مع الفشل الذريع لمنتخبنا في بطولة آسيا الحالية، أجدني أتساءل: من الذي يصنع المنتخب؟ هل هو فرد أم جهة أم أمّة؟. جوابي الشخصي هو: الأمّة، نعم، الأمّة، فهي التي تصنعه، قطعة قطعة، أمّا الفرد والجهة فيعرضانه على العالم، فإن كانت الصناعة سليمة غطّت على خلل العرض، وإن كان في الصناعة خلل، وكذلك في العرض، فذُقْ هزائم أصنافًا وأشكالًا وألوانا!. وفي صناعة أمّتنا للمنتخب خللٌ كبير، أذكر منه البُنْية الجسدية الهزيلة التي يُولد بها اللاعب السعودي، بسبب زواج الأقارب واللون الواحد والعشيرة الواحدة، وتغذيته السيئة في طفولته، أطعمة صناعية مُشبّعة بالحوافظ والمُلوِّنات الكيماوية، ناهيكم عن وجبات ال (Junk Food)، ومدارس ساءت مُخرجاتها الرياضية كما ساءت مُخرجاتها التعليمية، لا ملاعب، ولا جدّية في الرياضة، ولا آلية لاكتشاف المواهب، بل وأدها، أمّا الجامعات فحالها ليس أفضل من المدارس إلاّ قليلا، ومرحلة زمنية للشباب لا تجنيد فيها يُكسبهم القوة والروح القتالية (هل لاحظتم قوة وروح منتخبي سوريا والأردن؟)، وأحياء سكنية حوّلت الأمانات ما فيها من مخططات ملاعب إلى مِنَحْ خاصّة، فمُورست الكرة على التراب والأسفلت، وأندية فيها سلوكيات اجتماعية مرفوضة، تخاف جُلُّ العائلات بسببها من انضمام أبنائها إليها، هذا غير التعصّب الذي يملأ جنباتها، كما فيها احتراف مزيف، ولاعبون يهملون صحّتهم، سهر وتدخين وبلوت، ورؤساء أثرياء لم ينشدوا رئاستها إلاّ لبريق الشهرة، وإعلام رياضي اختلط فيه الحابل بالنابل، فلم يعُدْ يُعرف الخبير من الخفير؟ وقنوات فضائية همّها الربح المادي، والغمز بهذا، واللمز بذاك!. هكذا خلل لا يصنع منتخبًا بطلًا ومُنافِسًا بصفة دائمة، وما حقّقناه في الماضي من بطولات كان لسوء صناعة الأمم المنافسة لنا لمنتخباتها، فلمّا حسّنت صناعتها حشرتْنا في سوقٍ كاسدة مع المنتخبات المغمورة، وفي عنق زجاجة ضيقة لن نخرج منها إلاّ بإصلاح الخلل في المصنع قبل المعرض، ولا أقول هذا دفاعًا عن فردٍ أو جهة، بل لأجل أمّة حزينة!.