تنطوي الأيام والسنون كسحابة صيف أمطرت الأرض بخيراتها، ثم تلاشت في الفضاء ورحلت. نعم إنه عام مضى وانتهى وارتحل، وذهب بخيره وشره، وأفراحه ومسراته، وأحزانه وآلامه، من دون أن نشعر ونستشعر بمروره وانقضائه. فالسعيد هنا مَن تلوّح يداه مودعًا ذلك العام المنصرم بكل فرح وسرور، والعكس هنا لمن خفقت يداه، وأصبحتا تلوحان بالتمني والخسران. ومن هنا يجب أن لا نفكر بالأمس وما فيه، ولا بالذكريات التي تعيدنا للماضي، حتى لا تسرح أحلامنا في المنال البعيد، بل يجب علينا فعل كل شيء يؤوي إلى درب النجاح والفلاح، فقد نتعلم من أخطائنا، تجاربنا، أحلامنا، أمانينا تجاه شيء ما، وقد ندرك بأن هذا الاكتشاف سيبقى لنا طيلة حياتنا، نحن في ذواتنا نمتلك الشيء الكثير من النجاحات الفعلية والكامنة. فالكيان البشري له القدرة الفائقة على بناء الأساطير، وهضم وصقل التجارب، وبناء وتشييد المستحيل، فمن الطبيعي أن تصادف أشواكًا في طريقك، ولكنك بالنهاية تستطيع إزالتها بالصبر والمثابرة، وأخص بالذكر هنا أولئك الذين لازالوا يقرعون بوابة المستقبل والعمل والنجاح، للخروج من مأوى الظلام إلى نور العطاء والإنجاز، وحتى نكون من المقربين للخالق جل في علاه يجب أن نطلب رضاه، فهو الكاشف للضر ، والمسير للأمور، عوضًا عن رمي أصابع الاتهام الى مؤسسات التوظيف ووزارات العمل المعنية بذلك، وإن كانت مثل هذه الأمور بالنسبة للبعض لا أهمية لها، ولا تعني لهم الشيء الكثير الذي نقطع دابر الوقت ثرثرة عنها، أو نبسط مساحات السطور لها، فالصبر والاحتساب يكون في الغالب مقرونًا بصفحة الفرج، فإن لم تتوفر لدينا هذه الخاصية فلا نتهاوى إلى دائرة تحطيم النفس والذات، بل الإصرار واستعادة ابتسامة الحياة فهي الحل الحقيقي لمثل هذه الأزمات، بالمقابل فإن مسايرة الأيام تكون باقتناء ثوب جديد مليء بالتفاؤل والطموح، ولنقتن ورقة بيضاء ومرسمًا حتى نخط لأنفسنا طريق النجاح والتفاؤل، مستبشرين بإطلالة هذا العام الجديد، وما قد يكتبه الله لنا من خير نعمله، ونؤمن به للحاضر وللمستقبل. بمزيد من العطاءات المشرقة. والله المستعان.. فيصل سعيد العروي - المدينة المنورة