إن روح التسوق في الخارج دائمًا ما تدعو للمتعة ولمزيج من أحاسيس الحماس والاسترخاء، إن صح التعبير، للأسف بعكس الروح والحالة المزاجية وقت التسوق في مجتمعنا السعودي: ضغوط المضايقات، ضغوط المواصلات للكثير منا حتى إن وجد للأسرة سائق، ضغوط إن كنا سنجد المحلات التجارية مفتوحة أو مغلقة. إن نظام المحلات التجارية نظام عقيم، حيث تفتح الأسواق متأخرًا حوالى الساعة العاشرة صباحًا أو أكثر، ثم تقفل صلاة الظهر، ويظل معظمها مغلقًا حتى الساعة الخامسة عصرًا أو أكثر، ثم تفتح لمدة 45 دقيقة في أيام الشتاء ثم تغلق مرة أخرى قبل أذان صلاة المغرب، ثم تفتح لساعة وزيادة وتغلق للمرة الثالثة لصلاة العشاء. إن ساعات إغلاق المحلات التجارية من صلاة الظهر حتى الساعة الخامسة عصرًا هي ساعات مهدرة، حيث إن القطاع الخاص اليوم دوامه من الساعة الثامنة حتى الساعة الخامسة في أغلب الشركات، تستطيع المرأة أن تستغل هذه الفترات لقضاء حوائجها وحوائج أسرتها، ولكن أن تنتظر حتى يأتي زوجها الساعة الخامسة ثم تخرج ليس بالمنطق، حتى وإن كان فيه توفير لرواتب الموظفين، لكنه لا يخدم طبقات المجتمع ككل، وبالأخص السيدات الأكثر تسوقًا وفئة صغارهن، أما بالنسبة للإغلاق فترة الصلاة فقد ناقشته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية ومجلس الشورى وأكدوا أهمية صلاة الجماعة، ولكن في رأيي يجب أن يعاد النظر في الطريقة والأوقات التي تغلق فيها المحلات التجارية، لقد تغير الزمن النبوي، فقد كان الناس في ذلك الوقت ينامون مبكرًا، ويستيقظون مبكرًا، وتفتح الأسواق وقت صلاة الفجر، فكانت هناك ساعات كثيرة في فترة النهار للبيع والشراء، وهذا لا ينطبق على مجتمعنا اليوم. إن واقع مجتمعنا اليوم أننا نطرد من المحلات التجارية قبل الأذان أحيانًا بعشر دقائق أو أكثر، ثم ننتظر في الشوارع والممرات لفترات قد تصل إلى ساعة إلا ربع وقت صلاة العشاء - فبعضنا يتعرض للمضايقات، والأخريات ينتظرن مع أطفال رضع أو أطفال صغار أو بترك صغارنا في المنازل لقضاء حوائجنا، فإن أردنا الانتظار في مقهى أو مطعم نجده أيضًا مغلقًا ونجد خلف الباب الزجاجي موظفين خائفين وهم يؤشرون لنا أن نأتي بعد الصلاة خوفًا من الإنذارات والتعهدات والترحيل، فلا نستطيع أن نشتري قارورة ماء ونحن ننتظر، وإن كنا في مطعم لا نستطيع أن نخرج حيث يقفل علينا بالمفتاح، وإن كان المطعم أو المقهى مفتوحًا لا نستطيع أن نحاسب، ناهيك عن معاناة الناس وبخاصة كبار السن في انتظار أن تفتح محطات البنزين، والمرضى الذين ينتظرون أمام الصيدليات وقصة مريض السكر الذي كان يحتاج للأنسولين وكاد يفقد حياته ليست ببعيدة. إن إغلاق المحلات التجارية بالإضافة إلى محطات البنزين والصيدليات لفترات طويلة وقت الصلاة فيه تأخير أيضًا للزوار المسلمين الذين يلتزمون بصلاة المسافر أي القصر والجمع، وأيضًا لغير المسلمين الذين يمثلون فئة غير قليلة، أو السيدات اللاتي ليس عليهن صلاة لعذر شرعي، ولا توجب عليهن صلاة الجماعة. بالنسبة للبائعين غير المسلمين لا أرى الحكمة من إغلاق هذه المحلات وإن إغلاقهم وقت الصلاة عبارة عن استراحة تدخين لهم، يتجمعون فيها أمام المحلات فيشعلون سجائرهم أو يعملون مكالماتهم.. إلخ، أما بالنسبة للبائعين المسلمين الذين لا يصلون فإن إغلاق المحلات للأسف أيضًا لن تجبر هؤلاء البائعين على إقامة الصلاة. أعتقد أنه يجب إما تحديد فترة الصلاة بعشر دقائق، أو عمل نظام يتناوب فيه العاملون لصلاة الجماعة، وألا تغلق المحلات التجارية لصلاة العشاء لأنه يجوز فيها التأخير إن لم يكن مستحبًا، وإن العالم الإسلامي بأجمعه يسير بهذه الطريقة. إن الله سبحانه وتعالى كرم أمة محمد بأن جُعلت للنبي صلى الله عليه وسلم الأرض مسجدًا وطهورًا. إن الصلاة هي الصلة بين الله والعبد وهي الركن الثاني من أركان الإسلام، رفع بها نبينا وشفيعنا محمد صلى الله عليه وسلم سبع سموات، من أنكرها فقد كفر بما أنزل على محمد، ولكن يجب إعادة النظر في طريقة تطبيق هذا الفرض بالترغيب لا بالتخويف، باليسر لا بالعسر، وبسلاسة لا بصعوبة، لأن الدين ليس مفصولًا عن الحياة، بل هو أسلوب حياة.