ماذا أقول ؟ ماذا أكتب ؟ عجز لساني وعجزت يدي، وعجز قبلهما دماغي الصغير عن أي نشاط حين داهمني ذاك الشعور. حقيقة إنها صدمة مع كونها خافية وآثارها جلية، وقد أكون مبالغًا في وصف ذلك الشعور، لكن أترك لكم الحكم! كيف كانت تصوراتنا في مرحلة الطفولة عن الحياة بشكل عام، أترك القارئ الكريم لينطلق بماضيه و ذكرياته. فجأة. تخيلت نفسي وهمًا في هذا الكون ! لقد عاش كاتب هذه السطور المراحل الأولى من عمره- كغيره من أقرانه بأمل وتفاؤل عن مستقبل واعد ومشرق. عزّزَت هذا الشعور الكثير من الوسائل، منها براءة الطفولة، والدلال، وتلبية بعض الطلبات {بعض} من قبل الوالدين. كانت الحياة بالنسبة لي كطفل – هذا ما صورته وعزّزَته لدي الرسوم المتحركة – بلا مشكلات، بلا أوجاع، ولا هواء متلوث، ولا مشاكل في الطقس أو في البيئة عمومًا. كانت الحياة – كما في الرسوم المتحركة - مجموعة بسيطة من الحيوانات تجوب الغاب منذ الصباح الباكر، إضافة إلى وجود الفلاح المثابر الحامل فأسه متجها إلى حقله ! منتهى البساطة ورقة الشعور مع اجتماع القناعة لدى هذا الإنسان البسيط. كلها معان بدأت مع الكبر تتلاشى ! كلما كبرنا كلما اتضحت خيوط ومعالم الحياة وانكشف غموضها، ترى ما الذي عزز وجود الصدمة، وحال بين الانسجام بين مرحلة الطفولة ومرحلة الرشد، وقوّى من الهوة بينهما. من المؤكد أنها عوامل عديدة. لكن قد يستغرب البعض أن الرسوم المتحركة قد تكون أحد هذه العوامل- مع كونها هادفة – إلا أنها تتخطى حدود المثالية مراعية سن الأطفال، لكن في نفس الوقت ينسى معدوها ومصمموها أن مشاهدها تبقى عالقة في أذهان الأطفال. في الوقت الذي لا يزال الشعور بالصدمة يراودني حتى الآن، فأنا مازلت ألجأ للرسوم المتحركة القديمة جدًا كي أعيد تعزيز ذاك الشعور المليء بالتفاؤل، ولكي أعود أكثر انتعاشًا للحياة الواقعية البعيدة كل البعد عما تصوره تلك الأفلام والرسوم ولكي تبقيني داخل أحلامي وأوهامي. أتمنى لو أضيفت للرسوم المتحركة البعض من مشكلات الحياة البسيطة – غير المعقدة – أقصد بذلك واقع الحياة وتكون ذات أهداف تربوية حتى لا يفاجأ الناشئة و يصدموا بحياة الواقع ووحوشها. فلو ناقشت الرسوم على سبيل المثال مشاكل إيجارات المنازل، وارتفاع أسعار الخضروات من الممكن أن تؤدي لنتائج مرجوة ذات أثر نفسي عميق على الكبير قبل الصغير ! أخشى ما أخشاه أن يستيقظ النشء على عالم يرى أنه كذب X كذب، ويوقن أنه في الحقيقة يعيش واقعًا يبعد كل البعد عن الواقع، هل فهمتم شيئا؟ اسامة محمد يوسف -المدينة المنورة