من حسن الحظ أن ندوة “البيئة التشريعية والتنظيمية للعمل الجزئي والعمل عن بعد للمرأة في المملكة العربية السعودية”، التي نظمها “كرسي بحث المرأة السعودية ودورها في تنمية المجتمع بجامعة الملك سعود”، بالتعاون مع مجلس الغرف الصناعي، تم عقدها بعد منتدى (واقعية مشاركة المرأة في التنمية الوطنية) بأسبوعين تقريبًا فأثلج الصدور بالانعقاد وبأوراق العمل البحثية العلمية وليس آراء تقدم على أنها حقائق كما في منتدى جدة، وتعتسف التوصيات كي تجيء وفق محاوره ويتم الاعتماد على تصويت فوري (لقضايا محورية) يشبه تصويت بعض القنوات الفضائية الغنائية!! ويقال لاحقًا إن الحضور ألف امرأة شاركن بالرأي!!! •• عود على أهداف ندوة (البيئة التشريعية والتنظيمية للعمل الجزئي والعمل عن بعد للمرأة في المملكة العربية السعودية) وكما ذكرتها الدكتورة نوره عبدالله العدوان المشرفة على الكرسي بجامعة الملك: إن الندوة تهدف إلى تنظيم مجالات بيئة العمل عن بعد، ومناقشة الآليات التشريعية لعمل المرأة بنظام العمل الجزئي والعمل عن بعد، وصولًا لتطوير بيئة وأنظمة وتشريعات عمل المرأة في المملكة، الأمر الذي يؤسس لأنظمة عمل مرنة تتوافق مع دورها في المجال الأسري. وأكدت أن الندوة سعت إلى تأسيس اللوائح التنظيمية والتشريعية لتطبيق نظام العمل المرن، وتبني سياسات تشغيل متطورة ومرنة من شأنها تشجيع تطبيق أسلوب العمل الجزئي والعمل عن بعد في المجالات الملائمة، وتطبيق مفهوم العمل عن بعد بشكل أوسع في القطاعين الحكومي والخاص، الأمر الذي يعزز الاستقرار النفسي والاجتماعي والاقتصادي للمرأة والأسرة، ويساعد المرأة في المملكة على أداء أدوارها في المجال الخاص في الوقت الذي تستفيد فيه من فرص العمل المتاحة عن طريق العمل عن بعد والعمل الجزئي. وعبرت صاحبة السمو الملكي الأميرة موضي بنت خالد بن عبدالعزيز، عن سعادتها بموضوع الندوة الذي يتناول عمل المرأة عن بعد بصفته موضوعًا ًشائقًا بالنسبة لها، وذكرت (أنَّ ذلك من صميم عملي ونشاطي اليومي في جمعية النهضة النسائية، فعمل المرأة ليس ترفًا بل ضرورة حياة ووجود، وأضافت قائلة: ليكن همنا مساعدة المرأة على الحصول على عمل، ومنها العمل عن بعد، فهذا الهدف إذا تحقق تحققت حماية المجتمع فعلينا بكل الطرق المتاحة أن نعمل لسد هذا الثغر، فتحقيق العمل للمرأة الباحثة يعد حلًا لمشكلة اجتماعية ملحة، ولتحقيقه لا بد من إيجاد أنظمة وقوانين تحمي المرأة العاملة، وتوفر لها البيئة الموائمة للعمل وتتناسب مع تعاليمنا الدينية، فعلينا أن نسرع في حل هذه المعضلة بكل الطرق المتاحة وكل حسب قدرته وإمكانيته). ورغم أهمية جميع الأوراق العلمية التي نوقشت إلا أني سأتوقف عند دراسة (التجارب الدولية لنظام العمل عن بعد والعمل الجزئي) للباحثة منيرة بنت محمد العسيري، التي ذكرت أنَّ من أبرز الدوافع للعمل عن بعد والعمل الجزئي: مشكلة البطالة، فكثير من الدول التي مرت بأزمة اقتصادية اتخذت العمل الجزئي والعمل عن بعد حلًا لمعضلة البطالة، ومن الدوافع أيضًا: أنها حل مناسب للازدحام المروري والتلوث البيئي. وأشارت إلى أبرز التجارب الدولية في العمل الجزئي والعمل عن بعد (تجربة الولاياتالمتحدةالأمريكية) في تبني سياسة أنظمة العمل عن بعد، حيث تعد الولاياتالمتحدة من أول الدول التي وجدت فيها تنظيمات وقوانين للعمل عن بعد على المستوى الحكومي في عام 2004م، أما في العمل الجزئي تعتبر هولندا أنموذجًا لدول الاتحاد الأوروبي، ومن التجارب العربية: تجربة دولة الإمارات العربية في تنظيمها للعمل الجزئي، وذلك في لائحة تنفيذية صدرت عام 2008م. هذه المعلومات المهمة توضح أن جميع من لديهم إصرار على أن القضاء على بطالة النساء لن تتم الا إذا عملن في بيئة مختلطة بالذكور نتوقع منهم أن يعيدوا النظر في آليات معالجتهم لقضايا التوظيف أو مشاركة المرأة في التنمية!! وكما ذكر سابقًا في احدى أوراق منتدى جدة الاقتصادي في عام 1426 ه 2006م أن (الحائط الزجاجي والسقف الحجري.. معوقات أمام تطور المرأة في سوق العمل). هذا العنوان يعني بالحائط الزجاجي منع الاختلاط والسقف الحجري عدم حصولها على مراتب علىا أو وزارات!! وهذا يفسر محتوى التوصيات الصادرة من منتدى مركز السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها لهذا العام. لنسال أنفسنا: هل (الحائط الزجاجي والسقف الإسمنتي) هما من أهم معوقات عمل المرأة في مجتمعنا السعودي المسلم الذي لديه قرار ملكي بمنع الاختلاط في مواقع العمل. قرار مبني على شريعتنا التي تمنع اختلاط النساء بالرجال. أما من يتعلل بالمستشفيات فتلك ضرورة ولكن مواقع العمل الأخرى أو الجامعات أو سواها فليس هناك ضرورة وتطبيق شريعتنا أهم لدينا من رضا الغرب الذي نستعين به في هذه المنتديات. فنحن نرحب بأن نستورد منهم التقنية والعلم والمعرفة ولكن نرفض أن نستورد قيمهم أو رؤيتهم نحو (الاختلاط) واعتبار أن إبقاء النساء في مواقع منفصلة عن الرجال هو (إقصاء لهن) أو (تمييز) ضدهن كما هي في بنود اتفاقية (السيداو) التي ناقشتها في المقالة السابقة. •• معوقات عمل المرأة لا ترتبط بأن تعمل في أي بيئة!! بل ترتبط بتوفير التدريب والتأهيل والسلم الوظيفي والضمانات المالية لها وليس (عدم اختلاطها بالرجال). وهذا ما أكدت علىه توصيات ندوة كرسي المرأة ندوة” البيئة التشريعية والتنظيمية للعمل الجزئي والعمل عن بعد للمرأة في المملكة” جزاهن الله ألف خير علىها. يتبع.. • أكاديمية وكاتبة [email protected]