سبحانك ربنا لقد خلقت الموت لتقهر به عبادك، ولا يملكون إزاءه سوى الاستسلام، فما من يوم يمضي إلا وكل واحد يودع حبيباً أو حبيبة، فنسألك اللهم الثبات في الأمر كله، ونستعين بالله جلت قدرته لنكون من أهل الصبر والسلوان. ومما يحز في النفس أن سير الراحلين تكون في أوجها أيام ما بعد الممات ثم تكون نسياً منسياً وخصوصاً في الأجيال الجديدة التي لا تعرف إلا القليل عن نفر قليل، ونحن إذ ودعنا الشيخ أحمد زيدان إلى مثواه.. لنسأل الله أن يرحمه ويوسع مدخله وينزل على قبره الضياء والنور والفسحة والسرور وأن يغفر له مغفرة جامعة تمحو سالف أوزاره وأن يجعله من الوجوه الضاحكة المستبشرة بلقاء الله تعالى. كما أسأله أن يجعل لباسه السندس الأخضر، إنا لله وإنا إليه راجعون وإنا إلى ربنا لمنقلبون. اصبر لكل مصيبة وتجلد واعلم بأن الأمر غير مخلد وإذا ذكرت مصيبة تشجى لها فاذكر مصيبك بالنبي محمد وقد بدأ ذلك العلم المرفوع الهامة -رحمه الله- عمله الوظيفي مع والدي -رحمه الله تعالى- عام 1350ه، وكان معهم شقيقه الأكبر العم حسن زيدان -رحمه الله- والد الدكتورة الفاضلة سميرة زيدان أستاذة الطب البديل بجامعة أم القرى بمكةالمكرمة، وذلك مع بداية دخول الأجهزة اللاسلكية إلى المملكة العربية السعودية، وكان فني برقيات من الدرجة الأولى في لاسلكي مكةالمكرمة ومن أوائل من تعلم اللغة الإنجليزية للعمل البرقي، ثم انتقل إلى الرياض في عهد الملك عبدالعزيز آل سعود -طيب الله ثراه- وسافر عدة سفرات في الحقبة الملكية مسؤولاً عن البرقيات والشنطة اللاسلكية وحصد في ذلك خبرة ميدانية عجيبة وتقلد منصب مدير اللاسلكي في السبعينيات الهجرية، ثم تنقل في عدة وظائف في وزارة المواصلات قبل نشأة وزارة البرق والبريد والهاتف حتى وصل إلى وكيل المواصلات لشؤون البرق والبريد والهاتف قبل تقاعده، وذلك حين كان وزير المواصلات المرحوم معالي الشيخ محمد عمر توفيق، وما أدراك ما مدرسة المرحوم محمد عمر توفيق الذي كان في ذاته مدرسة من مدارس الحياة واستفاد منه ومن خلقه وأدبه الرفيع كل من عمل معه وكان المرحوم الشيخ أحمد زيدان من خيرة الرجال الذين خدموا دينهم ومليكهم ووطنهم بكل همة وإخلاص بل ويعد من الرجال الذين أسهموا بجد في تطوير الخدمات البرقية في بلادنا العزيزة ولا نستطيع في هذه العجالة أن نفي حق هذا الرجل الذي مضى إلى ما قدم -نسأل الله تعالى- أن يبارك في أبنائه وبناته وأن يجعلهم خير خلف لخير سلف وأتمنى على أخينا المهندس محمد أحمد زيدان الذي تختزن ذاكرته وإخوانه الكثير من المواقف والطُرف التي ذكرها لهم المرحوم في حياته مع بداية فترة التأسيس لهذا الكيان الشامخ أن تجمع في كتاب يستفيد منه طلاب المعرفة والتاريخ لأن في كتاباته كشاهد عصر ما يشير إلى كيف كنا وكيف أصبحنا بفضل الله تعالى وطن يسابق الزمن في التطوير والتحديث وضع لبناته رجال مخلصون ليس لهم منا سوى الدعاء بالمغفرة والرضوان وأن يفسح الله قبورهم ويجعلها روضة من رياض الجنة.. رحم الله فقيدنا العزيز وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً، إنا لله وإنا إليه راجعون. *وكيل وزارة الحج