عندما تطالب جهة حكومية المواطن بالالتزام بتعليماتها وأنظمتها، فذلك حق لها. وعندما تتخذ إجراءات عقابية بحق المخالفين بإصدار غرامات مالية جزائية، فذلك أيضاً حق لها، وعندما تستخدم التقنية لضبط الناكصين عن أمرها فذلك أيضاً حق لها. لكن في المقابل لا بد لتلك الجهات إياها أن تكون وفية في المقابل للمواطن خاصة ذلك الذي يلتزم بأمرها ولا يخالف إرشاداتها وتعليماتها.. عليها أن تشعر بالأذى الذي يلحق بالمواطن جراء تقصيرها في أداء واجباتها المفروضة عليها، والشعور بالأذى يتبعه شعور بالغبن وربما الإحباط والقهر. ولأضرب لذلك بمثلين: الأول إدارات المرور، والتي لجأت بعد طول صبر إلى الحبال، فكانت آلية (ساهر) لضبط أهم المخالفات المرورية. وكان من المتوقع أن يوفر (ساهر) كثيرًا من الوقت لمنسوبي المرور لأداء المهام الأخرى المطلوبة منهم، لكن يبدو أن البيروقراطية لا زالت سائدة إلى حد كبير. وكنت في المدينةالمنورة قبل أسبوعين متجهاً إلى جدة عبر الدوار الكبير المتربع فوق الخط السريع الذي تنطلق منه الاتجاهات المختلفة إلى تبوك ومكة وغيرها. عند الدوار مكثت 40 دقيقة بسبب (لعبكة) مرورية كانت ستُحل في دقائق قليلة لو أن رجلي مرور أدارا الأزمة التي هي في النهاية حصيلة ثقافتنا المرورية المتخلفة. واضح أن مرور المدينة نائم في العسل. ومثال آخر أمانات المدن التي تطالب المواطن بالحفاظ على نظافة الشوارع مستعينة بآلية عقوبة جديدة قوامها 150 ريالاً لمن ضُبط مخالفا. وذلك حسن وجيد. لكن الأجود حتماً لو أن الأمانة ضربت نموذجاً، فحافظت هي الأخرى على وضع حاويات النظافة أنيقة تتسع لقمامة الحي الذي تخدمه، بدلاً من أن تفيض على نحو مخيف يجعل منها مبعثرات تعبث فيها القطط والفئران والحشرات. وصيانة الأمانة تحتاج هي الأخرى إلى صيانة، فهذه عملية إصلاح لأنوار شارع جانبي في حي السليمانية تسبقها عملية تكسير بشعة لرصيفين جميلين. وبالرغم من مرور شهرين كاملين على العملية العشوائية، فإن الوضع ما زال حتى الساعة قبيحاً رديئاً مشوهاً للشارع مثيراً للسخط دافعاً للإحباط. يا جماعة كونوا نماذج مضيئة.. لا شمعات باهتة. [email protected]