شكّلت إيطاليا بصمةً واضحةً في مجال الإبداع الفني والكتابي.. فمنذ أزمان: “ليونارد دافنشي”، و“روفائيل” إلى أزمان: “دانتي”، و“بوتشيو” -رائد القصة القصيرة- ليس في إيطاليا فحسب، بل في العالم الأوروبي، فمنذ القرن الرابع عشر الميلادي كان هذا الرائد يؤسس للقصة القصيرة التي أصبحت فنًّا عالميًّا معروفًا..!! ثم تأتي أدوار “بوكاشيو” صاحب “النهارات العشرة”؛ العمل الذي صار في مائة أقصوصة يرسخ لهذا الكاتب الإيطالي.. وقريبًا من “بوكاشيو” “بترارك” في شعره الغنائي، ثم جهود “منزوني”، و“ليوبردي”، والشاعر “كرد وتشي”، ثم “كروتشيه” فيلسوف الجمال.. وأخيرًا وليس آخرًا “البرتومورافيا”، و“لوديجي بيرندلو” اللذين مثّلا مرحلة مع وما بعد الحرب العالمية الثانية؛ حيث كان انهزام إيطاليا ضمن دول المحور مع ألمانيا واليابان قد أثّر على الحركة الإبداعية فنّيًّا وكتابيًّا.. مع أن إيطاليا بلد فني “artista”، واللغة الإيطالية من أعذب اللغات مع الفرنسية، وأكثر اللغات بساطة وإيجازًا.. وإن نظرة سريعة على القاموس الإيطالي (Dizionario) لتؤكد على عفوية اللغة الإيطالية وإيجازها، وكان من الممكن أن تنافس الفرنسية في مجال الفنيات، وظهور المدارس الأدبية والفنية بما فيها التشكيلية، فقد كانت إيطاليا ومازالت مهدًا ل“الفن التشكيلي”؛ خاصة وأن الإيطالية والفرنسية والإسبانية تنحدر من أصل واحد، وتتقارب في ألفاظها ودلالتها.. لا عجب أن يظهر الإبداع الإيطالي على خارطة الإبداع العالمي كتابيًّا وتشكيليًّا؛ لأن الإيطاليين فنانون، ولغتهم عذبة ومرهفة تتناسب والفنون.