لكلّ مشروع موقع، وكلّ موقع مُحاط بسُور مؤقّت له بوّابة برافعة للدخول والخروج، وفي الداخل مكتب للمقاول، وآخر للاستشاري! فإن رأيتَ مدير كلّ مكتب، ومهندسيه، ومساعدي مهندسيه، ومُراقبيه، ومُحاسبيه، وسكرتيريه، وعامليه للشاي والقهوة، إضافةً لعُمّال المشروع مِن مسّاحين، ومُشغّلي معدّات، وفنّيي تُرْبة، ونجّارين، وحدّادين، واختصاصيي مختبر، وسبّاكين، وكهربائيين، ومُليِّسِين، ومُبلِّطين، ودهّانين، ومندوبي شركات المواد، ووووووو، هم غير سعوديين، باستثناء حارس البوّابة، فاعرف فورًا أنك في مشروع سعودي!!! ولو سألتَ مدير الجهة التابع لها المشروع، وهو بالطبع سعودي أبًا عن (66) جَدْ، عن سبب غياب السعوديين عن وظائف المشروع؟! فسيُجيبك: في الحقيقة أشكرك على زيارتك، وأشيد بغيرتك الوطنية على أبناء بلدك، وإنّ جهتي بتوجيه من المسؤول (للمشروعات الحكومية) أو من الشيخ فُلان (للمشروعات الخاصّة)، حريصة على سعودة وظائف المشروع، وقد خصّصْنا بندًا (ما يُخُرِّش مُويه) في عقد المشروع يُلْزِم المقاول والاستشاري بالسعودة، والعمل جار فيها على قدمين وساقين! وتخرج من الموقع وأنتَ (مَدْوُوشْ)، فإن كانت السعودة على قدميْن وساقيْن تمخّضت عن.. لا سعودة، فكيف ستكون إن كانت على قدمٍ وساقٍ واحدة؟! وتزداد (دُوشَتَك) عندما تعلم أنّ عاقبة احتكار الوافدين لوظائف المشروعات هي ليست فقط بطالة للسعوديين في بلدهم، وهجرة تحويلات الوافدين المليارية إلى الخارج، بل معها حرمان السعوديين من خبرة البناء الميدانية التي استحوذ عليها الوافدون وحدهم! هذه الخبرة، هي أغلى وأشرف أرزاق المشروعات السعودية، وقد طارت بها الطيور الوافدة، فمتى تحطّ في أعشاش السعوديين؟ ومتى نبني حضارتنا بأيدينا كما بأموالنا؟ تساؤلات لمجلس الشورى، ووزير الخدمة المدنية، ووزير العمل، ومحافظ المؤسسة العامّة للتدريب التقني والمهني، والغرف التجارية، وكلّ من يهمّه الأمر في بلدي.. آه يا بلدي! التوقيع: مهندس (مَدْوُوشْ)..!