوب المياه الجوفية، وذلك نتيجة الضغط العالي في خطوط التوزيع ووجود فتحات وتكسر للمواسير، مشيرا إلى أن معدل الإمداد اليومي لمدينة جدة يبلغ حوالى 750000 م3، يوزع منه حوالى 85% خلال الشبكات، ويقدر معدل التسرب من هذه الشبكات بحوالى 15%. وزاد: من الأسباب أيضا الترشيح من حفر الصرف الصحي “البيارات”، حيث تستخدم البيارات للتّخلّص من مياه الصّرف الصحي في ظل غياب شبكات لهذا الغرض، وتغذّي بذلك التّربة والمنطقة المحيطة بها، وجزء منها كان يتم نقله بواسطة الوايتات، وتقدر كمية مياه الصرف بحوالى 85% من استهلاك الماء الكلي، أي حوالى 446250 م3 /يوم، يتسرب منها خلال البيارات حوالى 20%، أي حوالى 89250 م3/يوم. وأكد أن كل هذه القيم من الطبيعي أن تتزايد مع التوسع في المساحة السكنية وعدد السكان وهو ما يميز الأحياء الشرقية في مدينة جدة. واستطرد: كما أن الإفراط في الري يعتبر أحد هذه الأسباب، حيث تقدر المساحة الخضراء في مدينة جدة بحوالى 9300000 م2 تستهلك ما مقداره 26300 م3/يوم تقريبا، وعادة ما يتسرب جزء كبير من هذه المياه إلى داخل الأرض، لا سيما أن الري يتم ليلًا حيث يكون التبخر منخفضًا. ويضاف إلى هذه الأسباب وفقا لرئيس هيئة المساحة الجيولوجية السعودية بمحافظة جدة، التسرب من خزانات مياه الشرب الأرضية والتي عادة ما تكون خرسانية وغير كافية للاحتفاظ بالمياه بسبب وجود تشققات تساعد على تسرب المياه منها إلى باطن الأرض. وأكد د. نواب أن لهيئة المساحة الجيولوجية دورا بارزا ومهما في الرفع للجهات المعنية عن مخاطر ارتفاع منسوب المياه الجوفية في مدينة جدة من خلال عمل تقييم لها، موضحا الأسباب ومن ضمنها غياب شبكات الصرف المختلفة، مشيرا إلى أن الهيئة قامت برسم الحوض المائي لمدينة جدة موضح عليه شبكات التصريف للأودية، وتجهيز خرائط كنتورية لمستويات المياه الجوفية ولأعماقها، وكذلك لنطاق معدلات خطورتها وحساب المعدل السنوي لارتفاعها في مدينة جدة ومطار الملك عبدالعزيز الدولي، بالإضافة إلى فحص نوعية المياه الجوفية في المدينة من خلال دراسة كيميائيتها والأثر البكتيري عليها. وبيّن أن الدراسات التي أجرتها الهيئة على المياه الجوفية دلت على أن مدينة جدة تتميز بوجود ارتفاع عام في تركيزات العناصر الكيميائية الرئيسة، مشيرًا إلى أن المياه ذات التركيز العالي للكلوريدات والكبريتات لها تأثيرات سلبية على البنية التحتية في المدينة، حيث تتفاعل هذه العناصر مع مكونات الخرسانة فتسبب مع الزمن في تشققها وتفتتها، وتؤدي كذلك إلى تآكل الأسمنت وحديد التسليح. وأكد أن من أهم العوامل المؤثرة على نوعية المياه الجوفية، عملية التبخر من المياه الضحلة لمستويات “الجوفية” المرتفعة وذوبان الأملاح التبخرية الموجودة في التربة، إلى جانب الدور الذي يلعبه تداخل مياه البحر في تركيز العناصر الكيميائية، وعدم معالجة مياه الصرف التي تستخدم في ري المزروعات في معظم المواقع بالمدينة. واقترح د. نواب عدة حلول لتخفيف منسوب المياه الجوفية في أحياء شرق جدة تتمثل في الإسراع في تنفيذ شبكات الصرف الصحي، إلغاء حفر “البيارات”، شبكات تصريف مياه الأمطار والسيول وعمل صيانة دورية لها على أن يتم تطويرها لتستوعب الزيادة المتوقعة في كميات الصرف الصحي، مع الأخذ في الاعتبار توفير محطات المعالجة اللازمة والتي تستوعب كمية الصرف الصحي وآبار مراقبة لمنع التسربات منها، وإصلاح ومراقبة التسربات من الشبكات وخزانات المياه المختلفة، إضافة إلى نشر الوعي والترشيد في استهلاك المياه بين السكان.